responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 188
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQحَسَنًا بِوَاسِطَةِ شَرَفِ الْمَكَانِ لَا لِذَاتِهِ إذْ قَطْعُ الْمَسَافَةِ وَزِيَارَةُ أَمَاكِنَ مَعْلُومَةٍ يُسَاوِي فِي ذَاتِهِ سَفَرُ التِّجَارَةِ وَزِيَارَةُ الْبِلَادِ، غَيْرَ أَنَّ هَذِهِ الْوَسَائِطَ تَثْبُتُ بِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى لَا اخْتِيَارَ لِلْعَبْدِ فِيهَا فَإِنَّ النَّفْسَ لَيْسَتْ بِجَانِيَةٍ فِي صِفَتِهَا بَلْ هِيَ مَجْبُولَةٌ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ كَالنَّارِ عَلَى صِفَةِ الْإِحْرَاقِ وَلِهَذَا لَا يُلَامُ أَحَدٌ عَلَى الْمَيْلِ إلَى الشَّهَوَاتِ وَلَا يُسْأَلُ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ لِأَنَّهُ طَبْعِيٌّ، وَلَا يُقَالُ لِمَا لَمْ تَكُنْ جَانِيَةً فِي صِفَتِهَا كَيْفَ اسْتَحَقَّتْ الْقَهْرَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّمَا وَجَبَ قَهْرُهَا بِمُخَالَفَةِ هَوَاهَا لِئَلَّا يَقَعَ الْمَرْءُ فِي الْهَلَاكِ بِسَبَبِ مُتَابَعَتِهَا كَمَا أَنَّ التَّبَاعُدَ وَجَبَ عَنْ النَّارِ احْتِرَازًا عَنْ الْهَلَاكِ وَإِنْ كَانَتْ مَجْبُولَةً فِي صِفَةِ الْإِحْرَاقِ غَيْرَ مُخْتَارَةٍ.
، وَكَذَا الْفَقِيرُ لَيْسَ بِمُسْتَحِقٍّ عِبَادَةً إذْ الْعِبَادَةُ لَا يَسْتَحِقُّهَا إلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ بِفَقْرِهِ قَدْ يَسْتَحِقُّ إيصَالَ النَّفْعِ إلَيْهِ بِطَرِيقِ الْمَبَرَّةِ الَّتِي تَدْعُو إلَيْهَا الطَّبِيعَةُ إذْ هِيَ فِي الْأَصْلِ مَائِلَةٌ إلَى الْإِحْسَانِ إلَى الْغَيْرِ وَدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الْجِنْسِ وَلَكِنْ لَا يَسْتَحِقُّ مَا هُوَ عِبَادَةٌ أَصْلًا لِمَا ذَكَرْنَا، وَكَذَا الْبَيْت لَيْسَ بِمُسْتَحِقٍّ لِلتَّعْظِيمِ بِنَفْسِهِ إذْ هُوَ حَجَرٌ كَسَائِرِ الْبُيُوتِ بَلْ بِجَعْلِ اللَّهِ تَعَالَى إيَّاهُ مُعْظَمًا وَأَمْرُهُ أَبَانَا بِتَعْظِيمِهِ، وَلِمَا ثَبَتَ أَنَّ هَذِهِ الْوَسَائِطَ ثَبَتَتْ بِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى بِدُونِ اخْتِيَارِ الْعَبْدِ كَانَتْ مُضَافَةً إلَى اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ وَسَقَطَ اعْتِبَارُهَا فِي حَقِّ الْعَبْدِ فَصَارَتْ هَذِهِ الْعِبَادَاتُ حَسَنَةً خَالِصَةً مِنْ الْعَبْدِ لِلرَّبِّ بِلَا وَاسِطَةٍ كَالصَّلَاةِ فَشَرَطَ لَهَا الْأَهْلِيَّةَ الْكَامِلَةَ فَلَا يَجِبُ عَلَى الصَّبِيِّ كَالصَّلَاةِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي فَصْلِ الزَّكَاةِ.
(فَإِنْ قِيلَ) الصَّلَاةُ صَارَتْ قُرْبَةً بِوَاسِطَةِ الْكَعْبَةِ أَيْضًا فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ مِنْ الضَّرْبِ الثَّالِثِ لَا مِنْ الثَّانِي كَالْحَجِّ.
(قُلْنَا) إنَّمَا أَرَادَ بِالْوَاسِطَةِ هَهُنَا مَا يَتَوَقَّفُ ثُبُوتُ الْحُسْنِ لِلْمَأْمُورِ بِهِ عَلَيْهِ كَمَا بَيَّنَّا أَنَّ حُسْنَ هَذِهِ الْعِبَادَاتِ يَتَوَقَّفُ عَلَى هَذِهِ الْوَسَائِطِ الْمَذْكُورَةِ حَتَّى شَابَهَتْ بِاعْتِبَارِهَا الْحَسَنَ لِغَيْرِهِ وَالصَّلَاةُ تَعْظِيمُ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ حَسَنٌ فِي ذَاتِهِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ لَهُ عَلَى جِهَةِ الْكَعْبَةِ فَإِنَّهَا قَدْ كَانَتْ حَسَنَةً حِينَ كَانَتْ الْقِبْلَةُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَجِهَةَ الْمَشْرِقِ وَقَدْ تَبْقَى حَسَنَةً عِنْدَ فَوَاتِ هَذِهِ الْجِهَةِ حَالَةَ اشْتِبَاهِ الْقِبْلَةِ، فَلَمَّا لَمْ يَتَوَقَّفْ حُسْنُهَا عَلَى الْوَاسِطَةِ كَانَتْ الضَّرْبَ الثَّانِي بِخِلَافِ تِلْكَ الْعِبَادَاتِ فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ حَسَنَةً بِدُونِ وَسَائِطِهَا فَكَانَتْ فِي الضَّرْبِ الثَّالِثِ.
إلَيْهِ أَشَارَ الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ بَدْرُ الدِّينِ الْكَرْدَرِيُّ فِي فَوَائِدِ التَّقْوِيمِ، فَصَارَ هَذَا أَيْ الْقِسْمُ الثَّالِثُ كَالْقِسْمِ الثَّانِي وَهُوَ الْإِقْرَارُ وَالصَّلَاةُ حَتَّى شَرَطْنَا لَهَا أَهْلِيَّةً كَامِلَةً؛ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ الْخَالِصَةَ مَحْضُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى شُرِعَتْ عَلَى الْعِبَادِ ابْتِلَاءً وَهُوَ غَنِيٌّ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَتَوَقَّفَ وُجُوبُ حَقِّهِ لِغِنَاهُ عَلَى كَمَالِ الْأَهْلِيَّةِ فَلَمْ يَجِبْ عَلَى الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ بِخِلَافِ حُقُوقِ الْعِبَادِ فَإِنَّهَا يَجُوزُ أَنْ تَجِبَ بِأَهْلِيَّةٍ قَاصِرَةٍ لِحَاجَتِهِمْ فَيَجِبُ عَلَى الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَيَنُوبُ الْوَلِيُّ مَنَابَهُمَا فِي الْأَدَاءِ، وَاعْلَمْ أَنَّ إيرَادَ الْإِيمَانِ فِي نَظَائِرِ هَذَا النَّوْعِ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ فِي بَيَانِ الْحُسْنِ الَّذِي ثَبَتَ لِلْمَأْمُورِ بِهِ بِالْأَمْرِ وَعُرِفَ ذَلِكَ بِهِ لَا قَبْلَهُ بِالْعَقْلِ وَحُسْنُ الْإِيمَانِ ثَابِتٌ قَبْلَ الْأَمْرِ وَيُعْرَفُ بِالْعَقْلِ لَا بِتَوَقُّفِ ذَلِكَ عَلَى وُرُودِ السَّمْعِ حَتَّى قُلْنَا بِوُجُوبِ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ أَصْلًا، وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْ الْقَاضِي الْإِمَامُ الْإِيمَانَ فِي هَذِهِ الْأَقْسَامِ بَلْ بَدَأَ بِالصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ حُسْنَ هَذِهِ الْهَيْئَةِ ثَابِتٌ بِالْأَمْرِ لَا بِالْعَقْلِ إلَّا أَنْ يَكُونَ حُسْنُهُ ثَابِتًا بِالسَّمْعِ عِنْدَ الشَّيْخِ لَا بِالْعَقْلِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْأَشْعَرِيَّةِ لَكِنَّ قَوْلَهُ لَا يَقْبَلُ سُقُوطَ هَذَا الْوَصْفِ

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 188
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست