responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 150
وَثَوَابُ النَّفَقَةِ فِي الْحَجِّ بِإِحْجَاجِ النَّائِبِ؛ لِأَنَّا لَا نَعْقِلُ الْمُمَاثَلَةَ بَيْنَ الصَّوْمِ وَالْفِدْيَةِ لَا صُورَةً وَلَا مَعْنًى فَلَمْ يَكُنْ مِثْلًا قِيَاسًا وَأَمَّا الصَّوْمُ فَمِثْلٌ صُورَةً وَمَعْنًى وَكَذَلِكَ لَيْسَ بَيْنَ أَفْعَالِ الْحَجِّ وَنَفَقَةِ الْإِحْجَاجِ مُمَاثَلَةٌ بِوَجْهٍ لَكِنَّا جَوَّزْنَاهُ بِالنَّصِّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْبَدَلُ الَّذِي يَتَلَخَّصُ بِهِ عَنْ مَكْرُوهٍ تَوَجَّهَ إلَيْهِ قَوْلُهُ (وَثَوَابُ النَّفَقَةِ) أَيْ الْإِنْفَاقِ فِي الْحَجِّ بِإِحْجَاجِ النَّائِبِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْإِحْجَاجَ عَنْ الْغَيْرِ جَائِزٌ وَلَكِنَّهُ فِي الْحَجِّ الْفَرْضِ مَشْرُوطٌ بِالْعَجْزِ الدَّائِمِ حَتَّى جَازَ عَنْ الْمَيِّتِ وَعَنْ الْمَرِيضِ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ الْحَجَّ إذَا لَمْ يَزَلْ مَرِيضًا حَتَّى مَاتَ فَإِنْ صَحَّ فَعَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ وَالْمُؤَدَّى تَطَوُّعٌ؛ لِأَنَّا عَرَفْنَا جَوَازَهُ بِحَدِيثِ الْخَثْعَمِيَّةِ وَقَدْ وَرَدَ فِي عَجْزِ الشَّيْخُوخَةِ وَأَنَّهَا دَائِمَةٌ لَازِمَةٌ وَلِأَنَّهُ فَرْضُ الْعُمْرِ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ عَجْزٌ يَسْتَغْرِقُ بَقِيَّةَ الْعُمْرِ لِيَقَعَ بِهِ الْيَأْسُ عَنْ الْأَدَاءِ بِالْبَدَنِ، وَفِي التَّطَوُّعِ لَيْسَ بِمَشْرُوطٍ بِالْعَجْزِ حَتَّى إنَّ صَحِيحَ الْبَدَنِ إذَا أَحَجَّ بِمَالِهِ رَجُلًا عَلَى سَبِيلِ التَّطَوُّعِ عَنْهُ يَجُوزُ؛ لِأَنَّ مَبْنَى التَّطَوُّعِ عَلَى التَّوَسُّعِ.
ثُمَّ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا اخْتَلَفُوا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ عَامَّتُهُمْ: لِلْآمِرِ ثَوَابُ النَّفَقَةِ وَيَسْقُطُ الْوَاجِبُ عَنْ الْآمِرِ فَأَمَّا الْحَجُّ فَيَقَعُ عَنْ الْمَأْمُورِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لِأَنَّ الْحَجَّ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ وَلَا تَجْرِي النِّيَابَةُ فِي أَدَاءِ الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ وَلَكِنْ لَهُ ثَوَابُ الْإِنْفَاقِ؛ لِأَنَّهُ فِعْلُهُ فَيُثَابُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يَسْقُطُ عَنْ الْآمِرِ الْحَجُّ إمَّا؛ لِأَنَّ الْإِنْفَاقَ سَبَبٌ وَإِقَامَةُ السَّبَبِ مُقَامَ الْمُسَبَّبِ أَصْلٌ فِي الشَّرْعِ أَوْ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ إنْفَاقُ الْمَالِ فِي طَرِيقِ الْحَجِّ وَأَدَاءِ الْحَجِّ، فَإِذَا عَجَزَ عَنْ أَدَاءِ الْحَجِّ بَقِيَ عَلَيْهِ مِقْدَارُ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَهُوَ إنْفَاقُ الْمَالِ فِي طَرِيقِ الْحَجِّ فَيَلْزَمُهُ دَفْعُ الْمَالِ لِيُنْفِقَهُ الْحَاجُّ فِي الطَّرِيقِ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَشْتَرِطُ أَهْلِيَّةَ النَّائِبِ لِصِحَّةِ الْأَفْعَالِ حَتَّى لَوْ أَمَرَ ذِمِّيًّا لَا يَجُوزُ وَلَوْ كَانَ الْفِعْلُ يَنْتَقِلُ إلَى الْآمِرِ لَشَرَطَ أَهْلِيَّتَهُ لَا أَهْلِيَّةَ النَّائِبِ كَمَا فِي الزَّكَاةِ، وَلَا يُقَالُ لَمَّا لَمْ تَجْرِ النِّيَابَةُ فِي الْأَفْعَالِ وَوَقَعَتْ عَنْ نَفْسِهِ لَزِمَ أَنْ يَسْقُطَ عَنْ الْمَأْمُورِ فَرْضُ الْحَجِّ بِهَذِهِ الْأَفْعَالِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ فَرْضُ الْحَجِّ لَا يَتَأَدَّى إلَّا بِنِيَّةِ الْفَرْضِ أَوْ بِمُطْلَقِ النِّيَّةِ وَلَمْ يُوجَدْ وَإِنَّمَا وُجِدَتْ النِّيَّةُ عَنْ الْآمِرِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْحَجُّ يَقَعُ عَنْ الْآمِرِ وَهُوَ اخْتِيَارُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ فِي الْمَبْسُوطِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ ظَوَاهِرَ الْأَخْبَارِ فِي هَذَا الْبَابِ تَشْهَدُ بِهِ فَإِنَّهُ «- عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ لِسَائِلَةٍ، حُجِّي عَنْ أَبِيك وَاعْتَمِرِي» .
«وَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أَبِي مَاتَ وَلَمْ يَحُجَّ أَفَيُجْزِئُنِي أَنْ أَحُجَّ عَنْهُ؟ فَقَالَ نَعَمْ» .
وَحَدِيثُ الْخَثْعَمِيَّةِ فِي هَذَا الْبَابِ مَشْهُورٌ عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ فَدَلَّ أَنَّ أَصْلَ الْحَجِّ يَقَعُ عَنْ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ وَلِهَذَا يُشْتَرَطُ الْحَجُّ عَنْهُ وَلَوْ نَوَى الْحَجَّ لِنَفْسِهِ يَصِيرُ ضَامِنًا.
يُوَضِّحُهُ أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ الْفِعْلُ لَا الْإِنْفَاقُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ حَجَّ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْفِقَ مِنْ مَالِهِ يَسْقُطُ عَنْهُ الْفَرْضُ وَلَوْ أَنْفَقَ فِي الطَّرِيقِ وَلَمْ يَحُجَّ لَا يَسْقُطُ فَثَبَتَ أَنَّ النِّيَابَةَ فِي الْفِعْلِ.
وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا قُلْنَا قَوْلُهُ وَثَوَابُ النَّفَقَةِ فِي الْحَجِّ بِإِحْجَاجِ النَّائِبِ إنَّمَا يَصِحُّ عَلَى الْمَذْهَبِ الْأَوَّلِ لَا عَلَى الْمَذْهَبِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ فِيهِ أُقِيمَ مُقَامَ الْفِعْلِ لَا الْإِنْفَاقِ.
ثُمَّ عَلَى هَذَا الْمَذْهَبِ بَيَانُ أَنَّ الْمُمَاثَلَةَ بَيْنَ الْفِعْلِ وَالْفِعْلِ غَيْرُ مَعْقُولَةٍ مَعَ كَوْنِهَا مَعْقُولَةً ظَاهِرًا أَنْ يُقَالَ إنَّمَا جَعَلَ فِعْلَ نَفْسِهِ مِثْلًا لِفِعْلِ نَفْسِهِ فِي قَضَاءِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ لِحُصُولِ الْمَشَقَّةِ وَإِتْعَابُ النَّفْسِ فِي الْفِعْلِ الثَّانِي كَحُصُولِهَا فِي الْفِعْلِ الْأَوَّلِ فَأَمَّا فِعْلُ الْغَيْرِ فَلَا يَحْصُلُ بِهِ الْمَشَقَّةُ لَهُ فَكَيْفَ يَكُونُ مِثْلًا لِفِعْلِ نَفْسِهِ؟ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لِلْقِيَاسِ فِيهِ حَتَّى لَمْ تَجُزْ أَنْ يَقْضِيَ الِابْنُ صَلَاةَ أَبِيهِ وَلَا صِيَامَهُ بِأَمْرِهِ وَبِغَيْرِ أَمْرِهِ، وَلَوْ كَانَتْ الْمِثْلِيَّةُ مَعْقُولَةً بَيْنَهُمَا لَجَازَ إثْبَاتُهُ بِالْقِيَاسِ كَمَا فِي الْمَنْذُورَاتِ الْمُتَعَيِّنَةِ.
قَوْلُهُ (لَا صُورَةً وَلَا مَعْنًى)

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 150
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست