responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 140
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْوَقْتِ وَلَمَّا لَمْ يُمْكِنْ إيجَابُهُ بِالْأَمْرِ الْأَوَّلِ تَوَقَّفَ عَلَى دَلِيلٍ آخَرَ ضَرُورَةً، قَالَ أَبُو الْيُسْرِ: - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنَّ إقَامَةَ الْفِعْلِ فِي الْوَقْتِ إنَّمَا عُرِفَتْ قُرْبَةً شَرْعًا بِخِلَافِ الْقِيَاسِ فَلَا يُمْكِنُنَا إقَامَةُ مِثْلِ هَذَا الْفِعْلِ فِي وَقْتٍ آخَرَ مَقَامَ هَذَا الْفِعْلِ بِالْقِيَاسِ عِنْدَ الْفَوَاتِ كَمَا فِي الْجُمُعَةِ فَإِنَّ أَدَاءَ الرَّكْعَتَيْنِ لَمَّا عُرِفَ قُرْبَةً بِخِلَافِ الْقِيَاسِ لَا يُمْكِنُنَا أَنْ نُقِيمَ مِثْلَ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ مَقَامَهُمَا فِي وَقْتٍ آخَرَ بِالْقِيَاسِ عِنْدَ الْفَوَاتِ وَكَمَا فِي تَكْبِيرَاتِ التَّشْرِيقِ، فَإِنَّهَا لَمَّا عُرِفَتْ قُرْبَةً فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ شَرْعًا بِخِلَافِ الْقِيَاسِ لَا يُمْكِنُنَا أَنْ نُقِيمَ مِثْلَ هَذِهِ التَّكْبِيرَاتِ فِي غَيْرِ تِلْكَ الْأَيَّامِ مَقَامَهَا عِنْدَ الْفَوَاتِ، وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ بِأَنَّهُ يَجِبُ بِالْأَمْرِ الْأَوَّلِ بِالْقِيَاسِ، وَهُوَ أَنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ بِوُجُوبِ الْقَضَاءِ فِي الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] أَيْ فَأَفْطَرَ فَعَلَيْهِ عِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ.
وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا فَإِنَّ ذَلِكَ وَقْتُهَا» ، وَمَا وَرَدَ فِيهِ مَعْقُولُ الْمَعْنَى فَوَجَبَ إلْحَاقُ غَيْرِ الْمَنْصُوصِ بِهِ.
وَبَيَانُهُ أَنَّ الْأَدَاءَ قَدْ صَارَ مُسْتَحَقًّا عَلَيْهِ بِالْأَمْرِ فِي الْوَقْتِ وَمَعْلُومٌ بِالِاسْتِقْرَاءِ أَنَّ الْمُسْتَحَقَّ لَا يَسْقُطُ عَنْ الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ إلَّا بِالْأَدَاءِ أَوْ بِالْإِسْقَاطِ أَوْ بِالْعَجْزِ وَلَمْ يُوجَدْ الْكُلُّ فَبَقِيَ كَمَا كَانَ قَبْلَهُ أَمَّا عَدَمُ وُجُودِ الْأَدَاءِ فَظَاهِرٌ وَكَذَا عَدَمُ الْإِسْقَاطِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ صَرِيحًا بِيَقِينٍ وَلَا دَلَالَةَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْدُثْ إلَّا خُرُوجُ الْوَقْتِ، وَهُوَ بِنَفْسِهِ لَا يَصْلُحُ مُسْقِطًا لِأَنَّ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ تَقَرَّرَ تَرْكُ الِامْتِثَالِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُسْقِطًا بَلْ هُوَ تَقَرَّرَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْعُهْدَةِ؛ وَإِنَّمَا يَصْلُحُ الْخُرُوجُ مُسْقِطًا بِاعْتِبَارِ الْعَجْزِ وَلَمْ يُوجَدْ الْعَجْزُ إلَّا فِي حَقِّ إدْرَاكِ الْفَضِيلَةِ لِبَقَاءِ الْقُدْرَةِ عَلَى أَصْلِ الْعِبَادَةِ لِكَوْنِهِ مُتَصَوَّرَ الْوُجُودِ مِنْهُ حَقِيقَةً وَحُكْمًا فَيَتَقَدَّرُ السُّقُوطُ بِقَدْرِ الْعَجْزِ فَيَسْقُطُ عَنْهُ اسْتِدْرَاكُ شَرَفِ الْوَقْتِ إلَى الْإِثْمِ إنْ تَعَمَّدَ التَّفْوِيتَ وَإِلَى عَدَمِ الثَّوَابِ إنْ لَمْ يَكُنْ تَعَمَّدَ لِلْعَجْزِ وَيَبْقَى أَصْلُ الْعِبَادَةِ الَّذِي هُوَ الْمَقْصُودُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ فَيُطَالَبُ بِالْخُرُوجِ عَنْ عُهْدَتِهِ بِصَرْفِ الْمِثْلِ إلَيْهِ كَمَا فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ (فَإِنْ قِيلَ) لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى أَصْلِ الْوَاجِبِ تَبْقَى بَعْدَ فَوَاتِ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ مُقَيَّدٌ بِالْوَقْتِ بِحَيْثُ لَوْ قُدِّمَ الْأَدَاءُ عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ فَيَكُونُ الْوَاجِبُ فِعْلًا مَوْصُوفًا بِصِفَةٍ، وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ فِعْلٌ مَوْصُوفٌ بِصِفَةٍ لَا يَبْقَى بِدُونِ تِلْكَ الصِّفَةِ كَالْوَاجِبِ بِالْقُدْرَةِ الْمُيَسَّرَةِ لَا تَبْقَى بَعْدَ فَوَاتِ تِلْكَ الْقُدْرَةِ لِفَوَاتِ وَصْفِهِ.
وَهُوَ الْيُسْرُ (قُلْنَا) هَذَا إذَا كَانَ الْوَصْفُ مَقْصُودًا وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ نَفْسَ الْوَقْتِ هَهُنَا لَيْسَ بِمَقْصُودٍ؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْعِبَادَةِ فِي كَوْنِ الْفِعْلِ عَمَلًا بِخِلَافِ هَوَى النَّفْسِ أَوْ فِي كَوْنِهِ تَعْظِيمًا لِلَّهِ تَعَالَى وَثَنَاءً عَلَيْهِ وَهَذَا لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَوْقَاتِ كَمَا لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمَاكِنِ، وَكَانَ هَذَا كَمَنْ أُمِرَ بِأَنْ يَتَصَدَّقَ دِرْهَمًا مِنْ مَالِهِ بِالْيَدِ الْيُمْنَى فَشُلَّتْ يَدُهُ الْيُمْنَى يَجِبُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالْيُسْرَى؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ بِهِ يَحْصُلُ، فَكَذَا هُنَا وَأَمَّا عَدَمُ صِحَّةِ الْأَدَاءِ قَبْلَ الْوَقْتِ فَلَيْسَ لِكَوْنِهِ مَقْصُودًا بَلْ لِكَوْنِهِ سَبَبًا لِلْوُجُوبِ وَالْأَدَاءُ قَبْلَ السَّبَبِ لَا يَجُوزُ وَلَمَّا كَانَ الْوَقْتُ تَبَعًا غَيْرَ مَقْصُودٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَسْقُطَ بِسُقُوطِهِ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ الْكُلِّيُّ، وَهُوَ أَصْلُ الْعِبَادَةِ كَمَنْ أَتْلَفَ مِثْلِيًّا وَعَجَزَ عَنْ تَسْلِيمِ الْمِثْلِ صُورَةً يَسْقُطُ عَنْهُ ذَلِكَ لِلْعَجْزِ وَلَا يَسْقُطُ بِسُقُوطِ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ، وَهُوَ الْمِثْلُ مَعْنًى فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ كَذَا هُنَا، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْمُعِينِ: - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْقَضَاءُ مِثْلُ الْأَدَاءِ

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 140
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست