responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 249
مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مُوَسَّعًا يَسَعُ تَأْخِيرَهُ عَنْ الْعَامِ الْأَوَّلِ وَقَالَ الْكَرْخِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ مَشَايِخِنَا إنَّ هَذَا يَرْجِعُ إلَى أَنَّ الْأَمْرَ الْمُطْلَقَ عَنْ الْوَقْتِ يُوجِبُ الْفَوْرَ أَمْ لَا مِثْلَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ وَصَدَقَةِ الْفِطْرِ وَالْعُشْرِ وَالنَّذْرِ بِالصَّدَقَةِ الْمُطْلَقَةِ فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ عَلَى الْفَوْرِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى التَّرَاخِي فَكَذَلِكَ الْحَجُّ فَأَمَّا تَعَيُّنُ الْوَقْتِ فَلَا.
وَاَلَّذِي عَلَيْهِ عَامَّةُ مَشَايِخِنَا أَنَّ الْأَمْرَ الْمُطْلَقَ لَا يُوجِبُ الْفَوْرَ بِلَا خِلَافٍ فَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْحَجِّ فَمَسْأَلَةٌ مُبْتَدَأَةٌ فَذَهَبَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي ذَلِكَ أَنَّ الْحَجَّ فَرْضُ الْعُمْرِ بِلَا خِلَافٍ إلَّا أَنَّهُ لَا يَتَأَدَّى فِي كُلِّ عَامٍ إلَّا فِي وَقْتٍ خَاصٍّ فَيَكُونُ وَقْتُهُ نَوْعًا مِنْ أَنْوَاعِ أَشْهُرِ الْحَجِّ فِي عُمْرِهِ وَإِلَيْهِ تَعْيِينُهُ كَصَوْمِ الْقَضَاءِ وَقْتُهُ النُّهُرُ دُونَ اللَّيَالِي وَإِلَى الْعَبْدِ تَعْيِينُهُ فَلَا يَتَعَيَّنُ الَّذِي يَلِيهِ إلَّا بِتَعْيِينِهِ بِطَرِيقِ الْأَدَاءِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ مَتَى أَدَّاهُ كَانَ مُؤَدِّيًا وَلَوْ كَانَ الْأَوَّلُ مُتَعَيَّنًا لَصَارَ بِالتَّأْخِيرِ مُفَوِّتًا
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِمَنْزِلَةِ يَوْمٍ أَدْرَكَهُ فِي حَقِّ قَضَاءِ رَمَضَانَ) يَعْنِي مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَمَضَانَ إذْ لَوْ أَدْرَكَ يَوْمًا مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ لَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ وُجُوبُ الْقَضَاءِ فِي هَذَا الْيَوْمِ حَتَّى لَوْ أَخَّرَ عَنْهُ لَا يَأْثَمُ لِأَنَّ وَقْتَ الْقَضَاءِ جَمِيعُ الْعُمْرِ فَكَذَلِكَ هَهُنَا وَإِنَّمَا خَصَّ هَذَا النَّظِيرُ دُونَ أَوَّلِ أَجْزَاءِ الْوَقْتِ فِي الصَّلَاةِ مَعَ أَنَّهُ مِثْلُهُ لِأَنَّهُ أَشْبَهُ بِوَقْتِ الْحَجِّ مِنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ فَإِنَّ وَقْتَ أَدَاءِ الصَّوْمِ يَنْقَطِعُ بِإِقْبَالِ اللَّيْلِ إلَى الْغَدِ كَمَا أَنَّ وَقْتَ أَدَاءِ الْحَجِّ يَنْقَطِعُ بِانْقِضَاءِ أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ هَذَا الْعَامِ إلَى أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ الْعَامِ الْقَابِلِ بِخِلَافِ وَقْتِ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَخَلَّلْ مِنْ أَجْزَائِهِ مَا يَمْنَعُ جَوَازَ الْأَدَاءِ.
قَوْلُهُ (وَإِنَّمَا يُعْرَفُ) أَيْ حَقِيقَةُ الْخِلَافِ فِي تَعَيُّنِ الْأَشْهُرِ مِنْ الْعَامِ الْأَوَّلِ لِلْأَدَاءِ بِمَعْرِفَةِ كَيْفِيَّةِ وُجُوبِ الْحَجِّ فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وُجُوبُهُ بِطَرِيقِ التَّضْيِيقِ فَيَلْزَمُ مِنْهُ تَعَيُّنُ الْأَشْهُرِ مِنْ الْعَامِ الْأَوَّلِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وُجُوبُهُ بِطَرِيقِ التَّوَسُّعِ فَيَلْزَمُ مِنْهُ جَوَازُ التَّأْخِيرِ عَنْ الْعَامِ الْأَوَّلِ وَعَدَمُ تَعَيُّنِهِ لِلْأَدَاءِ (فَإِنْ قِيلَ) لَمَّا ثَبَتَ أَنَّ وَقْتَهُ مُتَضَيَّقٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَمْ يَبْقَ مُشْكِلًا كَوَقْتِ الصَّوْمِ وَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّهُ مُتَوَسِّعٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ زَالَ الْإِشْكَالُ عَنْهُ أَيْضًا كَوَقْتِ الصَّلَاةِ (قُلْنَا) إنَّمَا حَكَمَ أَبُو يُوسُفَ بِالتَّضَيُّقِ عَلَى سَبِيلِ الِاحْتِيَاطِ حَتَّى لَا يُؤَدِّيَ إلَى تَفْوِيتِ الْعِبَادَةِ لَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ انْقَطَعَ جِهَةُ التَّوَسُّعِ بِالْكُلِّيَّةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَدْرَكَ الْعَامَ الثَّانِيَ جَازَ أَدَاؤُهُ فِيهِ وَإِنَّمَا قَالَ مُحَمَّدٌ بِالتَّوَسُّعِ نَظَرًا إلَى ظَاهِرِ الْحَالِ لَا أَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ التَّضَيُّقَ عِنْدَهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ مَاتَ قَبْلَ إدْرَاكِ الْأَشْهُرِ مِنْ الْعَامِ الثَّانِي كَانَ الْأَشْهُرُ مِنْ الْعَامِ الْأَوَّلِ مُتَعَيَّنًا لِلْأَدَاءِ عِنْدَهُ.
فَثَبَتَ أَنَّ الْإِشْكَالَ لَمْ يَزُلْ بِمَا قَالَاهُ قَوْلُهُ (مِثْلُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ) جَمَعَ الشَّيْخُ بَيْنَ مَا وَجَبَ بِإِيجَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَبَيْنَ مَا وَجَبَ بِإِيجَابِ الْعَبْدِ فَالزَّكَاةُ وَصَدَقَةُ الْفِطْرِ وَالْعَشْرُ نَظِيرُ الْأَوَّلِ وَالنَّذْرُ بِالصَّدَقَةِ الْمُطْلَقَةِ أَيْ غَيْرِ الْمُقَيَّدَةِ بِوَقْتِ نَظِيرُ الثَّانِي فَأَمَّا تَعَيُّنُ الْوَقْتِ فَلَا أَيْ إمَّا أَنْ يَكُونَ تَعْيِينُ الْوَقْتِ مُخْتَلَفًا فِيهِ ابْتِدَاءً فَلَا يَعْنِي مَسْأَلَةَ الْحَجِّ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّ فِي الْأَمْرِ الْمُطْلَقِ أَوَّلَ أَوْقَاتِ الْإِمْكَانِ مُتَعَيَّنٌ لِلْأَدَاءِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ لَا أَنَّ الْخِلَافَ فِيهَا ابْتِدَائِيٌّ.
قَوْلُهُ (فَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْحَجِّ فَمَسْأَلَةٌ مُبْتَدَأَةٌ) أَيْ غَيْرُ بِنَائِيَّةٍ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ هُوَ وَاجِبٌ عَلَى الْفَوْرِ حَتَّى يَأْثَمَ بِنَفْسِ التَّأْخِيرِ رَوَاهُ عَنْهُ بِشْرٌ وَالْمُعَلَّى وَهَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ شُجَاعٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - قَالَ سُئِلَ عَمَّنْ لَهُ مَالٌ أَيَحُجُّ بِهِ أَمْ يَتَزَوَّجُ قَالَ بَلْ يَحُجُّ بِهِ فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْوُجُوبَ عِنْدَهُ عَلَى الْفَوْرِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَسَعُهُ التَّأْخِيرُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَفُوتَهُ بِالْمَوْتِ فَإِنْ أَخَّرَهُ وَمَاتَ قَبْلَ إدْرَاكِ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ فَهُوَ آثِمٌ بِالِاتِّفَاقِ أَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ فَلِأَنَّ التَّأْخِيرَ كَانَ بِشَرْطِ عَدَمِ الْفَوْتِ وَقَدْ فَوِّتْ فَيَأْثَمُ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يَأْثَمُ بِالتَّأْخِيرِ وَإِنْ مَاتَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَغَيْرِهِ.
وَهَذَا الْخِلَافُ فِي التَّأْثِيمِ بِالتَّأْخِيرِ فَأَمَّا الْوُجُوبُ فَثَابِتٌ عِنْدَ الْكُلِّ حَتَّى وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِيصَاءُ بِالْإِحْجَاجِ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا فِي تَأْخِيرِ صَوْمِ الْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَةِ وَيَجِبُ الْإِيصَاءُ بِالْفِدْيَةِ وَإِنْ جَازَ تَأْخِيرُهُ وَذَكَرَ الْغَزَالِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْمُسْتَصْفَى أَنَّ التَّأْخِيرَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ جَائِزٌ فِي حَقِّ الشَّابِّ الصَّحِيحِ دُونَ الشَّيْخِ وَالْمَرِيضِ لِأَنَّ الْبَقَاءَ إلَى السَّنَةِ الثَّانِيَةِ غَالِبٌ فِي حَقِّ الشَّابِّ الصَّحِيحِ دُونَ الشَّيْخِ وَالْمَرِيضِ وَذَكَرَ فِي إشَارَاتِ الْأَسْرَارِ لِأَبِي فَضْلٍ الْكَرْمَانِيِّ وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَالشَّافِعِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ يَجِبُ مُوَسَّعًا يَحِلُّ فِيهِ التَّأْخِيرُ إلَّا إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ إذَا أَخَّرَ

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 249
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست