responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح القدير المؤلف : الكمال بن الهمام    الجزء : 1  صفحة : 413
بِالْمَكَانِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ سُجُودُهُ فِي الطَّاقِ (وَيُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ وَحْدَهُ عَلَى الدُّكَّانِ) لِمَا قُلْنَا (وَكَذَا عَلَى الْقَلْبِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ) لِأَنَّهُ ازْدِرَاءٌ بِالْإِمَامِ (وَلَا بَاسَ بِأَنْ يُصَلِّيَ إلَى ظَهْرِ رَجُلٍ قَاعِدٍ يَتَحَدَّثُ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQيَخْفَى أَنَّ امْتِيَازَ الْإِمَامِ مُقَرَّرٌ مَطْلُوبٌ فِي الشَّرْعِ فِي حَقِّ الْمَكَانِ حَتَّى كَانَ التَّقَدُّمُ وَاجِبًا عَلَيْهِ، وَغَايَةُ مَا هُنَا كَوْنُهُ فِي خُصُوصِ مَكَان، وَلَا أَثَرَ لِذَلِكَ فَإِنَّهُ بُنِيَ فِي الْمَسَاجِدِ الْمَحَارِيبُ مِنْ لَدُنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَوْ لَمْ تُبْنَ كَانَتْ السُّنَّةُ أَنْ يَتَقَدَّمَ فِي مُحَاذَاةِ ذَلِكَ الْمَكَانِ لِأَنَّهُ يُحَاذِي وَسَطَ الصَّفِّ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ، إذْ قِيَامُهُ فِي غَيْرِ مُحَاذَاتِهِ مَكْرُوهٌ، وَغَايَتُهُ اتِّفَاقُ الْمِلَّتَيْنِ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ.
وَلَا بِدَعَ فِيهِ عَلَى أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ إنَّمَا يَخُصُّونَ الْإِمَامَ بِالْمَكَانِ الْمُرْتَفِعِ عَلَى مَا قِيلَ فَلَا تَشَبُّهَ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ سُجُودَهُ فِي الطَّاقِ) أَيْ وَرِجْلَاهُ خَارِجَهَا فَإِنَّهُ لَا يُكْرَهُ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْقَدَمِ فِي مَكَانِ الصَّلَاةِ حَتَّى يُشْتَرَطَ طَهَارَتُهُ رِوَايَةً وَاحِدَةً، بِخِلَافِ مَكَانِ السُّجُودِ إذْ فِيهِ رِوَايَتَانِ، وَلِذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ يَحْنَثُ بِوَضْعِ الْقَدَمِ وَإِنْ كَانَ بَاقِي بَدَنِهِ خَارِجَهَا، وَالصَّيْدُ إذَا كَانَ رِجْلَاهُ فِي الْحَرَمِ وَرَأْسُهُ خَارِجَهُ صَيْدُ الْحَرَمِ فَفِيهِ الْجَزَاءُ.
(قَوْلُهُ وَحْدَهُ) احْتِرَازٌ مِمَّا إذَا كَانَ مَعَهُ بَعْضُ الْقَوْمِ فَإِنَّهُ لَا يُكْرَهُ (قَوْلُهُ لِمَا قُلْنَا) مِنْ أَنَّهُ تَشَبُّهٌ بِأَهْلِ الْكِتَابِ فَإِنَّهُمْ يَخُصُّونَ إمَامَهُمْ بِالْمَكَانِ الْمُرْتَفِعِ فَقَوْلُهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ احْتِرَازٌ عَنْ رِوَايَةِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ لِعَدَمِ مَنَاطِهَا وَهُوَ التَّشَبُّهُ فَإِنَّهُمْ لَا يَخُصُّونَهُ بِالْمَكَانِ الْمُنْخَفِضِ. وَالْجَوَابُ أَنَّ الْكَرَاهَةَ هُنَا لِمَعْنًى آخَرَ وَهُوَ مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ. وَاخْتُلِفَ فِي مِقْدَارِ الِارْتِفَاعِ الَّذِي تَتَعَلَّقُ بِهِ الْكَرَاهَةُ فَقِيلَ قَدْرُ الْقَامَةِ، وَقِيلَ مَا يَقَعُ بِهِ الِامْتِيَازُ، وَقِيلَ ذِرَاعٌ كَالسُّتْرَةِ.
وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَالْوَجْهُ أَوَجْهِيَّةُ الثَّانِي لِأَنَّ الْمُوجِبَ هُوَ شَبَهُ الِازْدِرَاءِ يَتَحَقَّقُ فِيهِ غَيْرُ مُقْتَصَرٍ عَلَى قَدْرِ الذِّرَاعِ (قَوْلُهُ يَتَحَدَّثُ) لِإِفَادَةِ نَفْيِ الْكَرَاهَةَ بِحَضْرَةِ الْمُتَحَدِّثِينَ خِلَافًا لِلْقَائِلَيْنِ وَكَذَا بِحَضْرَةِ النَّائِمِينَ. وَمَا رُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تُصَلُّوا خَلْفَ النَّائِمِ وَلَا الْمُتَحَدِّثِ» فَضَعِيفٌ، وَقَدْ صَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى وَعَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - نَائِمَةٌ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ» . قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ. وَقَدْ يُقَالُ: لَمْ تَكُنْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - نَائِمَةً بَلْ مُضْطَجِعَةً، وَلِذَا قَالَتْ: فَكَانَ إذَا سَجَدَ غَمَزَنِي فَقَبَضَتْ رَجْلِي.
فَإِذَا قَامَ بَسَطْتهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ: كَانَ ذَلِكَ الْغَمْزُ الْمُتَكَرِّرُ مِرَارًا إيقَاظًا، لَكِنْ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ كُلِّهَا وَأَنَا مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُوتِرَ أَيْقَظَنِي فَأَوْتَرْتُ» يَقْتَضِي أَنَّهَا كَانَتْ نَائِمَةً لَا مُضْطَجِعَةً يَقْظَى. وَقَدْ يُسْتَدَلُّ بِمَا فِي مُسْنَدِ الْبَزَّارِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «نُهِيتُ أَنْ أُصَلِّيَ إلَى النِّيَامِ وَالْمُتَحَدِّثِينَ» وَإِنْ قَالَ الْبَزَّارُ لَا نَعْلَمُهُ إلَّا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ.

اسم الکتاب : فتح القدير المؤلف : الكمال بن الهمام    الجزء : 1  صفحة : 413
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست