responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : قواعد الأحكام في مصالح الأنام المؤلف : ابن عبد السلام    الجزء : 1  صفحة : 118
الْمِثَالُ الْحَادِي وَالسِّتُّونَ: التَّعْزِيرَاتُ دَفْعًا لِمَفَاسِدِ الْمَعَاصِي وَالْمُخَالَفَاتِ وَهِيَ إمَّا حِفْظًا لِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ لِحُقُوقِ عِبَادِهِ، أَوْ لِلْحَقَّيْنِ جَمِيعًا.

الْمِثَالُ الثَّانِي وَالسِّتُّونَ: الْحَبْسُ وَهُوَ مَفْسَدَةٌ فِي حَقِّ الْمَحْبُوسِ، لَكِنَّهُ جَازَ لِمَصَالِحَ تُرَجَّحُ عَلَى مَفْسَدَتِهِ وَهِيَ أَنْوَاعٌ: مِنْهَا حَبْسُ الْجَانِي عِنْدَ غَيْبَةِ الْمُسْتَحِقِّ حِفْظًا لِمَحَلِّ الْقِصَاصِ، وَمِنْهَا حَبْسُ الْمُمْتَنِعِ مِنْ دَفْعِ الْحَقِّ إلَى مُسْتَحِقِّهِ إلْجَاءً إلَيْهِ وَحَمْلًا عَلَيْهِ، وَمِنْهَا حَبْسُ التَّعْزِيرِ رَدْعًا عَنْ الْمَعَاصِي، وَمِنْهَا حَبْسُ كُلِّ مُمْتَنِعٍ مِنْ تَصَرُّفٍ وَاجِبٍ لَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ: كَحَبْسِ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى أُخْتَيْنِ وَامْتَنَعَ مِنْ تَعْيِينِ إحْدَاهُمَا، وَالْمُقِرُّ بِأَحَدِ عَيْنَيْنِ وَامْتَنَعَ مِنْ تَعْيِينِهَا دَفْعًا لِمَفْسَدَةِ الْمُبْطِلِ بِالْحَقِّ، وَمِنْهَا حَبْسُ مَنْ امْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ حُقُوقِ اللَّهِ الَّتِي لَا تَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ كَالْمُمْتَنِعِ مِنْ صِيَامِ رَمَضَانَ فَإِنْ قِيلَ: إذَا امْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ دِرْهَمٍ وَاحِدٍ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى أَدَائِهِ وَمَعَ عَجْزِكُمْ عَنْ دَفْعِهِ إلَى خَصْمِهِ، فَإِنَّكُمْ تُخَلِّدُونَ عَلَيْهِ الْحَبْسَ إلَى أَنْ يُؤَدِّيَهُ. وَالتَّخْلِيدُ هُنَا فِي الْحَبْسِ عَذَابٌ كَبِيرٌ عَلَى جُرْمٍ صَغِيرٍ؟ قُلْنَا الْأَمْرُ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا عَاقَبْنَا بِعَذَابٍ صَغِيرٍ عَلَى جُرْمٍ صَغِيرٍ، فَإِنَّهُ عَاصٍ فِي كُلِّ سَاعَةٍ بِامْتِنَاعِهِ مِنْ أَدَاءِ الْحَقِّ، فَتُقَابَلُ كُلُّ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ امْتِنَاعِهِ بِسَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ حَبْسِهِ، وَلِلْحَاكِمِ زَجْرُهُ وَتَعْزِيرُهُ إذَا لَمْ يَنْجَعْ الْحَبْسُ فِيهِ، وَيَفْعَلُ ذَلِكَ مَرَّاتٍ إلَى أَنْ يُؤَدِّيَ الْحَقَّ إلَى مُسْتَحِقِّهِ.
فَإِنْ قِيلَ؛ وَإِذَا شَهِدَ مَسْتُورَانِ ظَاهِرُهُمَا الْعَدَالَةُ فَلِمَ تَحْبِسُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَى أَنْ يُزَكِّيَا، مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَتُهُ مِمَّا ادَّعَى عَلَيْهِ؟ وَكَذَلِكَ لِمَ يَحُولُونَ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِشَهَادَةِ الْمَسْتُورِينَ؟ قُلْنَا لِأَنَّ الظَّنَّ الْمُسْتَفَادَ

اسم الکتاب : قواعد الأحكام في مصالح الأنام المؤلف : ابن عبد السلام    الجزء : 1  صفحة : 118
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست