responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 162
عِنْدَ الْقَابِضِ بَطَلَ حَقُّهُ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ أَدَاءً بِأَصْلِهِ صَارَ مُسْتَوْفِيًا وَبَطَلَ الْوَصْفُ؛ لِأَنَّهُ لَا مِثْلَ لَهُ صُورَةً وَلَا مَعْنًى وَلَمْ يَجُزْ إبْطَالُ الْأَصْلِ لِلْوَصْفِ إذْ الْإِنْسَانُ لَا يَضْمَنُ لِنَفْسِهِ وَاسْتَحْسَنَ أَبُو يُوسُفَ وَأَوْجَبَ مِثْلَ الْمَقْبُوضِ إحْيَاءً لِحَقِّهِ فِي الْوَصْفِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ اسْتِحْقَاقِ الْمَالِيَّةِ؛ لِأَنَّ مَا لَا يَنْفَكُّ عَنْ الشَّيْءِ بِحَالٍ فَكَأَنَّهُ هُوَ إلَّا أَنَّ اسْتِحْقَاقَ النَّفْسِيَّةِ فِي حُكْمِ الِاسْتِيفَاءِ فَقَطْ وَانْعِقَادُ الْبَيْعِ صَحِيحًا وَرَاءَ ذَلِكَ وَإِذَا مَاتَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَلَمْ يَتِمَّ الِاسْتِحْقَاقُ فِي حُكْمِ الِاسْتِيفَاءِ فَلِهَذَا هَلَكَ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي وَإِذَا قَتَلَ فَقَدْ تَمَّ الِاسْتِحْقَاقُ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَظْهَرَ الِاسْتِحْقَاقُ فِي حُكْمِ الِاسْتِيفَاءِ دُونَ غَيْرِهِ كَمِلْكِ الزَّوْجِ فِي زَوْجَتِهِ وَمِلْكِ مَنْ لَهُ الْقِصَاصُ فِي نَفْسِ مَنْ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ لَا يَظْهَرُ إلَّا فِي حُكْمِ الِاسْتِيفَاءِ حَتَّى إذَا وُطِئَتْ الْمَنْكُوحَةُ بِشُبْهَةٍ كَانَ الْعُقْرُ لَهَا وَإِذَا قَتَلَ مَنْ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ خَطَأً كَانَتْ الدِّيَةُ لِوَرَثَتِهِ دُونَ مَنْ لَهُ الْقِصَاصُ.
وَهَذَا بِخِلَافِ الزِّنَا فَإِنَّ بِزِنَا الْعَبْدِ لَا يَصِيرُ نَفْسُهُ مُسْتَحَقَّةً إذْ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ ضَرْبٌ مُؤْلِمٌ وَاسْتِيفَاءُ ذَلِكَ لَا يُنَافِي الْمَالِيَّةَ فِي الْمَحَلِّ وَالتَّلَفُ حَصَلَ لِخَرْقِ الْجَلَّادِ أَوْ لِضَعْفِ الْمَجْلُودِ فَلَمْ يَكُنْ مُضَافًا إلَى الزِّنَا بِوَجْهٍ.
وَإِذَا اشْتَرَاهُ وَهُوَ يَعْلَمُ بِحِلِّ دَمِهِ فَفِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ أَيْضًا إذَا قُتِلَ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِحْقَاقِ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى قَالَ لَا يَرْجِعُ؛ لِأَنَّ حِلَّ الدَّمِ مِنْ وَجْهٍ كَالِاسْتِحْقَاقِ وَمِنْ وَجْهٍ كَالْعَيْبِ حَتَّى لَا يَمْنَعَ صِحَّةَ الْبَيْعِ فَلِشَبَهِهِ بِالِاسْتِحْقَاقِ قُلْنَا عِنْدَ الْجَهْلِ بِهِ يَرْجِعُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَلِشَبَهِهِ بِالْعَيْبِ قُلْنَا لَا يَرْجِعُ عِنْدَ الْعِلْمِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا جُعِلَ كَالِاسْتِحْقَاقِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الْمُشْتَرِي وَقَدْ انْدَفَعَ حِينَ عَلِمَ بِهِ، فَأَمَّا الْحَامِلُ فَهُنَاكَ السَّبَبُ الَّذِي كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ يُوجِبُ انْفِصَالَ الْوَلَدِ لَا مَوْتَ الْأُمِّ بَلْ الْغَالِبُ عِنْدَ الْوِلَادَةِ السَّلَامَةُ فَهِيَ مِثْلُ الزَّانِي إذَا جُلِدَ، وَلَيْسَ هَذَا كَالْغَصْبِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْغَاصِبِ نَسْخُ فِعْلِهِ وَهُوَ أَنْ يَرُدَّ الْمَغْصُوبَ كَمَا غُصِبَ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ حِينَ رَدَّهَا حَامِلًا، وَهَهُنَا الْوَاجِبُ عَلَى الْبَائِعِ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ كَمَا أَوْجَبَهُ الْعَقْدُ وَقَدْ وُجِدَ ذَلِكَ ثُمَّ إنْ تَلِفَ بِسَبَبٍ كَانَ الْهَلَاكُ بِهِ مُسْتَحَقًّا عِنْدَ الْبَائِعِ يَنْتَقِضُ قَبْضُ الْمُشْتَرِي فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَحَقًّا لَا يَنْتَقِضُ قَبْضُ الْمُشْتَرِي فِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَالْأَسْرَارِ.
وَإِذَا حَقَّقْت مَا ذَكَرْنَا عَلِمْت أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ الدَّيْنُ رَاجِعٌ إلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ وَأَنَّ الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ مُخْتَصٌّ بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ مَشْغُولًا بِالْجِنَايَةِ وَفِي لَفْظِ الْكِتَابِ إشَارَةٌ إلَيْهِ قِيلَ انْتَقَضَ التَّسْلِيمُ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا هَذَا تَسْلِيمٌ كَامِلٌ وَالتَّسْلِيمُ يُسْتَعْمَلُ فِي الْعَقْدِ لَا فِي الْغَصْبِ وَإِنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ الرَّدُّ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي مُسَابَقَةَ الْأَخْذِ وَلِهَذَا قَالَ الشَّيْخُ فِي مَسْأَلَةِ الْغَصْبِ فَرَدَّهُ مَشْغُولًا وَفِي مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ أَوْ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ فَعُلِمَ بِاسْتِعْمَالِ لَفْظَةِ التَّسْلِيمِ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْبَيْعِ دُونَ الْغَصْبِ إذْ لَوْ كَانَ فِيهِمَا لَقِيلَ انْتَقَضَ الرَّدُّ وَالتَّسْلِيمُ وَهَذَا رَدٌّ وَتَسْلِيمٌ كَامِلٌ.
وَقَوْلُهُ إذَا هَلَكَ فِي ذَلِكَ الْوَجْهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَسْأَلَةَ الدَّيْنِ خَارِجَةٌ عَنْ الْخِلَافِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْهَلَاكَ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ فِي الْجِنَايَةِ لَا فِي الدَّيْنِ وَإِنَّمَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ الْبَيْعُ فَحَيْثُ قِيلَ هَلَكَ وَلَمْ يَقُلْ هَلَكَ أَوْ بِيعَ عُلِمَ أَنَّ مَسْأَلَةَ الدَّيْنِ عَلَى الْوِفَاقِ، وَقَوْلُهُ تَسْلِيمٌ كَامِلٌ أَيْ تَامٌّ أَرَادَ بِهِ لَيْسَ بِمَوْقُوفٍ كَمَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا أَنَّهُ أَدَاءٌ كَامِلٌ؛ إذْ الْعَيْبُ يَمْنَعُ الْكَمَالَ فِي الْأَدَاءِ كَمَا ذَكَرْنَا قَوْلَهُ (وَأَدَاءُ الزُّيُوفِ) هُوَ جَمْعُ زَيْفٍ أَيْ مَرْدُودٌ يُقَالُ زَافَتْ عَلَيْهِ دَرَاهِمُهُ أَيْ صَارَتْ مَرْدُودَةً عَلَيْهِ لِغِشٍّ وَدِرْهَمٌ زَيْفٌ وَزَائِفٌ وَدَرَاهِمُ زُيُوفٌ وَزَيْفٌ وَهُوَ دُونَ النَّبَهْرَجِ فِي الرَّدَاءَةِ؛ لِأَنَّ الزَّيْفَ مَا يَرُدُّهُ بَيْتُ الْمَالِ وَلَكِنَّهُ يُرَوَّجُ فِيمَا بَيْنَ التُّجَّارِ وَالنَّبَهْرَجُ مَا يَرُدُّهُ التُّجَّارُ وَرُبَّمَا

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 162
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست