responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 194
وَلِهَذَا قَالَ زُفَرُ فِي الْمَرْأَةِ تَطْهُرُ مِنْ حَيْضِهَا أَوْ نِفَاسِهَا أَوْ الْكَافِرِ يُسْلِمُ أَوْ الصَّبِيِّ يَبْلُغُ فِي آخِرِ الْوَقْتِ أَنْ لَا صَلَاةَ عَلَيْهِمْ إلَّا أَنْ يُدْرِكُوا وَقْتًا صَالِحًا لِلْأَدَاءِ لِمَا قُلْنَا لَكِنَّ أَصْحَابَنَا اسْتَحْسَنُوا بَعْدَ تَمَامِ الْحَيْضِ أَوْ دَلَالَةِ انْقِطَاعِهِ قَبْلَ تَمَامِهِ بِإِدْرَاكِ وَقْتِ الْغُسْلِ أَنَّهَا تَجِبُ بِإِدْرَاكِ جُزْءٍ يَسِيرٍ مِنْ الْوَقْتِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقُدْرَةِ لَا بِالزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ فِي اعْتِبَارِ هَذِهِ الْقُدْرَةِ حَرَجٌ عَظِيمٌ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الْهَلَاكِ فِي الْغَالِبِ وَالْحَرَجُ مَنْفِيٌّ وَإِنَّمَا اعْتَبَرْنَا فِي الصَّلَاةِ الْقُدْرَةَ الْمُتَوَهَّمَةَ وَإِنْ كَانَ لَا يَتَحَقَّقُ الْأَدَاءُ بِهَا لِيَظْهَرَ أَثَرُهُ فِي الْخُلْفِ وَهُوَ الْقَضَاءُ لَا لِعَيْنِ الْأَدَاءِ وَلَا خُلْفَ لِلْحَجِّ يَنْتَفِي بِمُبَاشَرَتِهِ الْحَرَجُ فَلِذَلِكَ لَمْ تُعْتَبَرْ، إلَّا بِقُدْرَةٍ مَالِيَّةٍ وَهِيَ أَنْ يَكُونَ مُتَمَكِّنًا مِنْ أَدَائِهَا بِأَنْ كَانَ مَالِكًا لِلْمَالِ قَادِرًا عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِنَائِبِهِ حَتَّى لَوْ ثَبَتَ لَهُ التَّمَكُّنُ بِمَالِ الْغَيْرِ بِأَنْ أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ لَا يُعْتَبَرُ فِي وُجُوبِ الْأَدَاءِ الزَّكَاةُ، وَهَذَا بِخِلَافِ الطَّهَارَةِ حَيْثُ ثَبَتَ الْقُدْرَةُ عَلَى الْمَاءِ بِالْإِبَاحَةِ؛ لِأَنَّ صِفَةَ الْعِبَادَةِ فِيهَا غَيْرُ مَقْصُودَةٍ بَلْ الْمَقْصُودُ الطَّهَارَةُ وَهِيَ تَحْصُلُ بِالْإِبَاحَةِ وَهَهُنَا مَعْنَى الْعِبَادَةِ مَقْصُودٌ مَعَ ذَلِكَ صِفَةُ الْغِنَى فِي الْمُؤَدَّى مُعْتَبَرٌ وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ بِالْإِبَاحَةِ.
وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ بَعِيدًا مِنْ مَالِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ يَجِدُ الْمَصْرِفَ لَا يَثْبُتُ التَّمَكُّنُ حَتَّى لَوْ هَلَكَ الْمَالُ قَبْلَ الْوُصُولِ إلَيْهِ سَقَطَ الْوَاجِبُ بِالْإِجْمَاعِ.
، وَإِنَّمَا قُيِّدَ بِهِ؛ لِأَنَّ فِي الْهَلَاكِ بَعْدَ التَّمَكُّنِ خِلَافًا كَمَا سَيَأْتِي قَوْلُهُ (وَلِهَذَا قَالَ زُفَرُ إلَى آخِرِهِ) قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْمَأْمُورَ بِفِعْلٍ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى تَحْصِيلِ الْمَأْمُورِ بِهِ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّ تَكْلِيفَ مَا لَيْسَ فِي الْوُسْعِ لَيْسَ بِحِكْمَةٍ إلَّا أَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى نَوْعَيْنِ أَحَدُهُمَا سَلَامَةُ الْآلَاتِ وَصِحَّةُ الْأَسْبَابِ وَهِيَ تُسَمَّى قُدْرَةً لِحُدُوثِ الْقُدْرَةِ فِيهَا عِنْدَ قَصْدِ الْفِعْلِ فِي الْمُعْتَادِ.
وَالثَّانِي حَقِيقَةُ الْقُدْرَةِ الَّتِي يُوجَدُ بِهَا الْفِعْلُ وَالتَّكْلِيفُ يَعْتَمِدُ الْأُولَى وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَعْتَمِدَ الثَّانِيَةَ غَيْرَ أَنَّ تَعَذُّرَ تَقَدُّمِ الْمَشْرُوطِ عَلَى الشَّرْطِ مَنَعَ عَنْ ذَلِكَ فَنَقَلَ الشَّرْطِيَّةَ إلَى الْأُولَى لِحُصُولِ الثَّانِيَةِ بِهَا عَادَةً عِنْدَ الْفِعْلِ فَثَبَتَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُورُ قَادِرًا عَلَى الْفِعْلِ حَقِيقَةً عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ لَوْ عَزَمَ عَلَى الْفِعْلِ لَوَجَدَ الْفِعْلَ بِالْقُدْرَةِ الْحَقِيقِيَّةِ فَكَانَتْ حَالَةُ وُجُودِ الْفِعْلِ حَالَةَ وُجُودِ الْقُدْرَتَيْنِ جَمِيعًا، فَلِهَذَا قَالَ زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذَا صَارَ الْإِنْسَانُ أَهْلًا لِلتَّكْلِيفِ فِي آخِرِ الْوَقْتِ بِأَنْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ أَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ أَوْ طَهُرَتْ الْحَائِضُ أَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ فِي آخِرِ الْوَقْتِ بِحَيْثُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ أَدَاءِ الْفَرْضِ فِيهِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِقَادِرٍ عَلَى الْفِعْلِ حَقِيقَةً لِفَوَاتِ الْوَقْتِ الَّذِي هُوَ مِنْ ضَرُورَاتِ الْقُدْرَةِ فَلَمْ يَثْبُتْ التَّكْلِيفُ لِعَدَمِ شَرْطِهِ.
وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِ مَنْ قَالَ إنَّ احْتِمَالَ الْقُدْرَةِ ثَابِتٌ بِاحْتِمَالِ امْتِدَادِ الْوَقْتِ وَهُوَ كَافٍ لِصِحَّةِ التَّكْلِيفِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ احْتِمَالٌ بَعِيدٌ وَهُوَ لَا يَصْلُحُ شَرْطًا لِلتَّكْلِيفِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ لَا يَحْصُلُ بِهِ، أَلَا تَرَى أَنَّ احْتِمَالَ سَفَرِ الْحَجِّ بِدُونِ زَادٍ وَرَاحِلَةٍ وَاحْتِمَالَ الْقُدْرَةِ عَلَى الصَّوْمِ لِلشَّيْخِ الْفَانِي وَاحْتِمَالَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لِلْمَرِيضِ الْمُدْنَفِ وَالْمُقْعَدِ بِزَوَالِ الْمَرَضِ وَالزَّمَانَةِ وَاحْتِمَالَ الْإِبْصَارِ لِلْأَعْمَى بِزَوَالِ الْعَمَى أَقْرَبُ إلَى الْوُجُودِ مِنْ هَذَا الِاحْتِمَالِ وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يَصْلُحْ شَرْطًا لِلتَّكْلِيفِ فَهَذَا أَوْلَى.
قَوْلُهُ (لَكِنَّ أَصْحَابَنَا اسْتَحْسَنُوا) أَيْ عَمِلُوا بِالدَّلِيلِ الْخَفِيِّ الْأَقْوَى وَتَرَكُوا الْقِيَاسَ الَّذِي عَمِلَ بِهِ زُفَرُ بَعْدَ تَمَامِ الْحَيْضِ بِأَنْ انْقَطَعَ الدَّمُ عَلَى الْعَشَرَةِ، أَوْ دَلَالَةُ انْقِطَاعِهِ أَيْ الْحَيْضِ قَبْلَ تَمَامِهِ بِأَنْ انْقَطَعَ الدَّمُ فِيمَا دُونَ الْعَشَرَةِ بِإِدْرَاكِ وَقْتِ الْغُسْلِ بَعْدَ الِانْقِطَاعِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الدَّمَ إذَا انْقَطَعَ عَلَى الْعَشَرَةِ أَيْ تَمَّ الْحَيْضُ بِتَمَامِ الْعَشَرَةِ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ شَيْءٌ قَلِيلٌ أَوْ كَثِيرٌ كَانَ عَلَيْهَا قَضَاءُ تِلْكَ الصَّلَاةِ عِنْدَنَا وَإِنْ لَمْ تُدْرِكْ وَقْتَ الْغُسْلِ، وَإِنْ انْقَطَعَ عَلَى مَا دُونَ الْعَشَرَةِ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مِقْدَارُ مَا يُمْكِنُهَا أَنْ تَغْتَسِلَ

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 194
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست