responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : قواعد الأحكام في مصالح الأنام المؤلف : ابن عبد السلام    الجزء : 1  صفحة : 61
(فَائِدَةٌ) الْحِكْمَةُ فِي اللُّغَةِ الْمَنْعُ، قَالَ الشَّاعِرُ:
أَبْنِي حَنِيفَةَ أَحْكِمُوا سُفَهَاءَكُمْ ... إنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ أَغْضَبَا
أَيْ امْنَعُوهُمْ.
وَفِي الشَّرْعِ عِبَارَةٌ عَنْ تَرْكِ الْمَأْمُورَاتِ أَوْ فِعْلُ الْمَنْهِيَّاتِ، وَحَاصِلُهُ الْمَنْعُ مِنْ تَرْكِ الْمَصَالِحِ الْخَالِصَةِ أَوْ الرَّاجِحَةِ، وَالْمَنْعُ مِنْ فِعْلِ الْمَفَاسِدِ الْخَالِصَةِ أَوْ الرَّاجِحَةِ، وَالْوَعْظُ وَهُوَ الْأَمْرُ بِجَلْبِ الْمَصَالِحِ، الْخَالِصَةِ أَوْ الرَّاجِحَةِ أَوْ النَّهْيُ عَنْ ارْتِكَابِ الْمَفَاسِدِ الْخَالِصَةِ أَوْ الرَّاجِحَةِ، وَاَلَّذِي يُسَمِّيهِ الْجَهَلَةُ الْبَطَلَةُ سِيَاسَةً هُوَ فِعْلُ الْمَفَاسِدِ الرَّاجِحَةِ أَوْ تَرْكُ الْمَصَالِحِ الرَّاجِحَةِ عَلَى الْمَفَاسِدِ. فَفِي تَضْمِينِ الْمُكُوسِ وَالْخُمُورِ وَالْأَبْضَاعِ مَصَالِحُ مَرْجُوحَةٌ مَغْمُورَةٌ بِمَفَاسِدِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ: {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ} [النمل: 24] ، وَبِمِثْلِ هَذَا يَفْتِنُونَ الْأَشْقِيَاءَ أَنْفُسَهُمْ بِإِيثَارِ الْمَفَاسِدِ الرَّاجِحَةِ عَلَى الْمَصَالِحِ قَضَاءً لِلَذَّاتِ الْأَفْرَاحِ الْعَاجِلَةِ، وَيَتْرُكُونَ الْمَصَالِحَ الرَّاجِحَةَ لِلَذَّاتٍ خَسِيسَةٍ أَوْ أَفْرَاحٍ دَنِيئَةٍ، وَلَا يُبَالُونَ بِمَا رُتِّبَ عَلَيْهَا مِنْ الْمَفَاسِدِ الْعَاجِلَةِ أَوْ الْآجِلَةِ. وَذَلِكَ كَشُرْبِ الْخُمُورِ وَالْأَنْبِذَةِ لِلَذَّةِ إطْرَابِهَا، وَالزِّنَا أَوْ اللِّوَاطِ، وَأَذِيَّةِ الْأَعْدَاءِ الْمُحَرَّمَةِ، وَقَتْلِ مَنْ أَغْضَبَهُمْ وَسَبِّ مَنْ غَاضَبَهُمْ، وَغَصْبِ الْأَمْوَالِ وَالتَّكَبُّرِ وَالتَّجَبُّرِ، وَكَذَلِكَ يَهْرُبُونَ مِنْ الْآلَامِ وَالْغُمُومِ الْعَاجِلَةِ الَّتِي أُمِرْنَا بِتَحَمُّلِهَا لِمَا فِي تَحَمُّلِهَا مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَاجِلَةِ، وَلَا يُبَالُونَ بِمَا يَلْتَزِمُونَ مِنْ تَحَمُّلِ أَعْظَمِ الْمَفْسَدَتَيْنِ تَحْصِيلًا لِلَذَّاتِ أَدْنَاهُمَا، وَكَذَلِكَ يَتْرُكُونَ أَعْظَمَ الْمَصْلَحَتَيْنِ تَحْصِيلًا لِلَذَّاتِ أَدْنَاهُمَا.
أَسْكَرَتْهُمْ اللَّذَّاتُ وَالشَّهَوَاتُ فَنَسُوا الْمَمَاتَ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ الْآفَاتِ فَوَيْلٌ لِمَنْ تَرَكَ سِيَاسَةَ الرَّحْمَنِ، وَاتَّبَعَ سِيَاسَةَ الشَّيْطَانِ، وَارْتَكَبَ الْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ، أُولَئِكَ أَهْلُ الْبَغْيِ وَالضَّلَالِ.

اسم الکتاب : قواعد الأحكام في مصالح الأنام المؤلف : ابن عبد السلام    الجزء : 1  صفحة : 61
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست