responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 11
وَأَنَّهُمْ قَالُوا بِحَقِّيَّةِ رُؤْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْإِبْصَارِ فِي دَارِ الْآخِرَةِ وَحَقِّيَّةِ عَذَابِ الْقَبْرِ لِمَنْ شَاءَ وَحَقِّيَّةِ خَلْقِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ الْيَوْمَ حَتَّى قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لِجَهْمٍ اُخْرُجْ عَنِّي يَا كَافِرُ وَقَالُوا بِحَقِّيَّةِ سَائِرِ أَحْكَامِ الْآخِرَةِ عَلَى مَا نَطَقَ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، وَهَذَا فَصْلٌ يَطُولُ تَعْدَادُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِمَقْعَدِ الْعِزِّ مِنْ عَرْشِك مِنْ الْقُعُودِ؛ لِأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى التَّمَكُّنِ وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِهِ بِقَوْلِهِ بِمَعْقِدِ الْعِزِّ مِنْ الْعَقْدِ فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا بَأْسَ بِهِ لِلْحَدِيثِ الْوَارِدِ فِيهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يُوجِبُ تَعَلُّقَ الْعِزِّ بِالْعَرْشِ وَيُوهِمُ حُدُوثَ هَذِهِ الصِّفَةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى بِجَمِيعِ أَوْصَافِهِ قَدِيمٌ أَزَلِيٌّ وَالْحَدِيثُ شَاذٌّ لَا يَجُوزُ الْعَمَلُ بِهِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ وَفِيهِ رَدٌّ لِمَذْهَبِ الْمُشَبِّهَةِ وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي الْحَلِفِ بِوَجْهِ اللَّهِ فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَكُونُ يَمِينًا؛ لِأَنَّ الْوَجْهَ يُذْكَرُ بِمَعْنَى الذَّاتِ قَالَ تَعَالَى {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} [الرحمن: 27] وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ لَا يَكُونُ يَمِينًا وَأَنَّهُ مِنْ إيمَانِ السَّفَلَةِ أَيْ الْجَهَلَةِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَهُ بِمَعْنَى الْعُضْوِ الْجَارِحَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَفِيهِ رَدٌّ لِمَذْهَبِ الْمُشَبِّهَةِ أَيْضًا.
وَقَالُوا إذَا ارْتَكَبَ الْعَبْدُ ذَنْبًا يُوجِبُ الْحَدَّ فَأُجْرِيَ عَلَيْهِ الْحَدُّ لَا يَحْصُلُ لَهُ التَّطْهِيرُ بِهِ مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ وَنَدَمٍ لِلْحَدِيثِ الْوَارِدِ فِيهِ إلَيْهِ أُشِيرُ فِي سَرِقَةِ الْمَبْسُوطِ وَفِيهِ رَدٌّ لِمَذْهَبِ الْمُرْجِئَةِ، فَإِنَّ عِنْدَهُمْ لَا يَضُرُّ ذَنْبٌ مَعَ الْإِيمَانِ كَمَا لَا يَنْفَعُ طَاعَةٌ مَعَ الْكُفْرِ وَبَنَوْا مَسَائِلَ لَا تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى عَلَى اخْتِيَارِ الْعَبْدِ وَفِيهَا رَدٌّ لِمَذْهَبِ الْمُجْبِرَةِ فَثَبَتَ أَنَّهُمْ لَمْ يَمِيلُوا إلَى شَيْءٍ مِنْ مَذَاهِبِ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَخَصَّ نَفْيَ الِاعْتِزَالِ عَنْهُمْ بِالذِّكْرِ أَوَّلًا ثُمَّ عَمَّمَ نَفْيَ جَمِيعِ الْأَهْوَاءِ عَنْهُمْ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَزِلَةَ هُمْ الْمُدَّعُونَ أَنَّهُمْ كَانُوا عَلَى مَذْهَبِهِمْ لَا غَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ.
قَوْلُهُ (وَإِنَّهُمْ قَالُوا) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ عَلَى أَنَّهُ كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ لَا بِفَتْحِهَا عَطْفًا عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَمِيلُوا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ فِي الْمَسَائِلِ مَا يَدُلُّ عَلَى حَقِّيَّةِ رُؤْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَحَقِّيَّةِ مَا ذُكِرَ وَلَكِنَّهُ ذَكَرَ فِي الْفِقْهِ الْأَكْبَرِ وَاَللَّهُ تَعَالَى يُرَى فِي الْآخِرَةِ يَرَاهُ الْمُؤْمِنُونَ وَهُمْ فِي الْجَنَّةِ بِأَعْيُنِ رُءُوسِهِمْ بِلَا شَبِيهٍ وَلَا كَيْفِيَّةٍ وَلَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ مَسَافَةٌ، وَحَقِّيَّةُ عَذَابِ الْقَبْرِ لِمَنْ شَاءَ ذَكَرَ فِي الْفِقْهِ الْأَكْبَرِ وَإِعَادَةُ الرُّوحِ إلَى الْعَبْدِ فِي قَبْرِهِ حَقٌّ وَضَغْطَةُ الْقَبْرِ حَقٌّ كَائِنٌ وَعَذَابُهُ حَقٌّ كَائِنٌ لِلْكُفَّارِ كُلِّهِمْ أَجْمَعِينَ وَلِبَعْضِ الْمُسْلِمِينَ وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ قَالَ سَأَلْت أَبِي عَنْ عَذَابِ الْقَبْرِ أَحَقُّ هُوَ فَقَالَ هُوَ حَقٌّ أَتَتْ بِهِ السُّنَّةُ وَجَاءَتْ بِهِ الْآثَارُ، وَحَقِّيَّةُ خَلْقِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ يَعْنِي أَقَرُّوا بِخَلْقِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَبِأَنَّهُمَا مَوْجُودَتَانِ الْيَوْمَ كَذَا ذُكِرَ فِي الْفِقْهِ الْأَكْبَرِ أَيْضًا أَنَّ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ مَخْلُوقَتَانِ لَا تَفْنَيَانِ أَبَدًا وَلَا تَمُوتُ الْحُورُ أَبَدًا وَلَا يَفْنَى عَذَابُ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا ثَوَابُهُ سَرْمَدًا، حَتَّى قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لِجَهْمٍ بَعْدَمَا طَالَ مُنَاظَرَتُهُمَا وَظَهَرَ مُكَابَرَتُهُ اُخْرُجْ عَنِّي يَا كَافِرُ، وَهُوَ جَهْمُ بْنُ صَفْوَانَ رَئِيسُ الْجَبْرِيَّةِ، وَكَانَ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّهُمَا لَيْسَتَا بِمَوْجُودَتَيْنِ الْيَوْمَ.
وَإِنَّمَا تُخْلَقَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُعْتَزِلَةِ كَذَا سَمِعْت مِنْ بَعْضِ الثِّقَاتِ وَعَلَيْهِ يَدُلُّ سِيَاقُ كَلَامِ الشَّيْخِ مِنْ مَذْهَبِهِ أَيْضًا أَنَّهُمَا مَعَ أَهَالِيِهِمَا تَفْنَيَانِ، وَإِنَّ الْإِيمَانَ هُوَ الْمَعْرِفَةُ فَقَطْ دُونَ الْإِقْرَارِ وَأَنَّهُ لَا فِعْلَ لِأَحَدٍ عَلَى الْحَقِيقَةِ إلَّا لِلَّهِ تَعَالَى، وَإِنَّ الْعِبَادَ فِيمَا يُنْسَبُ إلَيْهِمْ مِنْ الْأَفْعَالِ كَالشَّجَرَةِ تُحَرِّكُهَا الرِّيحُ وَالْإِنْسَانُ مُجْبَرٌ فِي أَفْعَالِهِ لَا قُدْرَةَ لَهُ وَلَا إرَادَةَ وَلَا اخْتِيَارَ كَذَا فِي الْمُغْرِبِ وَالْكِفَايَةِ وَتَسْمِيَتُهُ إيَّاهُ كَافِرًا إمَّا بِاعْتِبَارِ غُلُوِّهِ فِي هَوَاهُ أَوْ عَلَى سَبِيلِ الشَّتْمِ، وَقَالُوا بِحَقِّيَّةِ سَائِرِ أَحْكَامِ الْآخِرَةِ مِنْ الْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقِرَاءَةِ الْكُتُبِ وَوَزْنِ الْأَعْمَالِ وَالصِّرَاطِ وَالشَّفَاعَةِ كُلُّ ذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي الْفِقْهِ الْأَكْبَرِ، عَلَى مَا نَطَقَ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ مِثْلُ قَوْله تَعَالَى {وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [الحج: 7]

اسم الکتاب : كشف الأسرار شرح أصول البزدوي المؤلف : البخاري، علاء الدين    الجزء : 1  صفحة : 11
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست