responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 272
وَهُوَ الْإِمْسَاكُ لِلَّهِ تَعَالَى فِي وَقْتِهِ طَاعَةً وَقُرْبَةً قَبِيحٌ بِوَصْفِهِ وَهُوَ الْإِعْرَاضُ عَنْ الضِّيَافَةِ الْمَوْضُوعَةِ فِي هَذَا الْوَقْتِ بِالصَّوْمِ فَلَمْ تَنْقَلِبْ الطَّاعَةُ مَعْصِيَةً بَلْ هُوَ طَاعَةٌ انْضَمَّ إلَيْهَا وَصْفٌ هُوَ مَعْصِيَةٌ أَلَا تَرَى أَنَّ الصَّوْمَ يَقُومُ بِالْوَقْتِ وَلَا فَسَادَ فِيهِ وَالنَّهْيُ يَتَعَلَّقُ بِوَصْفِهِ وَهُوَ أَنَّهُ يَوْمُ عِيدٍ فَصَارَ فَاسِدًا وَمَعْنَى الْفَاسِدِ مَا هُوَ غَيْرُ مَشْرُوعٍ بِوَصْفِهِ مِثْلُ الْفَاسِدِ مِنْ الْجَوَاهِرِ وَبَيَانُهُ عَلَى وَجْهٍ يُعْقَلُ أَنَّ النَّاسَ أَضْيَافُ اللَّهِ تَعَالَى يَوْمَ الْعِيدِ وَالْمُتَنَاوَلُ مِنْ جِنْسِ الشَّهَوَاتِ بِأَصْلِهِ طَيِّبٌ بِوَصْفِهِ فَصَارَ تَرْكُهُ طَاعَةً بِأَصْلِهِ مَعْصِيَةً بِوَصْفِهِ عَلَى مِثَالِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى بَقَاءِ الْمَشْرُوعِيَّةِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ لِلْمُتَمَتِّعِ أَنْ يَصُومَ صَوْمَ الْمُتْعَةِ فِيهَا فِي أَظْهَرِ أَقْوَالِهِ كَذَا فِي الْأَسْرَارِ (وَهُوَ الْإِمْسَاكُ) أَيْ أَصْلُ الصَّوْمِ الْإِمْسَاكُ لِلَّهِ تَعَالَى (فِي وَقْتِهِ) عَلَى سَبِيلِ الطَّاعَةِ وَالْقُرْبَةِ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ طَاعَةً لِتَنَاوُلِ الْفَرْضِ مِنْهُ لِأَنَّ الطَّاعَةَ اسْمٌ لِفِعْلٍ عُمِلَ بِأَمْرٍ آخَرَ إذَا قَصَدَ الْفَاعِلُ جَعْلَهُ لِلْأَمْرِ فَإِنَّ الْفِعْلَ وَإِنْ وُجِدَ لَا يَسْتَحِقُّ اسْمَ الطَّاعَةِ مَا لَمْ يُوجَدْ هُنَاكَ أَمْرٌ كَذَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْمُعِينِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ قُرْبَةً لِتَنَاوُلِ النَّفْلِ لِأَنَّهَا اسْمٌ لِكُلِّ مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَصَارَ التَّقْدِيرُ أَصْلُ الصَّوْمِ الْإِمْسَاكُ لِلَّهِ تَعَالَى طَاعَةً إنْ وُجِدَ الْأَمْرُ كَصَوْمِ رَمَضَانَ، وَقُرْبَةً إنْ لَمْ يُوجَدْ كَصَوْمِ أَيَّامِ الْبِيضِ وَغَيْرِهَا وَهَهُنَا إنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ الْإِمْسَاكُ عَلَى سَبِيلِ الطَّاعَةِ فَقَدْ يَتَحَقَّقُ عَلَى سَبِيلِ الْقُرْبَةِ فَكَانَ مَشْرُوعًا وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَرَادُفًا وَهُوَ الْأَظْهَرُ ثُمَّ لَمَّا عُرِفَ بِدَلَالَةِ الْعَقْلِ وَالشَّرْعِ أَنَّ مِثْلَ هَذَا الْمَشْرُوعِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَنْهِيًّا عَنْهُ لِذَاتِهِ كَانَ النَّهْيُ لِغَيْرِهِ لَا مَحَالَةَ لَكِنَّ ذَلِكَ الْغَيْرَ قَامَ بِهِ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ فَصَارَ كَالْوَصْفِ لَهُ بِحَيْثُ لَا تَصَوُّرَ لِوُجُودِ ذَلِكَ الْغَيْرِ إلَّا بِالصَّوْمِ فَصَارَ قَبِيحًا بِوَصْفِهِ ثُمَّ ذَلِكَ الْغَيْرُ تَرْكُ الْإِجَابَةِ وَالْإِعْرَاضُ عَنْ الضِّيَافَةِ الْمَوْضُوعَةِ فِي هَذَا الْوَقْتِ بِالصَّوْمِ وَإِنَّمَا قُيِّدَ بِالصَّوْمِ لِأَنَّ الْإِعْرَاضَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِهِ وَالدَّلِيلُ عَلَى الْمُغَايِرَةِ تَصَوُّرُ الصَّوْمِ بِدُونِ الْإِعْرَاضِ وَكَفَى لِثُبُوتِ الْمُغَايِرَةِ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ تَصَوُّرُ وُجُودِ أَحَدِهِمَا بِدُونِ صَاحِبِهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الشَّيْخُ بِقَوْلِهِ بَلْ هُوَ طَاعَةٌ أَيْ الصَّوْمُ فِي هَذَا الْوَقْتِ طَاعَةٌ انْضَمَّ إلَيْهِ وَصْفٌ هُوَ مَعْصِيَةٌ.
وَقَوْلُهُ فَلَمْ يَنْقَلِبْ الطَّاعَةُ مَعْصِيَةً مَعْنَاهُ أَنَّ بِحُدُوثِ هَذَا الْوَصْفِ أَوْ بِوُرُودِ النَّهْيِ لَمْ يَنْقَلِبْ الصَّوْمُ الَّذِي هُوَ طَاعَةٌ مَعْصِيَةً بَلْ هُوَ طَاعَةٌ انْضَمَّ إلَيْهِ وَصْفٌ هُوَ مَعْصِيَةٌ وَهُوَ الْإِعْرَاضُ ثُمَّ اسْتَوْضَحَ مَا ذَكَرَ بِقَوْلِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ الصَّوْمَ يَقُومُ بِالْوَقْتِ أَيْ يُوجَدُ بِهِ لِأَنَّهُ مِعْيَارٌ وَلَا يُتَصَوَّرُ الصَّوْمُ بِدُونِهِ وَلَا فَسَادَ فِيهِ أَيْ فِي نَفْسِ الْوَقْتِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ النَّهْيُ بِالصَّوْمِ بِاعْتِبَارِ نَفْسِ الْوَقْتِ أَيْضًا.
وَالنَّهْيُ يَتَعَلَّقُ بِوَصْفِهِ أَيْ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالصَّوْمِ بِاعْتِبَارِ وَصْفِ الْوَقْتِ وَهُوَ أَنَّهُ يَوْمُ عِيدٍ، وَالْمُتَّصِلُ بِالْوَقْتِ كَالْمُتَّصِلِ بِالصَّوْمِ لِأَنَّهُ يَقُومُ بِهِ فَأَوْجَبَ فَسَادَ الصَّوْمِ وَبَقِيَ أَصْلُ الصَّوْمِ مَشْرُوعًا.
قَوْلُهُ (مِثْلُ الْفَاسِدِ مِنْ الْجَوَاهِرِ) الْجَوْهَرُ مُعَرَّبُ " كوهر " وَالْمُرَادُ مِنْهُ هَهُنَا مَا هُوَ الْمَفْهُومُ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ يُقَالُ لُؤْلُؤَةٌ فَاسِدَةٌ إذَا بَقِيَ أَصْلُهَا وَذَهَبَ لَمَعَانُهَا وَبَيَاضُهَا وَاصْفَرَّتْ وَكَذَا يُقَالُ لَحْمٌ فَاسِدٌ إذَا بَقِيَ أَصْلُهُ وَلَمْ يَبْقَ مُنْتَفَعًا بِهِ فَكَذَا الْمُرَادُ مِنْ الْفَاسِدِ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ مَا هُوَ مَشْرُوعٌ بِأَصْلِهِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ بِوَصْفِهِ.
قَوْلُهُ (وَبَيَانُهُ) أَيْ بَيَانُ كَوْنِ الصَّوْمِ مَشْرُوعًا بِأَصْلِهِ غَيْرَ مَشْرُوعٍ بِوَصْفِهِ (عَلَى وَجْهٍ يُعْقَلُ) أَيْ عَلَى طَرِيقٍ يُدْرَكُ بِالْعَقْلِ يَعْنِي عَلَى وَجْهِ التَّحْقِيقِ أَنَّ النَّاسَ أَضْيَافُ اللَّهِ تَعَالَى يَوْمَ الْعِيدِ بِلُحُومِ الْقَرَابِينِ وَتَوْسِعَةِ النَّعَمِ (وَالْمُتَنَاوَلُ مِنْ جِنْسِ الشَّهَوَاتِ بِأَصْلِهِ) لِأَنَّهُ مِمَّا تَشْتَهِيهِ النَّفْسُ وَتَرْغَبُ فِيهِ (طَيِّبٌ بِوَصْفِهِ) لِكَوْنِهِ ضِيَافَةَ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنَّمَا وَصَفَهُ بِالطَّيِّبِ لِاسْتِوَاءِ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ وَالْهَاشِمِيِّ فِيهِ بِخِلَافِ الصَّدَقَةِ (فَكَانَ تَرْكُهُ) أَيْ تَرْكُ الْمُتَنَاوِلِ (طَاعَةً بِأَصْلِهِ) أَيْ بِالنَّظَرِ إلَى أَصْلِ الْمُتَنَاوِلِ فَإِنَّهُ كَفَّ النَّفْسَ عَمَّا تَشْتَهِيهِ وَهُوَ طَاعَةٌ بِوَصْفِهِ أَيْ هَذَا التَّرْكُ مَعْصِيَةٌ بِالنَّظَرِ إلَى وَصْفِ الْمُتَنَاوِلِ لِأَنَّهُ تَرْكُ ضِيَافَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ مَعْصِيَةٌ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 272
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست