responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : قواعد الأحكام في مصالح الأنام المؤلف : ابن عبد السلام    الجزء : 1  صفحة : 24
وَالْحُكْمُ بِغَيْرِ الْحَقِّ كَبِيرَةٌ فَإِنَّ شَاهِدَ الزُّورِ مُتَسَبِّبٌ مُتَوَسِّلٌ وَالْحَاكِمُ مُبَاشِرٌ فَإِذَا جُعِلَ التَّسَبُّبُ كَبِيرَةً فَالْمُبَاشَرَةُ أَكْبَرُ مِنْ تِلْكَ الْكَبِيرَةِ، وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ بِالزُّورِ عَلَى قَتْلٍ مُوجِبٍ لِلْقِصَاصِ فَسَلَّمَ الْحَاكِمُ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ إلَى الْوَالِي فَقَتَلَهُ وَكُلُّهُمْ عَالِمُونَ بِأَنَّهُمْ ظَالِمُونَ فَشَهَادَةُ الزُّورِ كَبِيرَةٌ وَالْحُكْمُ أَكْبَرُ مِنْهَا وَمُبَاشَرَةُ الْقَتْلِ أَكْبَرُ مِنْ الْحُكْمِ، وَالْوُقُوفُ عَلَى تَسَاوِي الْمَفَاسِدِ وَتَفَاوُتِهَا عِزَّةٌ وَلَا يَهْتَدِي إلَيْهَا إلَّا مَنْ وَفَّقَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَالْوُقُوفُ عَلَى التَّسَاوِي أَعَزُّ مِنْ الْوُقُوفِ عَلَى التَّفَاوُتِ، وَلَا يُمْكِنُ ضَبْطُ الْمَصَالِحِ وَالْمَفَاسِدِ إلَّا بِالتَّقْرِيبِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ النَّصِّ عَلَى كَوْنِ الذَّنْبِ كَبِيرَةً أَنْ يَكُونَ مُسَاوِيًا لِغَيْرِهِ مِنْ الْكَبَائِرِ، فَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ مِنْ الْكَبَائِرِ أَنْ يَشْتُمَ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ يَشْتُمُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ؟ فَقَالَ. نَعَمْ يَسُبُّ أَبَا الرَّجُلِ فَيَسُبُّ أَبَاهُ وَيَسُبُّ أُمَّهُ فَيَسُبُّ أُمَّهُ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ. جَعَلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التَّسَبُّبَ إلَى سَبِّهِمَا مِنْ الْكَبَائِرِ، وَهَذَا تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ مُبَاشَرَةَ سَبِّهِمَا أَكْبَرُ مِنْ التَّسَبُّبِ إلَيْهِ.
وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ: «إنَّ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ أَنْ يَلْعَنَ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ يَلْعَنُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ؟ قَالَ: يَسُبُّ أَبَا الرَّجُلِ فَيَسُبُّ أَبَاهُ وَيَسُبُّ أُمَّهُ فَيَسُبُّ أُمَّهُ»
جُعِلَ اللَّعْنُ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ لِفَرْطِ قُبْحِهِ بِخِلَافِ السَّبِّ الْمُطْلَقِ. وَقَدْ نَصَّ الرَّسُولُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَى أَنَّ عُقُوقَ الْوَالِدَيْنِ مِنْ الْكَبَائِرِ، مَعَ الْخِلَافِ فِي رُتَبِ الْعُقُوقِ، وَلَمْ أَقِفْ فِي عُقُوقِ الْوَالِدَيْنِ وَلَا فِيمَا يَخْتَصَّانِ بِهِ مِنْ الْحُقُوقِ عَلَى ضَابِطٍ أَعْتَمِدُ عَلَيْهِ، فَإِنَّ مَا يَحْرُمُ فِي حَقِّ الْأَجَانِبِ فَهُوَ حَرَامٌ فِي حَقِّهِمَا وَمَا يَجِبُ لِلْأَجَانِبِ فَهُوَ وَاجِبٌ لَهُمَا، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْوَلَدِ طَاعَتُهُمَا فِي كُلِّ مَا يَأْمُرَانِ بِهِ وَلَا فِي كُلِّ مَا يَنْهَيَانِ عَنْهُ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ، وَقَدْ حَرُمَ عَلَى الْوَلَدِ الْجِهَادُ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا لِمَا يَشُقُّ عَلَيْهِمَا مِنْ تَوَقُّعِ قَتْلِهِ أَوْ قَطْعِ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ، وَلِشِدَّةِ تَفَجُّعِهِمَا عَلَى ذَلِكَ، وَقَدْ أُلْحِقَ بِذَلِكَ كُلُّ سَفَرٍ يَخَافَانِ فِيهِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ، وَقَدْ سَاوَى الْوَالِدَانِ الرَّقِيقَ فِي النَّفَقَةِ وَالْكُسْوَةِ وَالسُّكْنَى. وَقَدْ ضَبَطَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْكَبَائِرَ بِأَنْ قَالَ. كُلُّ ذَنْبٍ قُرِنَ بِهِ وَعِيدٌ أَوْ حَدٌّ أَوْ لَعْنٌ فَهُوَ مِنْ الْكَبَائِرِ. فَتَغْيِيرُ مَنَارِ الْأَرْضِ كَبِيرَةٌ لِاقْتِرَانِ اللَّعْنِ بِهِ.
وَكَذَلِكَ قَتْلُ

اسم الکتاب : قواعد الأحكام في مصالح الأنام المؤلف : ابن عبد السلام    الجزء : 1  صفحة : 24
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست