اسم الکتاب : قواطع الأدلة في الأصول المؤلف : السمعاني، أبو المظفر الجزء : 1 صفحة : 223
الخوف بشرط مخصص للفعل بحاله وإنما هو للتأكيد كقوله تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء: 23] وليس كونهن فى حجورهم بشرط مخصص وإنما ذكر لأنه أغلب الأحوال[1].
وإذا أوجب الشرط تخصيص المشروط فيه لم يثبت حكم المشروط إلا بوجود الشرط فيوجد بوجوده ويعدم بعدمه ومثال هذه الطهارة التى جعلها الله تعالى شرطا فى صحة الصلاة بقوله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6] وكقوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ [1] قال الآمدي اتفق القائلون بالمفهوم على أن كل خطاب خصص محل النطق بالذكر لخروجه مخرج الأعم الأغلب لا مفهوم له وذلك كقوله تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} وقوله: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا} وقوله صلى الله عليه وسلم "أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل" وقوله صلى الله عليه وسلم "فليستنج بثلاثة أحجار" فإن تخصيصه بالذكر لمحل النطق في جميع هذه الصور إنما كان لأنه الغالب إذ الغالب أن الربيبة إنما تكون في الحجر وأن الخلع لا يكون إلا مع الشقاق وأن المرأة لا تزوج نفسها إلا عند عدم إذن الولي لها وإنابة من يزوجها وأن الاستنجاء لا يكون إلا بالحجارة وكذلك الحكم في كل ما ظهر سبب تخصيصه بالذكر كسؤال سائل أو حدوث حادثة أو غير ذلك مما سبق ذكره من أسباب التخصيص وعلى هذا فلو لم يظهر سبب يوجب تخصيص محل النطق بالذكر دون محل السكوت بل كانت الحاجة إليهما وإلى ذكرهما مع العلم بهما مستوية ولم يكن الحكم في محل السكوت أولى بالثبوت وبالجملة لو لم يظهر سبب من الأسباب الموجبة للتخصيص سوى نفي الحكم في محل السكوت فهل يجب القول بنفي الحكم في محل السكوت تحقيقا لفائدة التخصيص أو لا يجب! إن قلنا إنه لا يجب كان التخصيص بالذكر عبثا جليا عن الفائدة وذلك مما ينزه عنه منصب آحاد البلغاء فضلا عن كلام الله تعالى ورسوله وإن قلنا بموجب نفي الحكم لزم القول بدلالة المفهوم في هذه الصورة.
والوجه في حله أن يقال: إذا لم يظهر السبب المخصص فلا يخلو إما أن يكون مع عدم ظهوره محتمل الوجود والعدم على السواء أو أن عدمه أظهر من وجوده فإن كان الأولى فليس القول بالنفي أولى من القول بالاثبات وعلى هذا فلا مفهوم وإن كان الثاني فإنما يلزم من ذلك نفي الحكم في محل السكوت أن لو كان نفي الحكم فيه من جملة الفوائد الموجبة لتخصيص محل النطق بالذكر وليس كذلك وذلك لأن نفي الحكم في محل السكوت عند القائلين بمفهوم المخالفة إنما هو فرع دلالة اللفظ في محل النطق عليه فلو كانت دلالة اللفظ في محل النطق على نفي الحكم في محل السكوت متوقفة عليه بوجه من الوجوه كان دورا ممتنعا انظر إحاكم الأحكام 3/146.
اسم الکتاب : قواطع الأدلة في الأصول المؤلف : السمعاني، أبو المظفر الجزء : 1 صفحة : 223