responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 121
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِالنَّدْبِ وَالْإِبَاحَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: 2] لَكِنْ ذَلِكَ عِنْدَنَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ} [المائدة: 4] ارْتَدَّهَا لَا بِصِيغَتِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْإِطْلَاقِ ثُمَّ حَرُمَ بِسَبَبِ الْإِحْرَامِ فَكَانَ قَوْله تَعَالَى {فَاصْطَادُوا} [المائدة: 2] إعْلَامًا بِأَنَّ سَبَبَ التَّحْرِيمِ قَدْ ارْتَفَعَ وَعَادَ الْأَمْرُ إلَى أَصْلِهِ؛ وَإِنْ كَانَ الْحَظْرُ وَارِدًا ابْتِدَاءً غَيْرَ مُعَلَّلٍ بِعِلَّةٍ عَارِضَةٍ وَلَا مُعَلَّقٍ بِشَرْطٍ وَلَا غَايَةٍ فَالْأَمْرُ الْوَارِدُ بَعْدَهُ هُوَ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ.
، وَذَكَرَ فِي الْمُعْتَمَدِ الْأَمْرُ إذَا وَرَدَ بَعْدَ حَظْرٍ عَقْلِيٍّ أَوْ شَرْعِيٍّ أَفَادَ مَا يُفِيدُ لَوْ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ حَظْرٌ مِنْ وُجُوبٍ أَوْ نَدْبٍ وَقَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إنَّهُ يُفِيدُ بَعْدَ الْحَظْرِ الشَّرْعِيِّ الْإِبَاحَةَ وَهَذَا الْكَلَامُ يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي الْحَظْرِ الْعَقْلِيِّ أَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ لِلْإِبَاحَةِ مِثْلُ الْأَمْرِ بِالْقَتْلِ وَالذَّبْحِ، احْتَجَّ مَنْ قَالَ بِأَنَّهُ يُفِيدُ الْإِبَاحَةَ بِأَنَّ هَذَا النَّوْعَ مِنْ الْأَمْرِ لِلْإِبَاحَةِ فِي أَغْلِبْ الِاسْتِعْمَالِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: 2] {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا} [الجمعة: 10] {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ} [البقرة: 222] وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «كُنْت نَهَيْتُكُمْ عَنْ الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالنَّقِيرِ وَالْمُزَفَّتِ أَلَا فَانْتَبِذُوا» وَكَقَوْلِ الرَّجُلِ لِعَبْدِهِ اُدْخُلْ الدَّارَ بَعْدَمَا قَالَ لَهُ لَا تَدْخُلْ الدَّارَ، فَإِنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ الْإِبَاحَةُ دُونَ الْوُجُوبِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْحَظْرَ الْمُتَقَدِّمَ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ رَفْعُ الْحَظْرِ لَا الْإِيجَابُ كَمَا أَنَّ عَجْزَ الْمَأْمُورِ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ ظُهُورُ عَجْزِهِ لَا وُجُودُ الْفِعْلِ فَصَارَ كَأَنَّ الْآمِرَ قَالَ قَدْ كُنْت مَنَعْتُك عَنْ كَذَا فَرَفَعْت ذَلِكَ الْمَنْعَ وَأَذِنْت لَك فِيهِ، وَاحْتَجَّ الْعَامَّةُ بِأَنَّ الْمُقْتَضِيَ لِلْوُجُوبِ قَائِمٌ، وَهُوَ الصِّيغَةُ الدَّالَّةُ عَلَى الْوُجُوبِ إذْ الْوُجُوبُ هُوَ الْأَصْلُ فِيهَا وَالْعَارِضُ الْمَوْجُودُ لَا يَصْلُحُ مُعَارِضًا لِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَمَا جَازَ الِانْتِقَالُ مِنْ الْمَنْعِ إلَى الْإِذْنِ جَازَ الِانْتِقَالُ مِنْهُ إلَى الْإِيجَابِ وَالْعِلْمُ بِهِ ضَرُورِيٌّ، كَيْفَ وَقَدْ وَرَدَ الْأَمْرُ بَعْدَ الْحَظْرِ لِلْوُجُوبِ أَيْضًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 5] وَقَوْلُهُ عَزَّ اسْمُهُ {وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا} [الأحزاب: 53] وَكَالْأَمْرِ لِلْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ بِالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ بَعْدَ زَوَالِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ.
وَكَالْأَمْرِ بِالصَّلَاةِ بَعْدَ زَوَالِ السُّكْرِ، وَكَالْأَمْرِ بِالْقَتْلِ فِي شَخْصٍ حَرَامِ الْقَتْلِ بِالْإِسْلَامِ أَوْ الذِّمَّةِ بِارْتِكَابِ أَسْبَابٍ مُوجِبَةٍ لِلْقَتْلِ مِنْ الْحِرَابِ وَالرِّدَّةِ وَقَطْعِ الطَّرِيقِ، وَكَالْأَمْرِ بِالْحُدُودِ بِسَبَبِ الْجِنَايَاتِ بَعْدَمَا كَانَ ذَلِكَ مَحْظُورًا، وَكَقَوْلِ الرَّجُلِ لِعَبْدِهِ اسْقِنِي بَعْدَمَا قَالَ لَهُ لَا تَسْقِنِي فَهَذَا كُلُّهُ يُفِيدُ الْوُجُوبَ؛ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْحَظْرِ فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْحَظْرَ الْمُتَقَدِّمَ لَا يَصْلُحُ قَرِينَةً لِصَرْفِ الصِّيغَةِ عَنْ الْوُجُوبِ إلَى الْإِبَاحَةِ كَمَا أَنَّ الْإِيجَابَ الْمُتَقَدِّمَ لَا يَصْلُحُ قَرِينَةً لِصَرْفِ النَّهْيِ الْوَارِدِ بَعْدَهُ عَنْ التَّحْرِيمِ إلَى الْكَرَاهَةِ أَوْ التَّنْزِيهِ بِالِاتِّفَاقِ؛ وَإِنَّمَا فُهِمَ الْإِبَاحَةُ فِيمَا ذَكَرُوا مِنْ النَّظَائِرِ بِقَرَائِنَ غَيْرِ الْحَظْرِ الْمُتَقَدِّمِ، فَإِنَّهُ لَوْلَا الْحَظْرُ الْمُتَقَدِّمُ لَفُهِمَ مِنْهَا الْإِبَاحَةُ أَيْضًا، وَهِيَ أَنَّ الِاصْطِيَادَ وَأَخَوَاتِهَا شُرِعَتْ حَقًّا لِلْعَبْدِ، فَلَوْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ لَصَارَتْ حَقًّا عَلَيْهِ فَيَعُودُ الْأَمْرُ عَلَى مَوْضُوعِهِ بِالنَّقْضِ؛ وَلِهَذَا لَمْ يُحْمَلْ الْأَمْرُ بِالْكِتَابَةِ عِنْدَ الْمُدَايَنَةِ وَلَا الْأَمْرُ بِالْإِشْهَادِ عِنْدَ الْمُبَايَعَةِ عَلَى الْإِيجَابِ؛ وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ حَظْرٌ لِئَلَّا يَصِيرَ حَقًّا عَلَيْنَا بَعْدَمَا شُرِعَ حَقًّا لَنَا.
قَوْلُهُ (وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِالنَّدْبِ وَالْإِبَاحَةِ) إنَّمَا جَمَعَ الشَّيْخُ بَيْنَ النَّدْبِ وَالْإِبَاحَةِ؛ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الْقَوْلُ بِالنَّدْبِ فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ؛ وَإِنَّمَا الْمَذْكُورُ فِيهَا الْإِبَاحَةُ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ قِيلَ فِي قَوْله تَعَالَى {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [الجمعة: 10] إنَّهُ

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 121
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست