responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح القدير المؤلف : الكمال بن الهمام    الجزء : 1  صفحة : 86
هُمَا يَقُولَانِ إنَّ الطَّهُورَ مَا يُطَهِّرُ غَيْرَهُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى كَالْقَطُوعِ. وَقَالَ زُفَرُ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -:
ـــــــــــــــــــــــــــــQكَوْنُ النَّجَاسَةِ مَوْصُوفًا بِهَا جِسْمٌ مَحْسُوسٌ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ عَنْ الْمُكَلَّفِ، لَا أَنَّ وَصْفَ النَّجَاسَةِ حَقِيقَةٌ لَا تَقُومُ إلَّا بِجِسْمٍ كَذَلِكَ.
وَفِي غَيْرِهِ مَجَازٌ بَلْ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيُّ وَاحِدٌ فِي ذَلِكَ الْجِسْمِ وَفِي الْحَدَثِ، وَهَذَا لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُتَحَقِّقُ لَنَا مِنْ مَعْنَاهَا سِوَى أَنَّهَا اعْتِبَارٌ شَرْعِيٌّ مَنَعَ الشَّارِعُ مِنْ قُرْبَانِ الصَّلَاةِ وَالسُّجُودِ حَالَ قِيَامِهِ لِمَنْ قَامَ بِهِ إلَى غَايَةِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ فِيهِ، فَإِذَا اسْتَعْمَلَهُ قَطَعَ ذَلِكَ الِاعْتِبَارُ كُلَّ ذَلِكَ ابْتِلَاءً لِلطَّاعَةِ، فَأَمَّا أَنَّ هُنَاكَ وَصْفًا حَقِيقِيًّا عَقْلِيًّا أَوْ مَحْسُوسًا فَلَا، وَمَنْ ادَّعَاهُ لَا يَقْدِرُ فِي إثْبَاتِهِ عَلَى غَيْرِ الدَّعْوَى فَلَا يُقْبَلُ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ اعْتِبَارٌ اخْتِلَافُهُ بِاخْتِلَافِ الشَّرَائِعِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْخَمْرَ مَحْكُومٌ بِنَجَاسَتِهِ فِي شَرِيعَتِنَا وَبِطَهَارَتِهِ فِي غَيْرِهَا فَعُلِمَ أَنَّهَا لَيْسَتْ سِوَى اعْتِبَارٍ شَرْعِيٍّ أَلْزَمَ مَعَهُ كَذَا إلَى غَايَةِ كَذَا ابْتِلَاءً، وَفِي هَذَا لَا تَفَاوُتَ بَيْنَ الدَّمِ وَالْحَدَثِ فَإِنَّهُ أَيْضًا لَيْسَ إلَّا نَفْسَ ذَلِكَ الِاعْتِبَارِ، فَظَهَرَ أَنَّ الْمُؤَثِّرَ نَفْسُ وَصْفِ النَّجَاسَةِ وَهُوَ مُشْتَرَكٌ فِي الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ فَثَبَتَ مِثْلُ حُكْمِ الْأَصْلِ وَهُوَ نَجَاسَةُ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ فِيهِ فِي الْفَرْعِ وَهُوَ الْمُسْتَعْمَلُ فِي الْحَدَثِ فَيَكُونُ نَجِسًا إلَّا أَنَّ هَذَا إنَّمَا يَنْتَهِضُ عَلَى مَنْ يُسَلِّمُ كَوْنَ حُكْمِ الْأَصْلِ ذَلِكَ كَمَالِكٍ وَأَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، وَأَمَّا مَنْ يَشْتَرِطُ فِي نَجَاسَتِهِ خُرُوجَهُ مِنْ الثَّوْبِ مُتَغَيِّرًا بِلَوْنِ النَّجَاسَةِ كَالشَّافِعِيِّ فَلَا فَعِنْدَهُ الْمَاءُ الَّذِي يُسْتَعْمَلُ فِي الْحَقِيقِيَّةِ الَّتِي لَا لَوْنَ لَهَا يُغَايِرُ لَوْنَ الْمَاءِ كَالْبَوْلِ طَاهِرٌ يَجُوزُ شُرْبُهُ وَغَسْلُ الثَّوْبِ بِهِ دُونَ إزَالَةِ الْحَدَثِ لِأَنَّهُ عِنْدَهُ مُسْتَعْمَلٌ، وَهُوَ لَا يُقْصِرُ وَصْفَ الِاسْتِعْمَالِ عَلَى رَافِعِ الْحَدَثِ، فَإِنَّمَا يَنْتَهِضُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْكَلَامِ مَعَهُ فِي نَفْسِ هَذَا التَّفْصِيلِ وَهُوَ سَهْلٌ، غَيْرَ أَنَّا لَسْنَا إلَّا بِصَدَدِ تَوْجِيهِ رِوَايَةِ نَجَاسَةِ الْمُسْتَعْمَلِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى أُصُولِنَا فَإِنْ قِيلَ: لَوْ تَمَّ مَا ذَكَرْت كَانَ لِلْبَلْوَى تَأْثِيرٌ فِي سُقُوطِ حُكْمِهِ.
فَالْجَوَابُ الضَّرُورَةُ لَا يَعْدُو حُكْمُهَا مَحَلَّهَا، وَالْبَلْوَى فِيهِ إنَّمَا هِيَ فِي الثِّيَابِ فَيَسْقُطُ اعْتِبَارُ نَجَاسَةِ ثَوْبِ الْمُتَوَضِّئِ وَتَبْقَى حُرْمَةُ شُرْبِهِ وَالطَّبْخِ مِنْهُ وَغَسْلِ الثَّوْبِ مِنْهُ وَنَجَاسَةِ مِنْ يُصِيبُهُ. وَأَمَّا الثَّالِثُ فَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَالْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ هُوَ مَا أُزِيلَ بِهِ حَدَثٌ إلَخْ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ كُلٌّ مِنْ رَفْعِ الْحَدَثِ وَالتَّقَرُّبِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ التَّقَرُّبُ كَانَ مَعَهُ رَفْعٌ أَوْ لَا، وَعِنْدَ زُفَرَ الرَّفْعُ كَانَ مَعَهُ تَقَرُّبٌ أَوْ لَا، وَالتَّقَرُّبُ هُوَ أَنْ يَنْوِيَ الْوُضُوءَ حَتَّى تَصِيرَ عِبَادَةً.
لَا يُقَال: مَا ذُكِرَ لَا يَنْتَهِضُ عَلَى زُفَرَ،

اسم الکتاب : فتح القدير المؤلف : الكمال بن الهمام    الجزء : 1  صفحة : 86
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست