responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : قواطع الأدلة في الأصول المؤلف : السمعاني، أبو المظفر    الجزء : 1  صفحة : 421
يخفى عليه خافية ولا تستتر عليه غائبة بل الأشياء كلها له بادية أحاط بكل شىء علما وأحصى كل شىء عددا لا يعزب عنه مثقال ذرة فلهذا لم يجز البداء عليه ولم يتصور ذلك فى حقه وأما النسخ إزالة حكم بحكم وتبديل حال ويقال تناهى مدة العبادة وليس فى هذا قصور علم ولا لزوم جهل بل تصريف العباد على ما يشاء ويريد أو على ما يعلم من مصالحهم يدل عليه أن البداء الذى توهموا إنما يلزم أن لو كان الله تعالى نهانا عن نفس ما أمرنا به[1] وذلك أن يقول: افعلوا كذا فى وقت كذا على وجه كذا ثم يقول: لا تفعلوا ويذكر ذلك الوقت وذلك الوجه أو يقول: افعلوا كذا أبدا ولا تنتقلوا عنه ثم ينقلنا عنه فأما إذا أمرنا بأمر مرسل ويريد أن ينقلنا عنه بعد زمان ونقلنا حين جاء ذلك الزمان فليس بمنكر ولا مستحيل ولا فيه معنى البدل إلا ترى أنه لو قال صلوا إلى بيت المقدس إلى الزمان الذى أنقلكم عنه إلى الكعبة وجاء الشرع بصريح هذا كان جائزا سائغا كذلك إذا أطلق وأراد أن يفعل كذلك أو الجملة أنه يجوز أن يكون الشىء حسنا فى وقت قبيحا فى وقت مصلحة فى وقت مفسدة فى وقت ولو كان الشىء ووصفه واحد فى جميع الأوقات لكان حكم نكاح الأخوات واحد فى الأوقات كلها ومعلوم أنه ما كان نكاح الأخوات محظورا فى زمن آدم عليه السلام وقد صار فى زمن موسى عليه السلام وإذا جاز وفى هذه الصورة الواحدة جاز فى سائر الصور وهذا قاطع لا يتأتى عليه كلام وأما الكلام الثانى الذى قالوه أن ظاهر إطلاق الأمر هو الأمر بالفعل أبدا قلنا هذا ليس كذلك لأن الأمر المطلق لا يفيد التكرار وإنما يفيد الفعل مرة واحدة وقد سبق بيان هذا وأن قلنا يوجب التكرار فلا نقدم على اعتقاد التأبيد لجواز أن يرد نسخ من الله تعالى وهذا صحيح من شرائع من قبلنا لأنه قد أشعرهم بورود نبى بعد نبيهم فأما فى شرعنا فقد انحسم الباب كلية ولا بد من اعتقاد بوجوب على التأبيد اللهم إلا أن يقدر الأمر فى زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد يجوز ورود النسخ وقد ذكر عبد الجبار الهمدانى فى العمد أنه لو قال افعل كذا أبدا لا يقتضى الدوام أيضا قال ولهذا لا يفهم من قول القائل لغيره الزم فلانا أبدا واحبسه أبدا الدوام وقولهم أن فى تأخير بيان النسخ إلباسا قلنا الإلباس إنما ثبت إذا لم يبين الحكيم ما يجب لبيانه مما يحتاج المكلف إليه فأما ما لا يحتاج إليه فلا يجب بيانه ولا إلباس فى ترك بيانه وهل ترك بيان النسخ إلا جهل العبد بوقت ارتفاع العبادة وأما الذى ادعوه من قول موسى.

[1] انظر إحاكم الأحكام 3/157 المعتمد 1/368.
اسم الکتاب : قواطع الأدلة في الأصول المؤلف : السمعاني، أبو المظفر    الجزء : 1  صفحة : 421
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست