responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 196
وَذَلِكَ نَظِيرُ مَسِّ السَّمَاءِ فَصَارَ مَشْرُوعًا ثُمَّ وَجَبَ النَّقْلُ لِلْعَجْزِ الْحَالِيِّ كَمَنْ هَجَمَ عَلَيْهِ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَهُوَ فِي السَّفَرِ أَنَّ خِطَابَ الْأَصْلِ عَلَيْهِ يَتَوَجَّهُ لِاحْتِمَالِ وُجُودِ الْمَاءِ ثُمَّ بِالْعَجْزِ الْحَالِيِّ يَنْتَقِلُ إلَى التُّرَابِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا التَّكْلِيفِ إيجَابُ خَلَفِهِ لَا حَقِيقَةُ الْأَدَاءِ فَيُشْتَرَطُ سَلَامَةُ الْآلَاتِ فِي حَقِّ الْخَلَفِ وَهُوَ الْقَضَاءُ لَا سَلَامَةُ آلَاتِ الْأَصْلِ وَهُوَ الْأَدَاءُ بَلْ يَكْفِي فِيهِ تَوَهُّمُ الْحُدُوثِ.
قَوْلُهُ (بِاحْتِمَالِ امْتِدَادِ الْوَقْتِ عَنْ الْجُزْءِ الْأَخِيرِ) كَلِمَةُ عَنْ بِمَعْنَى مِنْ الْبَيَانِيَّةِ وَيَتَعَلَّقُ بِالْوَقْتِ، وَالْوَقْتُ بِمَعْنَى الزَّمَانِ، وَالْبَاءُ فِي بِوَقْفِ الشَّمْسِ لِلسَّبَبِيَّةِ وَتَتَعَلَّقُ بِالِامْتِدَادِ أَيْ بِاحْتِمَالِ امْتِدَادِ الزَّمَانِ الَّذِي هُوَ الْجُزْءُ الْأَخِيرُ مِنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ بِسَبَبِ وَقْفِ الشَّمْسِ، كَمَا كَانَ لِسُلَيْمَانَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ، رُوِيَ «أَنَّ سُلَيْمَانَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمَّا عُرِضَ لَهُ الْخَيْلُ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ وَفَاتَهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ أَوْ وِرْدٌ لَهُ كَانَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ بِاشْتِغَالِهِ بِهَا وَأَهْلَكَ تِلْكَ الْخَيْلَ بِالْعَقْرِ وَضَرْبِ الْأَعْنَاقِ كَمَا قَالَ تَعَالَى {فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالأَعْنَاقِ} [ص: 33] تَشَؤُّمًا بِهَا حَيْثُ شَغَلَتْهُ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ وَعِبَادَتِهِ وَقَهْرًا لِلنَّفْسِ بِمَنْعِهَا عَنْ حُظُوظِهَا جَازَاهُ اللَّهُ تَعَالَى بِأَنْ أَكْرَمَهُ بِرَدِّ الشَّمْسِ إلَى مَوْضِعِهَا مِنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ لِيَتَدَارَكَ مَا فَاتَهُ مِنْ الصَّلَاةِ أَوْ الْوَرْدِ وَبِتَسْخِيرِ الرِّيحِ بَدَلًا عَنْ الْخَيْلِ فَتَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ» ، إلَيْهِ أُشِيرَ فِي كِتَابِ عِصْمَةِ الْأَنْبِيَاءِ وَكِتَابِ حِصَصِ الْأَتْقِيَاءِ مِنْ قَصَصِ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ -.
قَوْلُهُ (وَذَلِكَ نَظِيرُ مَسِّ السَّمَاءِ) أَيْ اعْتِبَارِ تَوَهُّمِ الْقُدْرَةِ وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا فِي وُجُوبِ الْأَدَاءِ لِخَلَفِهِ نَظِيرُ اعْتِبَارِنَا تَوَهُّمَ الْبِرِّ وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا فِي انْعِقَادِ الْيَمِينِ عَلَى مَسِّ السَّمَاءِ لِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ، فَإِذَا حَلَفَ لَيَمَسُّ السَّمَاءَ أَوْ لَيُحَوِّلَنَّ هَذَا الْحَجَرَ ذَهَبًا انْعَقَدَتْ يَمِينُهُ عِنْدَنَا وَيَأْثَمُ فِي هَذِهِ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْيَمِينِ تَعْظِيمُ الْمُقْسَمِ وَإِنَّمَا يَحْصُلُ مِنْهَا هَتْكُ حُرْمَةِ الِاسْمِ بِاسْتِعْمَالِ الْيَمِينِ فِي هَذَا الْمَحِلِّ، وَقَالَ زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يَنْعَقِدُ؛ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ انْعِقَادِ الْيَمِينِ أَنْ يَكُونَ مَا يَحْلِفُ عَلَيْهِ فِي وُسْعِهِ إيجَادُهُ وَلِهَذَا لَمْ يَنْعَقِدْ الْيَمِينُ الْغَمُوسُ وَذَلِكَ غَيْرُ مَوْجُودٍ هَهُنَا.
وَلَكِنَّنَا نَقُولُ انْعِقَادُ الْيَمِينِ بِاعْتِبَارِ تَوَهُّمِ الصِّدْقِ فِي الْخَبَرِ وَهُوَ مَوْجُودٌ فَإِنَّ السَّمَاءَ عَيْنٌ مَمْسُوسَةٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى إخْبَارًا عَنْ الْجِنِّ {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ} [الجن: 8] وَالْمَلَائِكَةُ يَصْعَدُونَ إلَيْهَا وَلَوْ أَقْدَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى صُعُودِهَا لَصَعِدَهَا كَعِيسَى وَمُحَمَّدٍ - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - وَكَذَلِكَ الْحَجَرُ مَحَلٌّ قَابِلٌ لِلتَّحَوُّلِ لَوْ حَوَّلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَيَنْعَقِدُ يَمِينُهُ ثُمَّ يَحْنَثُ فِي الْحَالِ لِعَجْزِهِ عَنْ إيجَادِ شَرْطِ الْبِرِّ ظَاهِرًا وَذَلِكَ كَافٍ لِلْحِنْثِ وَلَا يُؤَخَّرُ الْحِنْثُ إلَى حِينِ الْمَوْتِ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْغَمُوسِ؛ لِأَنَّ تَصَوُّرَ الْبِرِّ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ مُسْتَحِيلٌ فِيهِ بِمَرَّةٍ فَلَا يَنْعَقِدُ لِلْخَلَفِ وَهُوَ الْكَفَّارَةُ، وَلَا يُقَالُ: إعَادَةُ الزَّمَانِ الْمَاضِي فِي قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَيْضًا وَقَدْ فَعَلَهُ لِسُلَيْمَانَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَنْعَقِدَ يَمِينُ الْغَمُوسِ بِهَذَا الطَّرِيقِ أَيْضًا؛ لِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ تَصَوُّرَ إعَادَةِ الزَّمَانِ الْمَاضِي عَلَى أَنَّهُ أَخْبَرَ عَنْ فِعْلٍ قَدْ وُجِدَ مِنْهُ كَاذِبًا فَيَسْتَحِيلُ فِيهِ الصِّدْقُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَإِنْ أَعَادَ الزَّمَانَ لَا يَصِيرُ الْفِعْلُ فِيهِ مَوْجُودًا مِنْ الْحَالِفِ بِدُونِ أَنْ يَفْعَلَهُ فَلِهَذَا لَمْ يَنْعَقِدْ الْغَمُوسُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
قَوْلُهُ (فَصَارَ مَشْرُوعًا) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَقَدْ وُجِدَ احْتِمَالُ الْقُدْرَةِ، وَالضَّمِيرُ الْمُسْتَكِنُ فِي فَصَارَ رَاجِعٌ إلَى وُجُوبِ الْأَصْلِ أَيْ فَصَارَ وُجُوبُ الْأَصْلِ وَهُوَ الْأَدَاءُ مَشْرُوعًا بِهَذَا الِاحْتِمَالِ، ثُمَّ وَجَبَ النَّقْلُ يَعْنِي إلَى خَلَفِهِ وَهُوَ الْقَضَاءُ لِلْعَجْزِ الْحَالِيِّ.
قَوْلُهُ (كَمَنْ هَجَمَ) أَيْ دَخَلَ، وَإِنَّمَا اخْتَارَ لَفْظَ الْهُجُومِ دُونَ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ الْإِتْيَانُ بَغْتَةً وَالدُّخُولُ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانٍ وَإِتْيَانُ وَقْتِ الصَّلَاةِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ، وَلِأَنَّ الْعَجْزَ فِي هَذِهِ

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 196
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست