responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 137
فَسَمَّى الْأَدَاءَ قَضَاءً؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ لَفْظٌ مُتَّسِعٌ وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ الْأَدَاءُ فِي الْقَضَاءِ مُقَيَّدًا؛ لِأَنَّ لِلْأَدَاءِ خُصُوصًا بِتَسْلِيمِ نَفْسِ الْوَاجِبِ وَعَيْنِهِ؛ لِأَنَّ مَرْجِعَ الْعِبَارَةِ إلَى الِاسْتِقْصَاءِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQمَبْنِيٌّ عَلَى وُجُوبِ الْأَدَاءِ، وَهُوَ سَاقِطٌ عَنْ هَؤُلَاءِ بِالِاتِّفَاقِ وَكَيْفَ يُقَالُ بِوُجُوبِ أَدَاءِ الصَّوْمِ عَلَى الْحَائِضِ وَلَا سَبِيلَ لَهَا إلَى الْأَدَاءِ وَلَا إلَى إزَالَةِ الْمَانِعِ مِنْ الْأَدَاءِ بِخِلَافِ الْحَدَثِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ إزَالَتُهُ، وَكَذَلِكَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالنَّائِمُ لَكِنَّهُ سُمِّيَ قَضَاءً مَجَازًا؛ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ هَذَا الْفَرْضِ فَوَاتَ الْأَوَّلِ فَلِفَوَاتِ إيجَابِهِ فِي الْوَقْتِ سُمِّيَ قَضَاءً، وَقَالَ عَامَّةُ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَصْحَابِنَا وَأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ إنَّهُ قَضَاءٌ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّ حَقِيقَتَهُ مَا فُعِلَ بَعْدَ وَقْتِ الْأَدَاءِ اسْتِدْرَاكًا لِمَصْلَحَةِ مَا انْعَقَدَ سَبَبُ وُجُوبِهِ وَقَدْ انْعَقَدَ فِي حَقِّ هَؤُلَاءِ فَيَكُونُ هَذَا حَقِيقَةً.
وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِمْ نِيَّةُ قَضَاءِ الْفَائِتِ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَوْ كَانَ فَرْضًا مُبْتَدَأً لَمَا وَجَبَتْ وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ وُجُوبُ الْأَدَاءِ حَقِيقَةً بَلْ تَصَوُّرُ ذَلِكَ كَافٍ؛ وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا كَتَصَوُّرِ وُجُوبِ الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ فِي مَوْضِعٍ لَا مَاءَ فِيهِ لِصِحَّةِ نَقْلِ الْحُكْمِ إلَى التُّرَابِ وَقَدْ تُصَوِّرَ زَوَالُ هَذِهِ الْأَعْذَارِ فِي الْوَقْتِ وَإِيجَابُ الْأَدَاءِ بَعْدَهُ فَيَكُونُ هَذَا الْقَدْرُ كَافِيًا فِي نَقْلِ الْحُكْمِ إلَى الْقَضَاءِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ مُؤَدِّيًا إلَى الْحَرَجِ، وَهَذَا كَالْمُحْدِثِ إذَا ضَاقَ بِهِ وَقْتُ الصَّلَاةِ لَا يَتَأَتَّى لَهُ الْأَدَاءُ وَوُجُوبُ الْأَدَاءِ يُلَاقِيهِ وَكَذَلِكَ مَنْ لَا يَجِدُ مَاءً وَلَا تُرَابًا نَظِيفًا لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْأَدَاءُ وَلَا التَّسْبِيبُ إلَيْهِ، وَمَعَ ذَلِكَ صَحَّ الْوُجُوبُ عَلَيْهِ وَالسَّكْرَانُ يُلَاقِيهِ وُجُوبُ الصَّلَاةِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ أَدَائِهَا، وَذَكَرَ فِي الْمِيزَانِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ الْقَضَاءِ وُجُوبُ الْأَدَاءِ فِي حَقِّ مَنْ عَلَيْهِ وَلَكِنَّ الشَّرْطَ وُجُوبُ الْأَدَاءِ فِي الْجُمْلَةِ لِعُمُومِ دَلِيلِهِ وَفَوَاتِهِ عَنْ الْوَقْتِ فِي حَقِّهِ مَعَ إدْرَاكِ وَقْتِ الْقَضَاءِ وَانْتِفَاءِ الْحَرَجِ عَنْهُ عَلَى مَا عُرِفَ مِنْ مَسْأَلَةِ الْمَجْنُونِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ (فَسُمِّيَ الْأَدَاءُ قَضَاءً) كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ} [البقرة: 200] أَيْ أَدَّيْتُمْ وَأَتْمَمْتُمْ أُمُورَ الْحَجِّ، وَقَوْلِهِ عَزَّ اسْمُهُ {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ} [الجمعة: 10] أَيْ أُدِّيَتْ وَفُرِغَ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْهَا الْجُمُعَةُ وَأَنَّهَا لَا تُقْضَى، وَرَأَيْتُ فِي نُسْخَةٍ مِنْ أُصُولِ الْفِقْهِ أَنَّ الْوَاجِبَ الْأَصْلِيَّ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ هُوَ الظُّهْرُ لِقَوْلِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - إنَّمَا قَصُرَتْ الصَّلَاةُ لِمَكَانِ الْخُطْبَةِ إلَّا أَنَّ الْجُمُعَةَ أُقِيمَتْ مَقَامَهَا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى أَدَائِهَا لِنَوْعِ حَاجَةٍ فَكَانَ اسْمُ الْقَضَاءِ لَهَا حَقِيقَةً مِنْ هَذَا الْوَجْهِ قَوْلُهُ.
(لِأَنَّ الْقَضَاءَ لَفْظٌ مُتَّسِعٌ) بِالْكَسْرِ أَيْ عَامٌّ يَجُوزُ إطْلَاقُهُ عَلَى تَسْلِيمِ عَيْنِ الْوَاجِبِ وَمِثْلِهِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ الْإِسْقَاطُ وَالْإِتْمَامُ وَالْإِحْكَامُ وَهَذِهِ الْمَعَانِي مَوْجُودَةٌ فِي تَسْلِيمِ عَيْنِ الْوَاجِبِ كَمَا هِيَ مَوْجُودَةٌ فِي تَسْلِيمِ مِثْلِهِ فَيَجُوزُ إطْلَاقُهُ عَلَى الْأَدَاءِ بِطَرِيقِ الْحَقِيقَةِ لِعُمُومِ مَعْنَاهُ كَإِطْلَاقِ الْحَيَوَانِ عَلَى الْإِنْسَانِ وَالْفَرَسِ وَالْأَسَدِ وَغَيْرِهَا إلَّا أَنَّهُ لَمَّا اخْتَصَّ بِتَسْلِيمِ الْمِثْلِ عُرْفًا أَوْ شَرْعًا كَانَ فِي غَيْرِهِ مَجَازًا فَكَانَ إطْلَاقُهُ عَلَى الْأَدَاءِ حَقِيقَةً لُغَوِيَّةً مَجَازًا عُرْفِيًّا أَوْ شَرْعِيًّا.
قَوْلُهُ (وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ الْأَدَاءُ فِي الْقَضَاءِ مُقَيَّدًا) أَيْ بِقَرِينَةٍ يَعْنِي لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ قَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى الْقَضَاءِ إذَا اُسْتُعْمِلَ فِيهِ كَمَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى الشُّجَاعِ إذَا اُسْتُعْمِلَ لَفْظُ الْأَسَدِ فِيهِ مِنْ نَحْوِ قَوْلِهِ يَرْمِي أَوْ غَيْرُهُ فِي قَوْلِك رَأَيْت أَسَدًا يَرْمِي أَوْ فِي الْحَمَّامِ وَهَذَا كَمَا يُقَالُ أَدَّى مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ فَبِقَرِينَةِ قَوْلِهِ مِنْ الدَّيْنِ يُفْهَمُ مِنْهُ الْقَضَاءُ؛ لِأَنَّ أَدَاءَ حَقِيقَةِ الدَّيْنِ مُحَالٌ وَكَمَا يُقَالُ نَوَيْت أَنْ أُؤَدِّيَ ظُهْرَ الْأَمْسِ فَبِقَرِينَةِ الْأَمْسِ يُفْهَمُ مِنْهُ الْقَضَاءُ؛ لِأَنَّ أَدَاءَ ظُهْرِ الْأَمْسِ بَعْدَ مُضِيِّهِ مُحَالٌ.
قَوْلُهُ (لِأَنَّ لِلْأَدَاءِ خُصُوصًا) دَلِيلٌ عَلَى اشْتِرَاطِ التَّقْيِيدِ يَعْنِي أَنَّ مَعْنَى الْأَدَاءِ مُخْتَصٌّ بِتَسْلِيمِ نَفْسِ الْوَاجِبِ

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 137
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست