responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 246
وَمِنْ هَذَا الْجِنْسِ الصَّوْمُ الْمَنْذُورُ فِي وَقْتٍ بِعَيْنِهِ لَمَّا انْقَلَبَ بِالنَّذْرِ صَوْمُ الْوَقْتِ وَاجِبًا لَمْ يَبْقَ نَفْلًا لِأَنَّهُ وَاحِدٌ لَا يَقْبَلُ وَصْفَيْنِ مُتَضَادَّيْنِ فَصَارَ وَاحِدًا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَأُصِيبَ بِمُطْلَقِ الِاسْمِ وَمَعَ الْخَطَإِ فِي الْوَصْفِ وَتَوَقَّفَ مُطْلَقُ الْإِمْسَاكِ فِيهِ عَلَى صَوْمِ الْوَقْتِ وَهُوَ الْمَنْذُورُ لَكِنَّهُ إذَا صَامَهُ عَنْ كَفَّارَةٍ أَوْ قَضَاءِ مَا عَلَيْهِ صَحَّ عَمَّا نَوَى لِأَنَّ التَّعْيِينَ حَصَلَ بِوِلَايَةِ النَّاذِرِ وَوِلَايَتُهُ لَا تَعْدُوهُ فَصَحَّ التَّعْيِينُ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى حَقِّهِ وَهُوَ أَنْ لَا يَبْقَى النَّفَلُ مَشْرُوعًا فَأَمَّا فِي مَا يَرْجِعُ إلَى حَقِّ صَاحِبِ الشَّرْعِ وَهُوَ أَنْ لَا يَبْقَى الْوَقْتُ مُحْتَمِلًا لِحَقِّهِ فَلَا فَاعْتُبِرَ فِي احْتِمَالِ ذَلِكَ الْعَارِضُ بِمَا لَوْ لَمْ يَنْذُرْ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQذَلِكَ مَعَ الْأَكْلِ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ بِخِلَافِ عَدَمِ النِّيَّةِ أَوْ الْأَهْلِيَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَجْعَلُ الْإِمْسَاكَ مُوَافِقًا لِلْعَادَةِ عَلَى أَنَّ الْأَكْلَ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ لَا يَمْنَعُ عَنْ صِحَّةِ الصَّوْمِ فِي بَاقِيهِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ أَيْضًا مِنْهُمْ أَبُو زَيْدٍ الْقَاشَانِيُّ وَقَدْ يُوجَدُ فِي الشَّرْعِ إمْسَاكُ بَعْضِ الْيَوْمِ قُرْبَةً كَمَا فِي يَوْمِ الْأَضْحَى فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قُرْبَةً فِي غَيْرِهِ مِنْ الْأَيَّامِ أَيْضًا وَلَنَا مَا ذَكَرْنَا أَنَّ الصَّوْمَ لَا يُعْرَفُ قُرْبَةً إلَّا بِمِعْيَارٍ شَرْعِيٍّ وَلَمْ يُعْرَفْ مِعْيَارُهُ فِي الشَّرْعِ إلَّا يَوْمٌ كَامِلٌ فَاَلَّذِي يَخْتَرِعُهُ الْعَبْدُ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ لَا يَصْلُحُ مِعْيَارًا لَهُ إذْ لَا مَدْخَلَ لِلرَّأْيِ فِي مَعْرِفَةِ الْمَقَادِيرِ الشَّرْعِيَّةِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَا يَتَأَدَّى بِالنِّيَّةِ بَعْدَ الزَّوَالِ كَالْفَرْضِ لِفَوَاتِ أَكْثَرِ الرُّكْنِ بِلَا نِيَّةٍ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ بَعْدَ الزَّوَالِ فِي يَوْمٍ لَمْ يَأْكُلْ فِيهِ لَمْ يَصِحَّ بِالْإِجْمَاعِ وَلَوْ كَانَ الْإِمْسَاكُ فِي بَعْضِ الْيَوْمِ صَوْمًا لَصَحَّ كَالنَّذْرِ بِالصَّدَقَةِ وَإِنْ قُلْت لِأَنَّ النَّذْرَ إيجَابُ الْمَشْرُوعِ وَحَقِيقَةُ الْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ النَّفَلَ تَبَعٌ لِلْفَرْضِ فَيَكُونُ مُقَدَّرًا بِتَقْدِيرِهِ فِي الْجُمْلَةِ كَنَافِلَةِ الصَّلَاةِ مُقَدَّرَةٌ بِرَكْعَتَيْنِ لِأَنَّهُ أَدْنَى مَقَادِيرِ الْفَرْضِ وَيَجُوزُ قَاعِدًا أَوْ رَاكِبًا لِأَنَّ الْفَرْضَ يَجُوزُ بِتِلْكَ الْهَيْئَةِ عِنْدَ الْعُذْرِ وَكَذَا الصَّدَقَةُ بِالْقَلِيلِ قَدْ تَقَعُ عَنْ الْفَرْضِ حَتَّى لَوْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ فَأَدَّى دَانِقًا سَقَطَ عَنْهُ الْوَاجِبُ بِقَدْرِهِ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَهَهُنَا الْإِمْسَاكُ فِي بَعْضِ الْيَوْمِ قَصْدًا لَا يَقَعُ عَنْ الْفَرْضِ بِحَالٍ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَدَّرَ النَّفَلُ بِهِ وَلَا تَمَسُّكَ لَهُ فِي الْحَدِيثِ فَإِنَّ قَوْلَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إنِّي إذَا لَصَائِمٌ إخْبَارٌ عَنْ حَالَةِ الْعَزْمِ فَعَبَّرَ بِلِسَانِهِ مَا خَطَرَ بِقَلْبِهِ وَكَانَ فِيهِ بَيَانُ جَوَازِ الْعَزْمِ دُونَ تَغْيِيرِ الْمِعْيَارِ الشَّرْعِيِّ وَكَانَ قَوْلُهُ لَصَائِمٌ مُنْصَرِفًا إلَى الصَّوْمِ الْمَعْهُودِ فِي الشَّرْعِ وَلَا فِي مَا ذُكِرَ مِنْ قَوْلِهِ مَبْنَى التَّطَوُّعِ عَلَى النَّشَاطِ لِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِنَشَاطِهِ فِي التَّقْدِيرِ أَصْلًا فَإِنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَةً أَوْ يَكْتَفِي بِسَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ أَوْ تَقَدَّمَ السُّجُودُ عَلَى الرُّكُوعِ وَأَرَادَ أَنْ يَصُومَ أَوَّلَ النَّهَارِ دُونَ آخِرِهِ بِأَنْ نَوَى أَنْ يَصُومَ إلَى الْعَصْرِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنَّمَا أَثَرُ نَشَاطِهِ فِي أَنَّهُ مُخَيَّرٌ فِي فِعْلِهِ فَإِنْ شَاءَ فَعَلَ الْمَشْرُوعَ الْمُقَدَّرَ الشَّرْعِيَّ فَيُثَابُ عَلَيْهِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ مِنْ غَيْرِ تَوَجُّهِ عِقَابٍ عَلَيْهِ لَا فِي تَغْيِيرِ التَّقْدِيرِ الشَّرْعِيِّ وَأَمَّا الْإِمْسَاكُ فِي أَوَّلِ يَوْمِ النَّحْرِ فَلَيْسَ بِصَوْمٍ وَلِهَذَا لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ النِّيَّةُ وَإِنَّمَا نُدِبَ إلَيْهِ فِي حَقِّ أَهْلِ الْأَمْصَارِ لِيَكُونَ ابْتِدَاءُ التَّنَاوُلِ مِنْ ضِيَافَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَلِهَذَا لَمْ يَثْبُتْ هَذَا الْحُكْمُ فِي حَقِّ أَهْلِ السَّوَادِ لِأَنَّ لَهُمْ حَقَّ التَّضْحِيَةِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَلَيْسَ لِأَهْلِ الْأَمْصَارِ أَنْ يُضَحُّوا إلَّا بَعْدَ الصَّلَاةِ
1 -
قَوْلُهُ (وَمِنْ هَذَا الْجِنْسِ) أَيْ مِنْ جِنْسِ مَا صَارَ الْوَقْتُ مُتَعَيَّنًا لَهُ كَشَهْرِ رَمَضَانَ لِلصَّوْمِ الْمَشْرُوعِ فِيهِ الصَّوْمُ الْمَنْذُورُ فِي وَقْتٍ بِعَيْنِهِ أَيْ وَقْتٍ مُعَيَّنٍ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ رَجَبًا أَوْ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَاحْتُرِزَ بِهِ عَنْ النَّذْرِ الْمُطْلَقِ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ نَذَرْت أَنْ أَصُومَ يَوْمًا أَوْ شَهْرًا أَوْ سَنَةً لَمَّا انْقَلَبَ صَوْمُ الْوَقْتِ وَهُوَ النَّفَلُ لِأَنَّهُ هُوَ الْأَصْلُ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ وَسَائِرِ الصِّيَامَاتِ بِمَنْزِلَةِ الْعَوَارِضِ وَلِهَذَا يُشْتَرَطُ فِيهَا التَّعْيِينُ وَالتَّبْيِيتُ وَاجِبًا أَيْ بِالنَّذْرِ لَمْ يَبْقَ نَفْلًا لِأَنَّ الصَّوْمَ الْمَشْرُوعَ فِي وَقْتٍ لَا يَقْبَلُ وَصْفَيْنِ مُتَضَادَّيْنِ أَيْ مُتَنَافِيَيْنِ أَوْ مُتَغَايِرَيْنِ وَهُمَا كَوْنُهُمَا نَفْلًا وَوَاجِبًا لِأَنَّ النَّفَلَ مَا لَا يَسْتَحِقُّ الْعَبْدُ الْعُقُوبَةَ بِتَرْكِهِ وَالْوَاجِبُ مَا لَا يَسْتَحِقُّهَا بِتَرْكِهِ فَإِذَا ثَبَتَ الْوُجُوبُ بِالنَّذْرِ انْتَفَى النَّفَلُ ضَرُورَةً فَصَارَ

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 246
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست