اسم الکتاب : قواطع الأدلة في الأصول المؤلف : السمعاني، أبو المظفر الجزء : 1 صفحة : 183
فصل: فيما يخص به لفظ العموم
...
فصل والكلام يقع الآن فيما يخص به العموم فنقول.
الذى يخص به العموم شيئان عقل وشرع.
فأما تخصيصه بالعقل فى قول جمهور العلماء والمتكلمين وقالوا: هو مثل قوله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الرعد: 16] فدليل العقل قد خص هذه الآية لأنه تعالى غير خالق لذاته ولا لصفات ذاته وكذلك قوله: {وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} [النمل: 23] وقوله تعالى: {وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً} [الكهف: 84] فعلم بالمعقول أنه لم يؤت من جميع الأشياء وكذلك فى الآية الثانية.
ومنع قوم من تخصيص العموم بالعقل لأن دليل العقل متقدم على وجود السمع فأجازوا أن يتقدم دليل التخصيص على العموم المخصوص[1] وهذا فاسد من وجهين أحدهما أنه لما جاز التخصيص بما لا يوجب العلم من أخبار الآحاد فلأن يجوز بما يوجب العلم من دلائل العقل أولى.
والثانى أنه يستحيل اعتقاد الاستغراق فى قوله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الرعد: 16] وكذلك فى قوله تعالى: {وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً} [الكهف: 84] وإذا استحال العموم ثبت الخصوص وأن تقدم العقل على بعض السمع فلا شك أنه إذا خص بما قارنه من دليل العقل لا بما يتقدمه ويقال لمن منع منه أتحمل قوله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الرعد: 16] وقوله تعالى: {وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً} [الكهف: 84] على الاستيعاب فى كل ما يتناوله اسم الشىء.
فإن قالوا: هذا فهو جهل بالله تعالى وكذلك فى الآية هو جهل منه بالاستثناء وأن قالوا: هو مخصوص فقد قيل ما قلناه.
وأما تخصيص العموم بالشرع فضربان.
أحدهما يتصل به.
والثانى ينفصل عنه.
وأما المتصل به فسنفرد له بابا.
وأما تخصيصه بالمنفصل منه[2] فنقول هو على أربعة أضرب. [1] انظر البرهان 1/408 ونهاية السول 2/451 المستصفى 2/98 إحكام الأحكام 2/459 روضة الناظر 214 انظر المحصول 1/427 المعتمد 1/252. [2] المخصص المنفصل: هو ما استقل عن الكلام الذي دخله التخصيص بحيث لا يحتاج إليه في النطق انظر أصول الفقه للشيخ أبو النور زهير 2/300.
اسم الکتاب : قواطع الأدلة في الأصول المؤلف : السمعاني، أبو المظفر الجزء : 1 صفحة : 183