responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح القدير المؤلف : الكمال بن الهمام    الجزء : 1  صفحة : 67
الْغُسْلُ لِلصَّلَاةِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هُوَ الصَّحِيحُ لِزِيَادَةِ فَضِيلَتِهَا عَلَى الْوَقْتِ وَاخْتِصَاصِ الطَّهَارَةِ بِهَا، وَفِيهِ خِلَافُ الْحَسَنِ، وَالْعِيدَانِ بِمَنْزِلَةِ الْجُمُعَةِ لِأَنَّ فِيهِمَا الِاجْتِمَاعُ فَيُسْتَحَبُّ الِاغْتِسَالُ دَفْعًا لِلتَّأَذِّي بِالرَّائِحَةِ. وَأَمَّا فِي عَرَفَةَ وَالْإِحْرَامِ فَسَنُبَيِّنُهُ فِي الْمَنَاسِكِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَالَ (وَلَيْسَ فِي الْمَذْيِ وَالْوَدْيِ غُسْلٌ وَفِيهِمَا الْوُضُوءُ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQكُلًّا مِنْ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ يُوجِبُ الْغُسْلَ، فَإِذَا اجْتَمَعَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ فَيُوجِبَانِهِ فَيَكُونُ مِنْهُمَا، وَجْهُ الثَّانِي أَنَّ وُجُوبَهُ لِلنَّجَاسَةِ الْحُكْمِيَّةِ الْكَائِنَةِ بِالْحَدَثِ، وَإِذَا جَاءَتْ بِالسَّبَبِ الْأَوَّلِ لَا يُؤَثِّرُ السَّبَبُ الثَّانِي إيَّاهَا، وَهَذَا لِأَنَّهَا وَاحِدَةٌ تَثْبُتُ بِأَسْبَابٍ لَا مُتَعَدِّدَةٌ بِتَعَدُّدِ الْأَسْبَابِ، فَإِذَا ثَبَتَتْ بِأَحَدِهِمَا اسْتَحَالَ أَنْ تَثْبُتَ بِالثَّانِي حَالَ قِيَامِهَا، وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِي امْرَأَةٍ حَلَفَتْ لَا تَغْتَسِلُ مِنْ زَوْجِهَا مِنْ جَنَابَةٍ فَحَاضَتْ ثُمَّ جَامَعَهَا ثُمَّ اغْتَسَلَتْ تَحْنَثُ عَلَى الْأَوَّلِ لَا الثَّانِي (قَوْلُهُ لِلصَّلَاةِ إلَخْ) .
تَظْهَرُ ثَمَرَتُهُ فِيمَنْ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ هَلْ يُسَنُّ لَهُ الْغُسْلُ أَوْ لَا، وَفِيمَنْ اغْتَسَلَ ثُمَّ أَحْدَثَ وَتَوَضَّأَ وَصَلَّى بِهِ الْجُمُعَةَ لَا يَكُونُ لَهُ فَضْلُ غُسْلِ الْجُمُعَةِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَفِيمَنْ اغْتَسَلَ قَبْلَ الْغُرُوبِ، وَفِي الْكَافِي لَوْ اغْتَسَلَ قَبْلَ الصُّبْحِ وَصَلَّى بِهِ لِلْجُمُعَةِ نَالَ فَضْلَ الْغُسْلِ عِنْدَ أَبِي يُوسُف، وَعِنْدَ الْحَسَنِ لَا.
وَاسْتَشْكَلَهُ شَارِحُ الْكَنْزِ لِأَنَّهُ لَا يَشْتَرِطُ وُجُودَ الِاغْتِسَالِ فِيمَا سُنَّ الِاغْتِسَالُ لِأَجْلِهِ، بَلْ أَنْ يَكُونَ فِيهِ مُتَطَهِّرًا بِطَهَارَةِ الْغُسْلِ فَلَا يَحْسُنُ نَفْيُ الْحَسَنِ

(قَوْلُهُ وَفِيهِمَا الْوُضُوءُ) أُورِدَ: لَا يُتَصَوَّرُ الْوُضُوءُ مِنْ الْوَدْيِ لِأَنَّهُ يَتَعَقَّبُ الْبَوْلَ فَيَكُونُ الْوُضُوءُ مِنْ النَّاقِضِ السَّابِقِ.
أُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ لَوْ فُرِضَ خُرُوجُهُ ابْتِدَاءً كَانَ فِيهِ الْوُضُوءُ، وَبِأَنَّهُ يُتَصَوَّرُ فِيمَا لَوْ تَوَضَّأَ عَلَى إثْرِ بَوْلِهِ بِلَا مُهْلَةٍ ثُمَّ مَشَى فَتَحَلَّلَ وَدْيٌ وَخَرَجَ حَتَّى لَوْ كَانَ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ فَوَجَدَ ذَلِكَ مِنْهُ فِي الْوَقْتِ كَانَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ، وَبِأَنَّ وُجُوبَ الْوُضُوءِ بِالْبَوْلِ لَا يُنَافِي وُجُوبَهُ بِالْوَدْيِ بَلْ يَجِبُ بِهِمَا، حَتَّى لَوْ حَلَفَ لَا يَتَوَضَّأُ مِنْ الرُّعَافِ فَبَالَ ثُمَّ رَعَفَ ثُمَّ تَوَضَّأَ حَنِثَ ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ. فَعُلِمَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُوجِبٌ إلَّا أَنَّهُ اكْتَفَى بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ، وَأَنْتَ إذَا حَقَّقْتَ أَنَّ النَّاقِضَ يُثْبِتُ الْحَدَثَ ثُمَّ تَجِبُ إزَالَتُهُ عِنْدَ وُجُوبِ الْمَشْرُوطِ وَأَنَّ الْحَدَثَ مَانِعِيَّةٌ اُعْتُبِرَتْ قَائِمَةٌ بِالْأَعْضَاءِ شَرْعًا إلَى غَايَةِ اسْتِعْمَالِ الْمُزِيلِ، أَوْ وَصْفٌ اعْتِبَارِيٌّ شَرْعًا يَمْنَعُ إلَى الْغَايَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا أَمْرٌ وَاحِدٌ لَا تَعَدُّدَ إلَّا فِي أَسْبَابِهِ.
فَالثَّابِتُ بِكُلِّ سَبَبٍ هُوَ الثَّابِتُ بِالْآخَرِ، إذْ لَا دَلِيلَ يُوجِبُ خِلَافَ ذَلِكَ لَمْ يَتَأَخَّرْ عَنْ الْحُكْمِ بِكَوْنِ الْوُضُوءِ فِي مِثْلِهِ عَنْ الْحَدَثِ السَّابِقِ عَلَى السَّبَبِ الثَّانِي، وَأَنَّهُ لَمْ يُوجِبْ شَيْئًا لِاسْتِحَالَةِ تَحْصِيلِ الْحَاصِلِ.
نَعَمْ لَوْ وَقَعَتْ الْأَسْبَابُ دُفْعَةً كَأَنْ رَعَفَ وَبَالَ وَفَسَا مَعًا أُضِيفَ ثُبُوتُهُ إلَى كُلِّهَا فَلَا يَنْفِي ذَلِكَ كَوْنُ كُلٍّ عِلَّةً مُسْتَقِلَّةً لِأَنَّ مَعْنَى الِاسْتِقْلَالِ كَوْنُ الْوَصْفِ يَحْدُثُ لَوْ انْفَرَدَ أَثَرٌ وَهَذِهِ الْحَيْثِيَّةُ ثَابِتَةٌ لِكُلٍّ فِي حَالِ الِاجْتِمَاعِ، كَذَا قَرَّرَ فِي فُصُولِ الْآمِدِيِّ، وَهُوَ مَعْقُولٌ يَجِبُ قَبُولُهُ، وَهَذَا قَوْلُ الْجُرْجَانِيِّ مِنْ مَشَايِخِنَا وَإِنْ كَانَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ أَنَّ الْوُضُوءَ مِنْهُمَا يَقْتَضِي أَنَّ الثَّانِيَ أَثَرُ الْحَدَثِ أَيْضًا كَالْأَوَّلِ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ نَحْوُهُ.
وَالْحَقُّ أَنْ لَا تَنَافِيَ بَيْنَ كَوْنِ الْحَدَثِ بِالسَّبَبِ الْأَوَّلِ فَقَطْ وَبَيْنَ الْحِنْثِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ بِنَاؤُهُ عَلَى تَعَدُّدِ الْحَدَثِ بَلْ عَلَى الْعُرْفِ، وَالْعُرْفُ أَنْ يُقَالَ لِمَنْ تَوَضَّأَ بَعْدَ بَوْلٍ

اسم الکتاب : فتح القدير المؤلف : الكمال بن الهمام    الجزء : 1  صفحة : 67
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست