responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح القدير المؤلف : الكمال بن الهمام    الجزء : 1  صفحة : 32
قَالَ (وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُتَوَضِّئِ أَنْ يَنْوِيَ الطَّهَارَةَ) فَالنِّيَّةُ فِي الْوُضُوءِ سُنَّةٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَرْضٌ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ فَلَا تَصِحُّ بِدُونِ النِّيَّةِ كَالتَّيَمُّمِ. وَلَنَا أَنَّهُ لَا يَقَعُ قُرْبَةً إلَّا بِالنِّيَّةِ، وَلَكِنَّهُ يَقَعُ مِفْتَاحًا لِلصَّلَاةِ لِوُقُوعِهِ طَهَارَةً بِاسْتِعْمَالِ الْمُطَهِّرِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQلِصِحَّةِ الْإِسْنَادِ إلَى عَمْرٍو اهـ. وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمُحَدِّثُونَ فِيهِ وَالْمُحَقِّقُونَ عَلَى صِحَّتِهِ، فَجَمَعَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بَيْنَ الْأَلْفَاظِ الْمَرْوِيَّةِ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَنَسَبَهَا إلَيْهِ، وَلَا عَتْبَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْسُبُهُ إلَى صَحَابِيٍّ وَاحِدٍ مُعَيَّنٍ.

(قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ إلَخْ) لَا سَنَدَ لِلْقُدُورِيِّ فِي الرِّوَايَةِ وَلَا فِي الدِّرَايَةِ فِي جَعْلِ النِّيَّةِ وَالِاسْتِيعَابِ وَالتَّرْتِيبِ مُسْتَحَبًّا غَيْرَ سُنَّةٍ، أَمَّا الرِّوَايَةُ فَنُصُوصُ الْمَشَايِخِ مُتَظَافِرَةٌ عَلَى السُّنِّيَّةِ، وَلِذَا خَالَفَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الثَّلَاثَةِ وَحَكَمَ بِسُنِّيَّتِهَا بِقَوْلِهِ فَالنِّيَّةُ فِي الْوُضُوءِ سُنَّةٌ وَنَحْوُهُ فِي الْآخَرَيْنِ، وَأَمَّا الدِّرَايَةُ فَسَنَذْكُرُهُ قَرِيبًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَقِيلَ أَرَادَ يُسْتَحَبُّ فِعْلُ هَذِهِ السُّنَّةِ لِلْخُرُوجِ عَنْ الْخِلَافِ فَإِنَّ الْخُرُوجَ عَنْهُ مُسْتَحَبٌّ، لَكِنَّ قَوْلَهُ بِالْمَيَامِنِ عَطْفًا عَلَى تَفْسِيرِ يُرَتِّبُ الْوُضُوءَ قَدْ يُعَكِّرُهُ، فَإِنَّ الْحَاصِلَ حِينَئِذٍ يُسْتَحَبُّ التَّرْتِيبُ، وَهُوَ أَنْ يَبْدَأَ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ وَبِالْمَيَامِنِ، وَالتَّيَامُنُ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَهُمْ بِالْمَعْنَى الْمَشْهُورِ، وَقَدْ أَوْقَعَهُ فِي تَفْسِيرِ التَّرْتِيبِ فَيَكُونُ التَّرْتِيبُ بِذَلِكَ الْوَصْفِ.
وَأَمَّا الْوَجْهُ فَمِنْهُ أَنَّ الْوُضُوءَ لَا يَقَعُ بِلَا نِيَّةٍ إلَّا بِالْفِعْلِ مَعَ الْغَفْلَةِ وَالذُّهُولِ؛ إذْ الْفِعْلُ الِاخْتِيَارِيُّ لَا بُدَّ فِي تَحْقِيقِهِ مِنْ الْقَصْدِ إلَيْهِ، وَهُوَ إذَا قَصَدَ الْوُضُوءَ أَوْ رَفْعَ الْحَدَثَ أَوْ اسْتِبَاحَةَ مَا لَا يَحِلُّ إلَّا بِهِ كَانَ مَنْوِيًّا حَتَّى إنَّ صُورَةَ الْخِلَافِ إنَّمَا تَتَحَقَّقُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الشَّافِعِيِّ فِي نَحْوِ مَنْ دَخَّلَ الْمَاءَ مَدْفُوعًا أَوْ مُخْتَارًا لِقَصْدِ التَّبَرُّدِ أَوْ مُجَرَّدِ قَصْدِ إزَالَةِ الْوَسَخِ، وَوُقُوعِ مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَاتِ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ لَا يَتَحَقَّقُ، وَلَوْ تَحَقَّقَ فِي بَعْضِهَا لَا يَنْفِي السُّنِّيَّةَ؛ لِأَنَّهَا لَوْ لَمْ تَقْتَرِنْ بِالتَّرْكِ أَصْلًا كَانَ وَاجِبًا، وَسَنَذْكُرُ الْوَجْهَ الْعَامَّ لِلثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ فَلَا تَصِحُّ بِدُونِ النِّيَّةِ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ: أَيْ صِحَّتُهَا وَاعْتِبَارُهَا شَرْعًا بِالنِّيَّاتِ، وَالْمُرَادُ الْعِبَادَاتُ؛ لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْمُبَاحَاتِ تُعْتَبَرُ شَرْعًا بِلَا نِيَّةٍ كَالطَّلَاقِ وَالنِّكَاحِ (قَوْلُهُ وَلَنَا) قَوْلٌ بِالْمُوجِبِ: أَيْ سَلَّمْنَا أَنَّ كُلَّ عِبَادَةٍ بِنِيَّةٍ، وَالْوُضُوءُ لَا يَقَعُ عِبَادَةً بِدُونِهَا وَبِذَلِكَ قَضَيْنَا عُهْدَةَ الْحَدِيثِ، وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِي هَذَا بَلْ فِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْوِ حَتَّى لَمْ تَقَعْ عِبَادَةٌ سَبَبًا لِلثَّوَابِ فَهَلْ يَقَعُ الشَّرْطُ الْمُعْتَبَرُ لِلصَّلَاةِ حَتَّى تَصِحَّ بِهِ أَوْ لَا لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى نَفْيِهِ وَلَا إثْبَاتِهِ، فَقُلْنَا نَعَمْ لِأَنَّ الشَّرْطَ مَقْصُودُ التَّحْصِيلِ لِغَيْرِهِ لَا لِذَاتِهِ فَكَيْفَ حَصَلَ الْمَقْصُودُ وَصَارَ كَسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَبَاقِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ لَا يَفْتَقِرُ اعْتِبَارُهَا إلَى أَنْ تُنْوَى،

اسم الکتاب : فتح القدير المؤلف : الكمال بن الهمام    الجزء : 1  صفحة : 32
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست