responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح القدير المؤلف : الكمال بن الهمام    الجزء : 1  صفحة : 254
وَمَدَّ يَدَهُ عَرْضًا» .

(وَالْمُسَافِرُ يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِابْنَيْ أَبِي مُلَيْكَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «إذَا سَافَرْتُمَا فَأَذِّنَا وَأَقِيمَا»
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَ لَهُ: مَا حَمَلَكَ عَلَى ذَلِكَ؟ قَالَ: اسْتَيْقَظْتُ وَأَنَا وَسْنَانُ فَظَنَنْتُ أَنَّ الْفَجْرَ قَدْ طَلَعَ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُنَادِيَ عَلَى نَفْسِهِ: أَلَا إنَّ الْعَبْدَ قَدْ نَامَ» وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانُوا إذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ قَالُوا لَهُ اتَّقِ اللَّهَ وَأَعِدْ أَذَانَك وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْعَادَةَ الْفَاشِيَةَ عِنْدَهُمْ إنْكَارُ الْأَذَانِ قَبْلَ الْوَقْتِ، فَثَبَتَ أَنَّ أَذَانَهُ قَبْلَ الْفَجْرِ قَدْ وَقَعَ، وَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَضِبَ عَلَيْهِ وَأَمَرَهُ بِالنِّدَاءِ عَلَى نَفْسِهِ وَنَهَاهُ عَنْ مِثْلِهِ، فَيَجِبُ حَمْلُ مَا رَوَوْهُ عَلَى أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إمَّا أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ النِّدَاءِ عَلَيْهِ: يَعْنِي لَا تَعْتَمِدُوا عَلَى أَذَانِهِ فَإِنَّهُ يُخْطِئُ فَيُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ تَحْرِيضًا لَهُ عَلَى الِاحْتِرَاسِ عَنْ مِثْلِهِ، وَإِمَّا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَذَانِ التَّسْحِيرُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ هَذَا إنَّمَا كَانَ فِي رَمَضَانَ كَمَا قَالَهُ فِي الْإِمَامِ فَلِذَا قَالَ «فَكُلُوا وَاشْرَبُوا» أَوْ التَّذْكِيرُ الَّذِي يُسَمَّى فِي هَذَا الزَّمَانِ بِالتَّسْبِيحِ لِيُوقِظَ النَّائِمَ وَيُرَجِّعَ الْقَائِمُ، كَمَا قِيلَ: إنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا حِزْبَيْنِ: حِزْبًا يَجْتَهِدُونَ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ، وَحِزْبًا فِي الْأَخِيرِ، وَكَانَ الْفَاصِلُ عِنْدَهُمْ أَذَانُ بِلَالٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَمْنَعَنَّكُمْ مِنْ سُحُورِكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ فَإِنَّهُ يُؤَذِّنُ لِيُوقِظَ نَائِمَكُمْ وَيَرْقُدَ قَائِمُكُمْ» وَقَدْ رَوَى أَبُو الشَّيْخِ عَنْ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: مَا كَانَ الْمُؤَذِّنُ يُؤَذِّنُ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ

(قَوْلُهُ لِابْنَيْ أَبِي مُلَيْكَةَ) الصَّوَابُ مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ وَابْنُ عَمٍّ لَهُ، وَقَدْ ذَكَرَهُ الْمُصَنَّفُ فِي الصَّرْفِ عَلَى الصَّوَابِ كَمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمَبْسُوطِ وَفَخْرُ الْإِسْلَامِ فِي الْجَامِعِ وَالْمَحْبُوبِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ «مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَا وَصَاحِبٌ لِي، فَلَمَّا أَرَدْنَا الِانْتِقَالَ مِنْ عِنْدِهِ قَالَ لَنَا: إذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَأَذِّنَا وَأَقِيمَا وَلْيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا» وَفِي رِوَايَةٍ لِلتِّرْمِذِيِّ «أَنَا وَابْنُ عَمٍّ لِي» فَهِيَ مُفَسِّرَةٌ لِلْمُرَادِ بِالصَّاحِبِ. وَإِذَا كَانَ هَذَا الْخِطَابُ لَهُمَا وَلَا حَاجَةَ لَهُمَا مُتَرَافِقَيْنِ إلَى اسْتِحْضَارِ أَحَدٍ عُلِمَ أَنَّ الْمُنْفَرِدَ أَيْضًا يُسَنُّ لَهُ ذَلِكَ. وَقَدْ وَرَدَ فِي خُصُوصِ الْمُنْفَرِدِ أَحَادِيثُ فِي أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ «يَعْجَبُ رَبُّكَ مِنْ رَاعِي غَنَمٍ فِي رَأْسِ شَظِيَّةٍ يُؤَذِّنُ بِالصَّلَاةِ وَيُصَلِّي فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: اُنْظُرُوا إلَى عَبْدِي هَذَا يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ لِلصَّلَاةِ يَخَافُ مِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي وَأَدْخَلْتُهُ الْجَنَّةَ» وَعَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا كَانَ الرَّجُلُ بِأَرْضِ فَلَاةٍ فَحَانَتْ الصَّلَاةُ فَلْيَتَوَضَّأْ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً فَلْيَتَيَمَّمْ، فَإِنْ أَقَامَ صَلَّى مَعَهُ مَلَكَانِ، وَإِنْ أَذَّنَ وَأَقَامَ صَلَّى خَلْفَهُ مِنْ جُنُودِ اللَّهِ مَا لَا يَرَى طَرْفَاهُ» رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ. وَبِهَذَا وَنَحْوِهِ عُرِفَ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْأَذَانِ لَمْ يَنْحَصِرْ فِي الْإِعْلَامِ بَلْ كُلٌّ مِنْهُ وَمِنْ الْإِعْلَانِ بِهَذَا الذِّكْرِ نَشْرٌ لِذَكَرِ اللَّهِ وَدِينِهِ فِي أَرْضِهِ وَتَذْكِيرٌ لِعِبَادِهِ

اسم الکتاب : فتح القدير المؤلف : الكمال بن الهمام    الجزء : 1  صفحة : 254
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست