responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح القدير المؤلف : الكمال بن الهمام    الجزء : 1  صفحة : 396
وَإِنَّمَا هِيَ التَّسْبِيحُ وَالتَّهْلِيلُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ» وَمَا رَوَاهُ مَحْمُولٌ عَلَى رَفْعِ الْإِثْمِ. بِخِلَافِ السَّلَامِ سَاهِيًا لِأَنَّهُ مِنْ الْأَذْكَارِ فَيُعْتَبَرُ ذِكْرًا فِي حَالَةِ النِّسْيَانِ وَكَلَامًا فِي حَالَةِ التَّعَمُّدِ لِمَا فِيهِ مِنْ كَافِ الْخِطَابِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ قَالَ «بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ فَقُلْتُ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ، فَقُلْتُ: وَاثُكْلَ أُمَّاهُ مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إلَيَّ، فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونِي لَكِنِّي سَكَتُّ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَعَانِي فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ، فَوَاَللَّهِ مَا كَهَرَنِي وَلَا ضَرَبَنِي وَلَا شَتَمَنِي ثُمَّ قَالَ: إنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ» اهـ.
وَقَدْ أَجَابُوا بِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ دَلِيلًا عَلَى الْبُطْلَانِ، بَلْ عَلَى أَنَّهُ مَحْظُورٌ وَالْحَظْرُ لَا يَسْتَلْزِمُ الْبُطْلَانَ، وَلِذَا لَمْ يَأْمُرْهُ بِالْإِعَادَةِ وَإِنَّمَا عَلَّمَهُ أَحْكَامَ الصَّلَاةِ.
قُلْنَا إنْ صَحَّ فَإِنَّمَا بَيَّنَ الْحَظْرَ حَالَةَ الْعَمْدِ، وَالِاتِّفَاقُ عَلَى أَنَّهُ حَظْرٌ يَرْتَفِعُ إلَى الْإِفْسَادِ، وَمَا كَانَ مُفْسِدًا حَالَةَ الْعَمْدِ كَانَ كَذَلِكَ حَالَةَ السَّهْوِ لِعَدَمِ الْمُزِيلِ شَرْعًا كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ. وَقَوْلُهُ «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي» أَوْ «إنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْهُمْ» مِنْ بَاب الْمُقْتَضَى وَلَا عُمُومَ لَهُ، لِأَنَّهُ ضَرُورِيٌّ فَوَجَبَ تَقْدِيرُهُ عَلَى وَجْهٍ يَصِحُّ، وَالْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ رَفْعَ الْإِثْمِ مُرَادٌ فَلَا يُرَادُ غَيْرُهُ وَإِلَّا لَزِمَ تَعْمِيمُهُ وَهُوَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الضَّرُورَةِ، وَمَنْ اعْتَبَرَهُ فِي الْحُكْمِ الْأَعَمِّ مِنْ حُكْمِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَقَدْ عَمَّمَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَدْرِي، إذْ قَدْ أَثْبَتَهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الضَّرُورَةِ مِنْ تَصْحِيحِ الْكَلَامِ وَصَارَ كَمَا إذَا أَطَالَ الْكَلَامَ سَاهِيًا فَإِنَّهُ يَقُولُ بِالْفَسَادِ، فَإِنَّ الشَّرْعَ إذَا رَفَعَ إفْسَادَهُ وَجَبَ شُمُولُ الصِّحَّةِ.
وَإِلَّا فَشُمُولُ عَدَمِهَا وَكَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ، وَإِنَّمَا عُفِيَ الْقَلِيلُ مِنْ الْعَمَلِ لِعَدَمِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ لِأَنَّ فِي الْحَيِّ حَرَكَاتٍ مِنْ الطَّبْعِ وَلَيْسَتْ الصَّلَاةُ، فَلَوْ اُعْتُبِرَ إفْسَادُهُ مُطْلَقًا لَزِمَ الْحَرَجُ فِي إقَامَةِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ فَعُفِيَ مَا لَمْ يَكْثُرْ وَلَيْسَ الْكَلَامُ مِنْ طَبْعِ الْحَيِّ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ السَّلَامِ سَاهِيًا) جَوَابٌ عَنْ قِيَاسٍ مُقَدَّرٍ لِلشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى السَّلَامِ سَاهِيًا وَهُوَ ظَاهِرٌ مِنْ الْكِتَابِ.

اسم الکتاب : فتح القدير المؤلف : الكمال بن الهمام    الجزء : 1  صفحة : 396
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست