responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 226
وَإِذَا انْتَهَى إلَى آخِرِ الْوَقْتِ حَتَّى تَعَيَّنَ الْأَدَاءُ لَازِمًا اسْتَقَرَّتْ السَّبَبِيَّةُ لِمَا يَلِي الشُّرُوعَ فِي الْأَدَاءِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْجُزْءُ صَحِيحًا كَمَا فِي الْفَجْرِ وَجَبَ كَامِلًا فَإِذَا اعْتَرَضَ الْفَسَادُ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ بَطَلَ الْفَرْضُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْجُزْءُ فَاسِدًا اُنْتُقِصَ الْوَاجِبُ كَالْعَصْرِ يُسْتَأْنَفُ فِي وَقْتِ الِاحْمِرَارِ فَإِذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ وَهُوَ فِيهَا لَمْ يَتَغَيَّرْ فَلَمْ وَلَا يَلْزَمُ إذَا ابْتَدَأَ الْعَصْرَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ ثُمَّ مَدَّهُ إلَى أَنْ غَرَبَتْ الشَّمْسُ قَبْلَ فَرَاغِهِ مِنْهَا فَإِنَّهُ نَصُّ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَا يَفْسُدُ وَقَدْ كَانَ الْوُجُوبُ مُضَافًا إلَى سَبَبٍ صَحِيحٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِهِ وَأَنَّهُ فَاسِدٌ وَإِنْ ضُمَّتْ إلَيْهِ يَلْزَمُ التَّخَطِّي عَنْ الْقَلِيلِ بِلَا دَلِيلٍ وَهُوَ فَاسِدٌ أَيْضًا فَتَعَيَّنَ الِانْتِقَالُ، وَقَدْ اسْتَدَلُّوا عَلَيْهِ بِدَلَالَةِ الْإِجْمَاعِ أَيْضًا فَإِنَّ الْأَهْلِيَّةَ لَوْ حَدَثَتْ فِي أَثْنَاءِ الْوَقْتِ بِأَنْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ أَوْ طَهُرَتْ الْحَائِضُ أَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْجُزْءِ الْأَوَّلِ لَزِمَتْ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ بِالْإِجْمَاعِ فَلَوْ اسْتَقَرَّتْ السَّبَبِيَّةُ عَلَى الْجُزْءِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَنْتَقِلْ جُزْءًا فَجُزْءًا لَمَا وَجَبَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ كَمَا لَوْ حَدَثَتْ الْأَهْلِيَّةُ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ وَكَذَلِكَ أَدَاءُ الْعَصْرِ وَقْتَ الِاحْمِرَارِ جَائِزٌ نَصًّا وَإِجْمَاعًا وَلَوْلَا الِانْتِقَالُ لَمْ يَجُزْ كَمَا إذَا قَضَى عَصْرَ الْأَمْسِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَهَذِهِ الضَّرُورَةُ دَعَتْهُمْ إلَى الْقَوْلِ بِالِانْتِقَالِ.

وَقَوْلُهُ (وَإِذَا انْتَهَى إلَى آخِرِ الْوَقْتِ) اعْلَمْ أَنَّ خِيَارَ تَأْخِيرِ الْأَدَاءِ يَثْبُتُ إلَى أَنْ يَتَضَيَّقَ الْوَقْتُ بِحَيْثُ لَا يَسَعُ فِيهِ إلَّا فَرْضَ الْوَقْتِ بِالْإِجْمَاعِ حَتَّى لَوْ أَخَّرَ عَنْهُ يَأْثَمُ فَأَمَّا انْتِقَالُ السَّبَبِيَّةِ فَكَذَلِكَ يَثْبُتُ إلَى تَضَيُّقِ الْوَقْتِ أَيْضًا عِنْدَ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى ثُبُوتِ الْخِيَارِ عِنْدَهُ وَلَمْ يَبْقَ ذَلِكَ وَعِنْدَنَا الِانْتِقَالُ ثَابِتٌ إلَى آخِرِ جُزْءٍ مِنْ الْوَقْتِ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ كُلَّ جُزْءٍ صَالِحٌ لِلسَّبَبِيَّةِ وَأَنَّ الْمَعْدُومَ لَا يُعَارِضُ الْمَوْجُودَ وَإِنَّمَا لَا يَسَعُهُ التَّأْخِيرُ لِكَيْ لَا يَفُوتَ شَرْطُ الْأَدَاءِ وَهُوَ الْوَقْتُ.
وَإِذَا عَرَفْت هَذَا فَاعْلَمْ أَنَّ آخِرَ الْوَقْتِ فِي قَوْلِهِ وَإِذَا انْتَهَى أَيْ الِانْتِقَالُ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ إنْ حُمِلَ عَلَى وَقْتِ التَّضْيِيقِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ حَتَّى تَعَيَّنَ الْأَدَاءُ لَازِمًا كَانَ مُوَافِقًا لِمَذْهَبِ زُفَرَ؛ لِأَنَّ اسْتِقْرَارَ السَّبَبِيَّةِ عِنْدَ التَّضْيِيقِ مَذْهَبُهُ وَإِنْ حُمِلَ عَلَى الْجُزْءِ الْأَخِيرِ كَمَا هُوَ حَقِيقَتُهُ لَمْ يَبْقَ لِقَوْلِهِ حَتَّى تَعَيَّنَ الْأَدَاءُ لَازِمًا فَائِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ ثَابِتٌ قَبْلَ ذَلِكَ، إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ مِنْ اسْتِقْرَارِ السَّبَبِيَّةِ اسْتِقْرَارُهَا فِي حَقِّ وُجُوبِ الْأَدَاءِ لَا فِي عَدَمِ جَوَازِ الِانْتِقَالِ وَهُوَ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّ سَوْقَ الْكَلَامِ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ.
، أَوْ يُقَالَ الْمُرَادُ مِنْ تَعَيُّنِ الْأَدَاءِ تَقَرُّرُ الْوَاجِبِ يَعْنِي وَإِذَا انْتَهَى الِانْتِقَالُ إلَى آخِرِ جُزْءٍ مِنْ الْوَقْتِ حَتَّى تَقَرَّرَ الْوَاجِبُ بِحَيْثُ لَا يَحْتَمِلُ السُّقُوطَ اسْتَقَرَّتْ السَّبَبِيَّةُ عَلَى ذَلِكَ الْجُزْءِ إنْ اتَّصَلَ الشُّرُوعُ بِهِ وَلَا يُنْتَقَلُ إلَى غَيْرِهِ إذْ لَمْ يَبْقَ بَعْدَهُ شَيْءٌ يَحْتَمِلُ الِانْتِقَالَ إلَيْهِ وَلِهَذَا يُعْتَبَرُ حَالُ الْمُكَلَّفِ عِنْدَ ذَلِكَ الْجُزْءِ فِي الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ وَالصِّبَا وَالْبُلُوغِ وَالْكُفْرِ وَالْإِسْلَامِ عَلَى مَا عُرِفَ وَإِنْ لَمْ يَتَّصِلْ بِهِ الشُّرُوعُ فَيَنْتَقِلُ السَّبَبِيَّةُ إلَى كُلِّ الْوَقْتِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ، فَصَارَ الْحَامِلُ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ لِلسَّبَبِيَّةِ الْجُزْءُ الْمُتَّصِلُ بِالْأَدَاءِ فَإِنْ اتَّصَلَ بِالْجُزْءِ الْأَوَّلِ كَانَ هُوَ السَّبَبَ وَإِلَّا فَيَنْتَقِلُ إلَى الثَّانِي وَالثَّالِثِ؛ لِأَنَّ فِي الْمُجَاوَرَةِ عَنْ الْجُزْءِ الَّذِي يَتَّصِلُ بِهِ الْأَدَاءُ فِي جَعْلِهِ سَبَبًا لَا ضَرُورَةً وَلَيْسَ بَيْنَ الْأَدْنَى وَالْكُلِّ مِقْدَارٌ يُمْكِنُ الرُّجُوعُ إلَيْهِ كَذَا ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
قَوْلُهُ (فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْجُزْءُ صَحِيحًا) بَيَانُ اسْتِقْرَارِ السَّبَبِيَّةِ وَاعْتِبَارِ صِفَةِ ذَلِكَ الْجُزْءِ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ صَحِيحًا كَانَ الْوَاجِبُ كَامِلًا كَمَا فِي الْفَجْرِ وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا أَيْ نَاقِصًا كَانَ الْوَاجِبُ نَاقِصًا، فَإِذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ فِي خِلَالِ الْعَصْرِ لَا يَفْسُدُ الْعَصْرُ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ نَاقِصًا لِنُقْصَانٍ فِي سَبَبِهِ وَبِالْغُرُوبِ يَنْتَفِي النُّقْصَانُ فَيَتَأَدَّى كَامِلًا، وَلَوْ طَلَعَتْ فِي خِلَالِ الْفَجْرِ تَفْسُدُ عِنْدَنَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا تَفْسُدُ اعْتِبَارًا بِالْغُرُوبِ وَاسْتِدْلَالًا بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ» ، رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا عِنْدَنَا أَنَّ الطُّلُوعَ بِظُهُورِ حَاجِبِ الشَّمْسِ وَبِهِ لَا يَنْتَفِي الْكَرَاهَةُ بَلْ يَتَحَقَّقُ فَكَانَ مُفْسِدًا لِلْفَرْضِ وَالْغُرُوبُ بِآخِرِهِ وَبِهِ يَنْتَفِي الْكَرَاهَةُ فَلَمْ يَكُنْ مُفْسِدًا لِلْعَصْرِ

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 226
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست