responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح القدير المؤلف : الكمال بن الهمام    الجزء : 1  صفحة : 257
أَيْ مَا يُوَارِي عَوْرَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا صَلَاةَ لِحَائِضٍ إلَّا بِخِمَارٍ» أَيْ لِبَالِغَةٍ (وَعَوْرَةُ الرَّجُلِ مَا تَحْتَ السُّرَّةِ إلَى الرُّكْبَةِ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «عَوْرَةُ الرَّجُلِ مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ إلَى رُكْبَتِهِ» وَيُرْوَى «مَا دُونَ سُرَّتِهِ حَتَّى تُجَاوِزَ رُكْبَتَهُ» وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّ السُّرَّةَ لَيْسَتْ مِنْ الْعَوْرَةِ خِلَافًا لِمَا يَقُولُهُ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - (وَالرُّكْبَةُ مِنْ الْعَوْرَةِ) خِلَافًا لَهُ أَيْضًا، وَكَلِمَةُ إلَى تَحْمِلُهَا عَلَى كَلِمَةِ مَعَ عَمَلًا بِكَلِمَةِ حَتَّى أَوْ عَمَلًا بِقَوْلِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَالْوُجُوبُ لَيْسَ غَيْرُ، وَهُمَا حَقِيقَتَانِ مُتَبَايِنَتَانِ لِأَنَّ عَدَمَ الْإِكْفَارِ بِالْجَحْدِ مَأْخُوذٌ فِي مَفْهُومِ الْوُجُوبِ وَنَقِيضُهُ فِي مَفْهُومِ الْفَرْضِ، أَوْ هُمَا فَرْدَا مَفْهُومٍ وَاحِدٍ هُوَ مَفْهُومُهُ وَهُوَ الطَّلَبُ الْجَازِمُ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مِنْ الْقُوَّةِ أَوَّلًا، وَالْمُشَكِّكُ الْأَعَمُّ لَا يَعْرِفُ اسْتِعْمَالَهُ فِي فَرْدَيْنِ مِنْ مَفْهُومِهِ فِي إطْلَاقٍ وَاحِدٍ، وَقَدْ يَدْفَعُ بِاخْتِيَارِ الثَّانِي وَكَوْنُهُ بِحَيْثُ يَكْفُرُ جَاحِدُهُ مُقْتَضَاهُ إنَّمَا هُوَ أَثَرُ قُوَّةِ ثُبُوتِهِ قَطْعًا عَنْ اللَّهِ وَقَطْعِيَّةُ دَلَالَتِهِ عَلَى مَفْهُومِهِ لَا مِنْ نَفْسِ مَفْهُومِهِ، فَتَأَمَّلْ هَذَا يَظْهَرْ لَك عِنْدَهُ أَنَّ نَفْسَ حَقِيقَةِ الْوُجُوبِ وَالْفَرْضِ لَيْسَ تَمَامُهُمَا مَفْهُومَ لَفْظِ الْأَمْرِ بَلْ جُزْأَهُمَا وَهُوَ الطَّلَبُ الْجَازِمُ وَالْجُزْءُ الْآخَرُ: أَعْنِي كَوْنَهُ بِحَيْثُ يَكْفُرُ جَاحِدُهُ أَوْ لِأَثَرِ كَيْفِيَّةِ ثُبُوتِ ذَلِكَ الْأَمْرِ وَدَلَالَتِهِ.
وَصَحَّ إضَافَةُ تَمَامِهَا إلَى الْأَمْرِ بِأَنْ يُقَالَ: يُفِيدُ الْوُجُوبُ الِافْتِرَاضَ إذْ لَا شَكَّ فِي اسْتِفَادَةِ ثُبُوتِ تَمَامِ الْحَقِيقَةِ مَعَهُ وَبِسَبَبِهِ، لَا أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهَا بِتَمَامِهَا مَدْلُولُ لَفْظِهِ فَتَأَمَّلْ، وَحِينَئِذٍ فَالْإِلْزَامُ الَّذِي يَتِمُّ هُوَ الْأَوَّلُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
وَحَاصِلُهُ لُزُومُ افْتِرَاضِ السِّتْرِ فِي الطَّوَافِ بِالْآيَةِ وَأَنْتُمْ تَنْفُونَهُ أَوْ الْوُجُوبُ فِي الصَّلَاةِ وَأَنْتُمْ تَفْرِضُونَهُ، وَالْحَقُّ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الْآيَةَ ظَنِّيَّةُ الدَّلَالَةِ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ فَمُقْتَضَاهَا الْوُجُوبُ فِي الصَّلَاةِ وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَ مِنْهَا قَطْعِيَّةَ الثُّبُوتِ وَمِنْ حَدِيثِ «لَا صَلَاةَ لِحَائِضٍ إلَّا بِخِمَارٍ» قَطْعِيَّةُ الدَّلَالَةِ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ فَيَثْبُتُ الْفَرْضُ بِالْمَجْمُوعِ، وَفِيهِ مَا لَا يَخْفَى بَعْدَ تَسْلِيمِ قَطْعِيَّةِ الدَّلَالَةِ فِي الْحَدِيثِ وَإِلَّا فَهُوَ قَدْ اعْتَرَفَ فِي نَظِيرِهِ مِنْ نَحْوِ «لَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يُسَمِّ» وَ «لَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ» أَنَّهُ ظَنِّيُّ الدَّلَالَةِ، وَلَا شَكَّ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ احْتِمَالَ نَفْيِ الْكَمَالِ قَائِمٌ وَالْأَوْجَهُ الِاسْتِدْلَال بِالْإِجْمَاعِ عَلَى الِافْتِرَاضِ فِي الصَّلَاةِ كَمَا نَقَلَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَئِمَّةِ النَّقْلِ إلَى أَنْ حَدَّثَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ فَخَالَفَ فِيهِ كَالْقَاضِي إسْمَاعِيلَ وَهُوَ لَا يَجُوزُ بَعْدَ تَقَرُّرِ الْإِجْمَاعِ.
وَالْحَدِيثُ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - تَرْفَعُهُ «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ حَائِضٍ إلَّا بِخِمَارٍ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «عَوْرَةُ الرَّجُلِ» ) رَوَى

اسم الکتاب : فتح القدير المؤلف : الكمال بن الهمام    الجزء : 1  صفحة : 257
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست