responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 191
وَأَمَّا الضَّرْبُ الثَّالِثُ فَمُخْتَصٌّ بِالْأَدَاءِ دُونَ الْقَضَاءِ وَذَلِكَ عِبَارَةٌ عَنْ الْقُدْرَةِ الَّتِي يَتَمَكَّنُ بِهَا الْعَبْدُ مِنْ أَدَاءِ مَا لَزِمَهُ وَذَلِكَ شَرْطُ الْأَدَاءِ دُونَ الْوُجُوبِ وَأَصْلُ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة: 286] وَهُوَ نَوْعَانِ مُطْلَقٌ وَكَامِلٌ فَأَمَّا الْمُطْلَقُ مِنْهُ فَأَدْنَى مَا يَتَمَكَّنُ بِهِ الْمَأْمُورُ مِنْ أَدَاءِ مَا لَزِمَهُ بَدَنِيًّا كَانَ أَوْ مَالِيًّا وَهَذَا فَضْلٌ وَمِنَّةٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَنَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا يَجُوزُ أَدَاءُ الصَّلَاةِ مِنْ الْمُحْدِثِ؛ لِأَنَّ مَنْ شَرْطِ الْجَوَازِ الطَّهَارَةَ عَنْ الْحَدَثِ هَكَذَا ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قُلْت الْوُضُوءُ مُسَاوٍ لِلسَّعْيِ فِي هَذَا أَيْضًا؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْوُضُوءِ بِمَنْزِلَةِ فِعْلِ السَّعْيِ وَحُصُولِ الطَّهَارَةِ بِهِ بِمَنْزِلَةِ حُصُولِ الرَّجُلِ فِي الْجَامِعِ بِالسَّعْيِ وَقَدْ تَحْصُلُ الصَّلَاةُ بِدُونِ فِعْلِ الْوُضُوءِ كَمَا تَحْصُلُ الْجُمُعَةُ بِدُونِ فِعْلِ السَّعْيِ وَلَا يَحْصُلُ بِدُونِ صِفَةِ الطَّهَارَةِ كَمَا لَا تَحْصُلُ الْجُمُعَةُ بِدُونِ كَوْنِهِ فِي الْجَامِع، وَكَذَلِكَ لَوْ تُصُوِّرَ إسْلَامُ الْخَلْقِ عَنْ آخِرِهِمْ لَا تَبْقَى فَرِيضَةُ الْجِهَادِ أَيْضًا، وَكَذَلِكَ حَقُّ الْمَيِّتِ مَتَى سَقَطَ بِعَارِضٍ مُضَافٍ إلَى اخْتِيَارِهِ مِنْ بَغْيٍ أَوْ قَطْعِ طَرِيقٍ أَوْ كُفْرٍ سَقَطَ حَقُّهُ.
وَكَذَا إذَا قَامَ بِهِ الْوَلِيُّ سَقَطَ عَنْ الْبَاقِينَ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وَمَتَى لَمْ يَقْضِ حَقُّهُ بِأَنْ صَلَّى عَلَيْهِ غَيْرُ الْوَلِيِّ كَانَتْ الصَّلَاةُ بَاقِيَةً عَلَى الْوَلِيِّ وَكَذَا إذَا لَمْ تَنْكَسِرْ شَوْكَةُ الْكُفَّارِ بِالْقِتَالِ مَرَّةً لَمْ يَسْقُطْ الْفَرْضُ وَوَجَبَ ثَانِيًا؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي لَهُ وَجَبَ بِمَنْزِلَةِ السَّبَبِ الْمُوجِبِ فَلَا يَبْقَى الْحُكْمُ بِدُونِ السَّبَبِ، كَذَا ذَكَرَ الْقَاضِي الْإِمَامُ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ.
، ثُمَّ الشَّيْخُ لَمَّا ذَكَرَ فِي أَثْنَاءِ كَلَامِهِ مَا يُفْهَمُ مِنْهُ هَذِهِ الْأَحْكَامُ لَمْ يَذْكُرْهَا صَرِيحًا.

[الْقُدْرَةِ الَّتِي يَتَمَكَّنُ بِهَا الْعَبْدُ مِنْ أَدَاءِ مَا لَزِمَهُ شَرْطُ لِلْأَدَاءِ دُونَ الْوُجُوبِ]
قَوْلُهُ (وَأَمَّا الضَّرْبُ الثَّالِثُ) وَهُوَ الَّذِي سَمَّاهُ جَامِعًا يَخْتَصُّ بِالْأَدَاءِ دُونَ الْقَضَاءِ أَيْ هَذَا الْقِسْمُ يَتَأَتَّى فِي الْأَدَاءِ دُونَ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْقِسْمَ إنَّمَا صَارَ جَامِعًا لِلْحُسْنِ الذَّاتِيِّ وَالْحُسْنِ الْإِضَافِيِّ بِاعْتِبَارِ اشْتِرَاطِ الْقُدْرَةِ وَهِيَ مَشْرُوطَةٌ فِي وُجُوبِ الْأَدَاءِ دُونَ وُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَى مَا سَتَعْرِفُهُ فَلَا يَتَأَتَّى فِي الْقَضَاءِ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحُسْنَيْنِ فَيَكُونُ مُخْتَصًّا بِالْأَدَاءِ ضَرُورَةً، ثُمَّ الْحُسْنُ بِاعْتِبَارِ الْغَيْرِ إنَّمَا يَثْبُتُ فِي هَذَا الْقِسْمِ مَعَ كَوْنِهِ حُسْنًا لِذَاتِهِ؛ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ لَا تَصِحُّ أَنْ تَكُونَ مَأْمُورًا بِهَا إلَّا بِقَدْرٍ مِنْ الْمُخَاطَبِ فَيَتَوَقَّفُ وُجُوبُهَا عَلَى الْقُدْرَةِ تَوَقُّفَ وُجُوبِ السَّعْيِ عَلَى وُجُوبِ الْجُمُعَةِ فَصَارَ حَسَنًا لِغَيْرِهِ مَعَ كَوْنِهِ حَسَنًا لِذَاتِهِ، وَذَلِكَ إشَارَةٌ إلَى الْغَيْرِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ الضَّرْبُ الثَّالِثُ أَيْ الشَّيْءُ الَّذِي صَارَ الْحَسَنُ لِعَيْنِهِ حَسَنًا لِغَيْرِهِ بِوَاسِطَتِهِ هِيَ الْقُدْرَةُ الَّتِي يَتَمَكَّنُ بِهَا الْعَبْدُ مِنْ أَدَاءِ مَا لَزِمَهُ أَيْ يَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ أَيْ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ وَهُوَ الْقُدْرَةُ، شَرْطُ الْأَدَاءِ أَيْ شَرْطُ وُجُوبِ الْأَدَاءِ، دُونَ الْوُجُوبِ أَيْ دُونَ نَفْسِ الْوُجُوبِ.
وَقِيلَ مَعْنَاهُ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ وَهُوَ الْقُدْرَةُ الْحَقِيقِيَّةُ، شَرْطُ الْأَدَاءِ أَيْ شَرْطُ حَقِيقَةِ الْأَدَاءِ، دُونَ الْوُجُوبِ أَيْ دُونَ وُجُوبِ الْأَدَاءِ؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ سَلَامَةُ الْآلَاتِ وَصِحَّةُ الْأَسْبَابِ لَا حَقِيقَةُ الْقُدْرَةِ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْوَجْهُ وَعَلَيْهِ دَلَّ مَا ذَكَرَ الْقَاضِي الْإِمَامُ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ فِي كِتَابَيْهِمَا، وَأَصْلُ ذَلِكَ أَيْ أَصْلُ اشْتِرَاطِ الْقُدْرَةِ قَوْله تَعَالَى {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة: 286] أَيْ طَاقَتَهَا وَقُدْرَتَهَا أَيْ لَا يَأْمُرُهَا بِمَا لَيْسَ فِي طَاقَتِهَا فَثَبَتَ بِالنَّصِّ أَنَّ الْقُدْرَةَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْأَمْرِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ قَدْ اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ التَّكْلِيفِ بِالْمُمْتَنِعِ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِتَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ فَقَالَ أَصْحَابُنَا لَا يَجُوزُ ذَلِكَ عَقْلًا وَلِهَذَا لَمْ يَقَعْ شَرْعًا وَقَالَتْ الْأَشْعَرِيَّةُ إنَّهُ جَائِزٌ عَقْلًا وَاخْتَلَفُوا فِي وُقُوعِهِ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ الْوُقُوعِ وَالْخِلَافُ فِي التَّكْلِيفِ بِمَا هُوَ مُمْتَنِعٌ لِذَاتِهِ كَالْجَمْعِ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ وَالْعَقْدِ بَيْنَ شَعِيرَتَيْنِ فَأَمَّا التَّكْلِيفُ بِمَا هُوَ مُمْتَنِعٌ لِغَيْرِهِ كَإِيمَانِ مَنْ عَلِمَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ مِثْلِ فِرْعَوْنَ وَأَبِي جَهْلٍ وَسَائِرِ الْكُفَّارِ الَّذِينَ مَاتُوا عَلَى كُفْرِهِمْ فَقَدْ اتَّفَقَ الْكُلُّ عَلَى جَوَازِهِ عَقْلًا وَعَلَى وُقُوعِهِ شَرْعًا، فَالْأَشْعَرِيَّةُ تَمَسَّكُوا بِأَنَّ التَّكْلِيفَ مِنْهُ

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 191
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست