اسم الکتاب : قواطع الأدلة في الأصول المؤلف : السمعاني، أبو المظفر الجزء : 1 صفحة : 430
فصل: في أوقات النسخ
...
فصل ونتكلم الآن في أوقات النسخ.
فنقول أوقات النسخ على ثلاث أضرب ضرب يجوز فيه النسخ وضرب لا يجوز فيه النسخ وضرب اختلفوا فيه.
أما الضرب الأول: وهو الذي يجوز به النسخ وهو بعد العلم بالمنسوخ وبعد العمل به فيجوز نسخه سواء عمل به جميع الأمة أو بعض الأمة فالأول مثل استقبال القبلة والثاني مثل فرض الصدقة في مناجاة الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه روى أنه عمل به على أبن أبي طالب رضي الله عنه وحدة.
وأما الضرب الثاني: فهو النسخ قبل العلم بالمنسوخ واعتقاد وجوبه فلا يجوز نسخه لأن النسخ يكون فيما استقر فرضه ليخرج به عن البداء والنسخ قبل العلم بالمنسوخ يؤدي إلى البداء لأنه يصير كما لو قال افعل ولا تفعل وهذا يقبح إلا ترى أنه إذا كان متصلا يقبح فإذا كان منفصلا يقبح أيضا فإن قيل أليس روى أن الله تعالى فرض خمسين صلاة ليلة المعراج ثم أنه نسخه قبل أن تعمل به الأمة والقصة ثانية في تردد النبي صلى الله عليه وسلم ومسألة التخفيف وحث موسى إياه على ذلك قلنا قد كان الرسول صلى الله عليه وسلم عالما بذلك واعتقد وجوبه فقد نسخ بعد العلم بوجوبه واعتقاده.
بالمصلحة فيجوز أن تكون المصلحة في نسخ الشيء إلى بدل ورفع الواجب لا إلى بدل ولأنه إذا جاز أن يسقط بالعذر إلى بدل وغير بدل جاز أن يسقط بالنسخ إلى بدل وغير بدل وأما الآية قلنا الآية محمولة على النسخ إلى بدل ثم وصفه أن يكون مثل الأول أو خيرا منه فهذا إتمام هذه الأضرب فإن نسخت صفه من صفات العبادات كالصلاة ينسخ منها استقبال بيت المقدس باستقبال الكعبة فقد اختلفوا أنه هل يكون نسخا بجميع العبادة فجعله أهل العراق نسخا بجميعها وجعلوا فرضها مبتدأ بالأمر الثاني دون الأول لارتفاع الأول بزوال شرطه فتكون الصلاة إلى بيت المقدس منسوخة بالصلاة إلى الكعبة والصحيح وهو الذي عليه جمهور أصحاب الشافعي بأن فرضها باق دون نسخ صفتها ولأن النسخ يكون مقصورا على الصفة ولا يتعدى إلى الأصل لأن النسخ لا يتعدى من محله إلى غير محلة فعلى هذا تكون الصلاة إلى بيت المقدس محولة إلى الكعبة ومن حيث التوجه فحسب وأما جواز أصل الصلاة بعد تحويلها إلى الكعبة إنما هو بالخطاب الثابت قبل النسخ.
اسم الکتاب : قواطع الأدلة في الأصول المؤلف : السمعاني، أبو المظفر الجزء : 1 صفحة : 430