responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 230
وَمِنْ حُكْمِهِ أَنَّ النِّيَّةَ شَرْطٌ لِيَصِيرَ مَا لَهُ مَصْرُوفًا إلَى مَا عَلَيْهِ وَمِنْ حُكْمِهِ أَنَّ تَعْيِينَ النِّيَّةِ شَرْطٌ لِأَنَّ الْمَشْرُوعَ لَمَّا تَعَدَّدَ لَمْ يَصِرْ مَذْكُورًا بِالِاسْمِ الْمُطْلَقِ إلَّا عِنْدَ تَعْيِينِ الْوَصْفِ وَمِنْ حُكْمِهِ أَنَّهُ لَمَّا لَزِمَهُ التَّعْيِينُ لِمَا قُلْنَا يَسْقُطُ بِضِيقِ وَقْتِ الْأَدَاءِ لِأَنَّ التَّوْسِعَةَ أَفَادَتْ شَرْطًا زَائِدًا وَهُوَ التَّعْيِينُ فَلَا يَسْقُطُ هَذَا الشَّرْطُ بِالْعَوَارِضِ وَلَا بِتَقْصِيرِ الْعِبَادِ

وَأَمَّا النَّوْعُ الثَّانِي مِنْ الْمُؤَقَّتَةِ فَمَا جُعِلَ الْوَقْتُ مِعْيَارًا لَهُ وَسَبَبًا لِوُجُوبِهِ مِثْلُ شَهْرِ رَمَضَانَ وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّهُ مِعْيَارٌ لَهُ لِأَنَّهُ قُدِّرَ وَعُرِفَ بِهِ وَسَبَبٌ لَهُ وَذَلِكَ شُهُودُ جُزْءٍ مِنْ الشَّهْرِ لِمَا نَذْكُرُ فِي بَابِ السَّبَبِ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَمِنْ حُكْمِهِ أَنَّ غَيْرَهُ صَارَ مَنْفِيًّا لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمَّا أَوْجَبَ شَغْلَ الْمِعْيَارِ بِهِ وَهُوَ وَاحِدٌ فَإِذَا ثَبَتَ لَهُ وَصْفٌ انْتَفَى غَيْرُهُ كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ فِي مِعْيَارِهِ فَانْتَفَى غَيْرُهُ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مَشْرُوعٍ قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَلَمَّا لَمْ يَبْقَ غَيْرُهُ مَشْرُوعًا لَمْ يَجُزْ أَدَاءُ الْوَاجِبِ فِيهِ مِنْ الْمُسَافِرِ لِأَنَّ شَرْعَ الصَّوْمِ فِيهِ عَامٌّ أَلَا تَرَى أَنَّ صَوْمَ الْمُسَافِرِ عَنْ الْفَرْضِ يُجْزِيهِ فَيَثْبُتُ أَنَّهُ مَشْرُوعٌ فِي حَقِّهِ إلَّا أَنَّهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَالِ كَذَا هَذَا، وَكَذَلِكَ مَنْ أَجَّرَ نَفْسَهُ لِخِيَاطَةِ الثَّوْبِ مَلَكَ أَنْ يَخِيطَ ثَوْبًا آخَرَ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِعْلُ الْخِيَاطَةِ وَذَلِكَ لَا يُنَافِي فِعْلًا آخَرَ كَذَا هُنَا.
قَوْلُهُ (النِّيَّةُ شَرْطٌ لِيَصِيرَ مَالُهُ مَصْرُوفًا إلَى مَا عَلَيْهِ) أَيْ لِيَصِيرَ الْمَنَافِعُ الَّتِي هِيَ مَمْلُوكَةٌ لَهُ صَالِحَةً لِأَدَاءِ الْفَرْضِ وَغَيْرِهِ مَصْرُوفَةً إلَى مَا عَلَيْهِ، وَلَا يُقَالُ هَذَا تَفْسِيرُ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ صَرْفُ مَالِهِ مِنْ الْمَشْرُوعِ بَعْدَ فَوَاتِ الْوَقْتِ إلَى مَا عَلَيْهِ وَهَذَا صَرْفُ الْمَنَافِعِ فِي الْوَقْتِ إلَى مَا عَلَيْهِ، ثُمَّ لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ النِّيَّةِ وَهُوَ إنْ تَعَيَّنَ فَرْضُ الْوَقْتِ لِتَعَدُّدِ الْمَشْرُوعِ فِي هَذَا الْوَقْتِ، وَلَمْ يَصِرْ مَذْكُورًا بِالِاسْمِ الْمُطْلَقِ بِأَنْ يَقُولَ نَوَيْت أَنْ أُصَلِّيَ إلَّا عِنْدَ تَعْيِينِ الْوَصْفِ بِأَنْ يَقُولَ بِلِسَانِهِ نَوَيْت أَنْ أُصَلِّيَ فَرْضَ الظُّهْرِ أَوْ يَقْصِدَ بِقَلْبِهِ ذَلِكَ، وَذِكْرُ فَرْضِ الْوَقْتِ لَيْسَ بِشَرْطٍ عِنْدَ الْبَعْضِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ شَرْطٌ وَلَا يَسْقُطُ هَذَا الشَّرْطُ بِضِيقِ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْعَوَارِضِ وَهِيَ لَا تُعَارِضُ الْأَصْلَ كَالْعِصْمَةِ الثَّابِتَةِ بِالْإِسْلَامِ وَالدَّارِ لَا تَسْقُطُ بِعَارِضِ دُخُولِ دَارِ الْحَرْبِ حَتَّى لَوْ دَخَلَ مُسْلِمَانِ دَارَ الْحَرْبِ وَقَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ يَجِبُ الدِّيَةُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ وَهُوَ الْعِصْمَةُ لَمْ يَبْطُلْ بِهَذَا الْعَارِضِ فَكَذَلِكَ هَهُنَا وَجَبَ التَّعْيِينُ بِاعْتِبَارِ تَعَدُّدِ الْمَشْرُوعِ الَّذِي ثَبَتَ بِنَاءً عَلَى تَوَسُّعِ الْوَقْتِ فَلَا يَسْقُطُ بِعَارِضِ ضِيقِ الْوَقْتِ، أَلَا تَرَى أَنَّ التَّعَدُّدَ بَاقٍ فَإِنَّهُ لَوْ قَضَى فَرْضًا آخَرَ عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ أَوْ أَدَّى نَفْلًا جَازَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْ الْعَوَارِضِ النَّوْمَ وَالْإِغْمَاءَ وَنَحْوَهُمَا أَيْ لَا يَسْقُطُ هَذَا الشَّرْطُ بِأَنْ نَامَ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ نَسِيَ حَتَّى ضَاقَ الْوَقْتُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْعَوَارِضِ وَكَذَلِكَ لَا يَسْقُطُ بِتَقْصِيرِ الْعِبَادِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ التَّقْصِيرَ لَا يَصْلُحُ سَبَبًا لِسُقُوطِ الْحَقِّ

[النَّوْعُ الثَّانِي مِنْ الْمُؤَقَّتَةِ فَمَا جُعِلَ الْوَقْتُ مِعْيَارًا لَهُ وَسَبَبًا لِوُجُوبِهِ]
قَوْلُهُ (وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّهُ مِعْيَارٌ) أَيْ الْوَقْتُ مِعْيَارٌ لِأَنَّهُ قُدِّرَ أَيْ لِأَنَّ الصَّوْمَ قُدِّرَ بِالْوَقْتِ حَتَّى ازْدَادَ بِازْدِيَادِهِ وَانْتَقَصَ بِنُقْصَانِهِ كَالْمَكِيلِ بِالْكَيْلِ وَعُرِفَ بِهِ أَيْ الصَّوْمُ عُرِفَ بِالْوَقْتِ فَقِيلَ الصَّوْمُ هُوَ الْإِمْسَاكُ عَنْ الْمُفْطِرَاتِ الثَّلَاثِ نَهَارًا مَعَ النِّيَّةِ بِإِذْنِ صَاحِبِ الشَّرْعِ فَإِذَا دَخَلَ الْوَقْتُ وَهُوَ النَّهَارُ فِي تَعْرِيفِهِ لَا يُوجَدُ بِدُونِهِ فَكَانَ مُقَدَّرًا بِهِ وَكَانَ الْوَقْتُ مِعْيَارًا لَهُ ضَرُورَةً وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عُرِفَ مِنْ الْمَعْرِفَةِ وَيَكُونُ تَأْكِيدًا لَقُدِّرَ أَيْ قُدِّرَ الصَّوْمُ بِالْوَقْتِ وَعُرِفَ مِقْدَارُ الصَّوْمِ بِهِ فَكَانَ مِعْيَارًا لَهُ وَسَبَبٌ لَهُ عُطِفَ عَلَى مِعْيَارٍ أَيْ الْوَقْتُ سَبَبٌ لِلصَّوْمِ كَمَا يُعْرَفُ فِي مَوْضِعِهِ وَمِنْ حُكْمِهِ أَيْ حُكْمِ هَذَا النَّوْعِ شَغْلُ الْمِعْيَارِ بِهِ أَيْ بِهَذَا الْوَاجِبِ الْمُوَقَّتِ بِهِ وَهُوَ أَيْ الْمِعْيَارُ وَاحِدٌ وَالْوَاوُ لِلْحَالِ فَإِذَا ثَبَتَ لَهُ أَيْ لِلْمِعْيَارِ وَصْفٌ وَهُوَ كَوْنُهُ مَشْغُولًا بِوَاجِبٍ يَعْنِي " الْمِعْيَارُ وَاحِدٌ " فَإِذَا صَارَ مِعْيَارًا لِلْفَرْضِ لَا يَسَعُ فِيهِ غَيْرَهُ مَعَ قِيَامِ الْفَرْضِ فِيهِ فَكَانَ مِنْ ضَرُورَةِ تَعَيُّنِ الْفَرْضِ انْتِفَاءُ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ أَدَاءُ صَوْمَيْنِ بِإِمْسَاكٍ وَاحِدٍ وَلَا يُتَصَوَّرُ فِي هَذَا الْوَقْتِ إلَّا إمْسَاكٌ وَاحِدٌ وَهُوَ لَا يَفْضُلُ عَنْ الْمُسْتَحَقِّ فَلَا يَكُونُ غَيْرُهُ مَشْرُوعًا فِيهِ وَلَا يُتَصَوَّرُ الْأَدَاءُ شَرْعًا كَذَا قَالَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ الْمُسَافِرُ إذَا نَوَى وَاجِبًا آخَرَ فِي رَمَضَانَ أَوْ تَطَوُّعًا أَوْ أَطْلَقَ النِّيَّةَ وَقَعَ عَنْ فَرْضِ رَمَضَانَ لِأَنَّ شَرْعَ الصَّوْمِ عَامٌّ فِي حَقِّ الْمُقِيمِ وَالْمُسَافِرِ لِأَنَّ وُجُوبَهُ بِشُهُودِ الشَّهْرِ وَقَدْ تَحَقَّقَ فِي حَقِّ الْمُسَافِرِ كَمَا تَحَقَّقَ فِي حَقِّ الْمُقِيمِ وَلِهَذَا لَوْ صَامَ عَنْ فَرْضِ الْوَقْتِ يَجْزِيه وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ شَرْعَهُ يَنْفِي شَرْعِيَّةَ

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 230
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست