responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 131
وَإِنَّمَا أُشْكِلَ عَلَى الْأَقْرَعِ لِأَنَّهُ اعْتَبَرَ ذَلِكَ بِسَائِرِ الْعِبَادَاتِ وَعَلَى هَذَا يَخْرُجُ أَنَّ كُلَّ اسْمِ فَاعِلٍ دَلَّ عَلَى الْمَصْدَرِ لُغَةً مِثْلُ قَوْله تَعَالَى {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ} [المائدة: 38] لَمْ يَحْتَمِلْ الْعَدَدَ حَتَّى قُلْنَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُرَدَّ بِالْآيَةِ إلَّا الْأَيْمَانُ؛ لِأَنَّ كُلَّ السَّرِقَاتِ غَيْرُ مُرَادٍ بِالْإِجْمَاعِ فَصَارَ الْوَاحِدُ مُرَادًا وَبِالْفِعْلِ الْوَاحِدِ لَا يُقْطَعُ إلَّا وَاحِدٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا يَصِحُّ إلَّا بِطَرِيقِ الِاسْتِثْنَاءِ، وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّامَ وَحْدَهَا هِيَ حَرْفُ التَّعْرِيفِ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ وَالْهَمْزَةُ قَبْلَهَا هَمْزَةُ وَصْلٍ مَجْلُوبَةٌ لِلِابْتِدَاءِ كَهَمْزَةِ اسْمِ وَابْنِ وَعِنْدَ الْخَلِيلِ كَلِمَةُ التَّعْرِيفِ أَلْ كَهَلْ وَبَلْ؛ وَإِنَّمَا اسْتَمَرَّ التَّخْفِيفُ بِالْهَمْزَةِ لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ فَالشَّيْخُ بِقَوْلِهِ لَغَا حَرْفُ الْعَهْدِ وَقَوْلُهُ بَقِيَ اللَّامُ أَشَارَ إلَى مَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ حَرْفَا الْعَهْدِ وَبَقِيَ الْأَلِفُ وَاللَّامُ كَمَا قَالَ غَيْرُهُ.
قَوْلُهُ (وَإِنَّمَا أُشْكِلَ) جَوَابٌ عَمَّا تَمَسَّكَ بِهِ الْفَرِيقَانِ الْأَوَّلَانِ مِنْ سُؤَالِ الْأَقْرَعِ فَقَالَ لَمْ يَكُنْ سُؤَالُهُ بِنَاءً عَلَى الِاحْتِمَالِ الَّذِي ذَكَرُوهُ بَلْ إنَّمَا كَانَ؛ لِأَنَّهُ عَرَفَ أَنَّ سَائِرَ الْعِبَادَاتِ مُتَعَلِّقَةٌ بِأَسْبَابٍ مُتَكَرِّرَةٍ مِثْلَ تَعَلُّقِ الصَّلَاةِ بِالْأَوْقَاتِ وَالصَّوْمِ بِالشَّهْرِ وَالزَّكَاةِ بِالْأَمْوَالِ النَّامِيَةِ وَلِهَذَا تَكَرَّرَتْ بِتَكَرُّرِ النَّمَاءِ، وَقَدْ رَأَى الْحَجَّ مُتَعَلِّقًا بِالْوَقْتِ الَّذِي هُوَ مُتَكَرِّرٌ بِحَيْثُ لَمْ يَصِحَّ أَدَاؤُهُ قَبْلَهُ وَبِالْبَيْتِ الَّذِي لَيْسَ هُوَ بِمُتَكَرِّرٍ فَاشْتَبَهَ عَلَيْهِ؛ فَلِهَذَا سُئِلَ لَا لِكَوْنِ الْأَمْرِ لِلتَّكْرَارِ لُغَةً، وَمَعْنَى قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَوْ قُلْت نَعَمْ لَوَجَبَتْ» أَيْ لَوْ قُلْت نَعَمْ يَجِبُ فِي كُلِّ عَامٍ لَوَجَبَتْ فَرِيضَةُ الْحَجِّ فِي كُلِّ عَامٍ وَحِينَئِذٍ صَارَ الْوَقْتُ سَبَبًا، فَإِنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ صَاحِبَ الشَّرْعِ وَإِلَيْهِ نَصْبُ الشَّرَائِعِ كَذَا ذَكَرَ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ التَّقْوِيمِ، السَّارِقُ لَا يُؤْتَى عَلَى أَطْرَافِهِ الْأَرْبَعَةِ عِنْدَنَا وَلَكِنْ يُحْبَسُ حَتَّى يُحْدِثَ تَوْبَةً وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُؤْتَى عَلَى الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَصَّ عَلَى الْأَيْدِي بِلَفْظِ الْجَمْعِ وَأَضَافَهَا إلَى السَّارِقِ وَالسَّارِقَةِ فَأَوْجَبَتْ الِاسْتِغْرَاقَ كَقَوْلِك عَبِيدُكُمَا فَيَدْخُلُ الْيَسَارُ كَالْيَمِينِ فِي الْحُكْمِ بِمُطْلَقِ الِاسْمِ كَمَا فِي الطَّهَارَةِ وَلَا يُحْمَلُ عَلَى الْيَمِينِ؛ لِأَنَّ فِيهِ إبْطَالَ الْإِطْلَاقِ وَذَلِكَ يَجْرِي مَجْرَى النَّسْخِ عِنْدَكُمْ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ إبْطَالَ صِيغَةِ الْجَمْعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ لِسَارِقٍ وَسَارِقَةٍ أَيْمَانٌ بَلْ لَهُمَا يَمِينَانِ فَثَبَتَ أَنَّ الْيَسَارَ مَحَلُّ الْقَطْعِ كَالْيَمِينِ وَكَيْفَ إلَّا وَالْيَسَارُ آلَةُ السَّرِقَةِ كَالْيَمِينِ وَفَوْقَ الرِّجْلِ الْيُسْرَى فَيَكُونُ مَحَلُّ الْقَطْعِ إلَّا أَنَّ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ يَثْبُتُ الْمَحَلِّيَّةُ لِلرَّجُلِ بِالسُّنَّةِ وَبِالْإِجْمَاعِ فَلَا يُوجِبُ ذَلِكَ انْتِفَاءَ الْمَحَلِّيَّةِ الثَّابِتَةِ بِمُطْلَقِ الْكِتَابِ.
وَلَنَا قِرَاءَةُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فَاقْطَعُوا أَيْمَانَهُمَا، وَهَذِهِ الْقِرَاءَةُ مِنْ قِرَاءَةِ الْعَامَّةِ بِمَنْزِلَةِ الْمُقَيَّدِ مِنْ الْمُطْلَقِ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ فَاقْطَعُوا أَيْمَانَهُمَا مِنْ الْأَيْدِي فَلَا يَتَنَاوَلُ الْيُسْرَى فَهَذَا قَيْدٌ جَاءَ فِي الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ قَطْعُ يَدٍ، فَإِذَا قُيِّدَتْ بِالْيَمِينِ كَانَ الْقَيْدُ زِيَادَةَ وَصْفٍ يَثْبُتُ فِيهِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ} [البقرة: 196] مُتَتَابِعَاتٍ فَيَرْتَفِعُ الْإِطْلَاقُ بِالْقَيْدِ، وَيَجِبُ الْحَمْلُ بِالْإِجْمَاعِ، وَكَانَ كَرَجُلٍ قَالَ لِآخَر أَعْتِقْ عَبْدًا مِنْ عَبِيدِي ثُمَّ قَالَ عَنَيْت سَالِمًا وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ لَا يَقْطَعُ الْيُسْرَى وَيَقْطَعُ الرِّجْلَ فَلَوْ كَانَ النَّصُّ مُتَنَاوِلًا لِلْيُسْرَى لَمْ يَجُزْ قَطْعُ الرِّجْلِ مَعَ بَقَاءِ الْيَدِ؛ لِأَنَّ مَعَ بَقَاءِ الْمَنْصُوصِ لَا يَجُوزُ الْعُدُولُ إلَى غَيْرِهِ، وَإِذَا ثَبَتَ التَّقْيِيدُ فِي النَّصِّ جُعِلَتْ صِيغَةُ الْجَمْعِ مَجَازًا عَنْ التَّثْنِيَةِ ضَرُورَةً كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4] كَيْفَ وَالْعَمَلُ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ غَيْرُ مُمْكِنٍ عَلَى مَا نَذْكُرُ فَثَبَتَ أَنَّ الْيَسَارَ لَمْ يَدْخُلْ فِي النَّصِّ وَأَنَّهُ لَمْ يَتَنَاوَلْ إلَّا الْيُمْنَى وَأَنَّ اسْتِدْلَالَ الْخَصْمِ بِالْآيَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَكَذَا بِالْقِيَاسِ إذْ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي الْحُدُودِ، ثُمَّ الشَّيْخُ خَرَّجَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى الْأَصْلِ الَّذِي بَيَّنَهُ فَقَالَ: وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ أَيْ عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَنَّ اسْمَ الْجِنْسِ لَا يَحْتَمِلُ الْعَدَدَ؛ لِأَنَّهُ فَرْدٌ،

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 131
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست