responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : قواعد الأحكام في مصالح الأنام المؤلف : ابن عبد السلام    الجزء : 1  صفحة : 176
[الْفَصْلُ الثَّامِنُ فِيمَا اُخْتُلِفَ فِيهِ مِنْ تَقْدِيمِ حُقُوقِ اللَّهِ عَلَى حُقُوقِ عِبَادِهِ]
وَلَهُ أَمْثِلَةٌ: أَحَدُهَا إذَا مَاتَ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ وَزَكَوَاتٌ فَإِنْ كَانَتْ نُصُبُ الزَّكَوَاتِ بَاقِيَةً قُدِّمَتْ الزَّكَوَاتُ لِأَنَّ تَعَلُّقَهَا بِالنُّصُبِ يُشْبِهُ تَعَلُّقَ الدُّيُونِ بِالرُّهُونِ، وَإِنْ كَانَتْ تَالِفَةً فَمِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ قَدَّمَ الدُّيُونَ نَظَرًا إلَى رُجْحَانِ الْمَصْلَحَةِ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ، وَمِنْهُمْ مَنْ سَوَّى بَيْنَهُمَا لِتَكَافُؤِ الْمَصْلَحَتَيْنِ عِنْدَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَدَّمَ الزَّكَوَاتِ نَظَرًا إلَى رُجْحَانِ الْمَصْلَحَةِ فِي حُقُوقِ اللَّهِ وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدِهِمَا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ بِالْقَضَاءِ» ؛ فَجَعَلَ دَيْنَ اللَّهِ أَحَقَّ بِالْقَضَاءِ مِنْ دُيُونِ الْعِبَادِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ الزَّكَوَاتِ فِيهَا حَقٌّ لِلَّهِ وَحَقٌّ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ فَكَانُوا أَحَقَّ بِالتَّقْدِيمِ، فَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ وَاحِدٍ عَلَى حَقَّيْنِ، وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ لِغَنِيٍّ، إذْ لَا نِسْبَةَ لِحَقِّهِ إلَى حَقِّ الْفُقَرَاءِ مَعَ ضَرُورَتِهِمْ وَخَصَاصَتِهِمْ، وَإِذَا كَانَ فِي الْكَفَّارَةِ عِتْقٌ كَانَ أَوْلَى بِالتَّقْدِيمِ لِاهْتِمَامِ الشَّرْعِ بِهِ وَكَثْرَةِ تَشَوُّقِهِ إلَيْهِ، فَإِنَّهُ يُكَمِّلُ مُبَعَّضَهُ فِيمَنْ أَعْتَقَ بَعْضَ عَبْدِهِ، وَيَسْرِي إلَى أَنْصِبَاءِ الشُّرَكَاءِ. فَإِنْ قِيلَ: لَوْ وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ فِي الْغَلَاءِ الشَّدِيدِ وَالْخَوْفِ عَلَى النُّفُوسِ فَهَلْ يُقَدَّمُ الطَّعَامُ فِيهَا عَلَى الْعِتْقِ وَالْكِسْوَةِ أَمْ لَا؟ قُلْنَا: أَمَّا الْكَفَّارَةُ الْمُرَتَّبَةُ فَلَا يَجُوزُ تَغْيِيرُ تَرْتِيبِهَا بَلْ يُقَدَّمُ فِيهَا مَا قَدَّمَهُ اللَّهُ، وَيُؤَخَّرُ فِيهَا مَا أَخَّرَهُ اللَّهُ، وَأَمَّا كَفَّارَةُ الْأَيْمَانِ وَكَفَّارَةُ الْحَلْقِ فِي الْحَجِّ فَيُقَدَّمُ فِيهَا الطَّعَامُ وَالنُّسُكُ عَلَى الصِّيَامِ، وَكَذَلِكَ يُقَدَّمُ الطَّعَامُ فِي الْكَفَّارَةِ عَلَى الْإِعْتَاقِ وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَ الرَّقِيقُ عَاجِزًا عَنْ الِاكْتِسَابِ مَعَ غَلَاءِ الْأَسْعَارِ، فَإِنَّ إعْتَاقَهُ يَضُرُّ بِهِ

اسم الکتاب : قواعد الأحكام في مصالح الأنام المؤلف : ابن عبد السلام    الجزء : 1  صفحة : 176
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست