responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح القدير المؤلف : الكمال بن الهمام    الجزء : 1  صفحة : 247
(قَالَ يَعْقُوبُ: رَأَيْت أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُؤَذِّنُ فِي الْمَغْرِبِ وَيُقِيمُ وَلَا يَجْلِسُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ) وَهَذَا يُفِيدُ مَا قُلْنَا، وَأَنَّ الْمُسْتَحَبَّ كَوْنُ الْمُؤَذِّنِ عَالِمًا بِالسُّنَّةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQسَبِيلُهَا التَّرْكَ، وَهَذَا يُشِيرُ إلَى أَنَّ تَأْخِيرَ الْمَغْرِبِ قَدْرَ أَدَاءِ رَكْعَتَيْنِ مَكْرُوهٌ، وَقَدَّمْنَا مِنْ الْقُنْيَةِ اسْتِثْنَاءَ التَّأْخِيرِ الْقَلِيلِ فَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى مَا هُوَ أَقَلُّ مِنْ قَدْرِهِمَا إذَا تَوَسَّطَ فِيهِمَا لِيَتَّفِقَ كَلَامُ الْأَصْحَابِ (قَوْلُهُ قَالَ يَعْقُوبُ) هُوَ اسْمُ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهَذَا لَفْظُ مُحَمَّدٍ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ (قَوْلُهُ وَإِنَّ الْمُسْتَحَبَّ كَوْنُ الْمُؤَذِّنِ عَالِمًا بِالسُّنَّةِ) يُفِيدُ بِالِالْتِزَامِ الْعَادِي طَلَبَ أَنْ لَا يَكُونَ صَبِيًّا وَإِنْ كَانَ عَاقِلًا بَلْ بَالِغًا، ثُمَّ اسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَلِيُؤَذِّنْ لَكُمْ خِيَارُكُمْ» فَعُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ كَوْنُهُ عَالِمًا عَامِلًا لِأَنَّ الْعَالِمَ الْفَاسِقَ لَيْسَ مِنْ الْخِيَارِ لِأَنَّهُ أَشَدُّ عَذَابًا مِنْ الْجَاهِلِ الْفَاسِقِ عَلَى أَحَقِّ الْقَوْلَيْنِ كَمَا تَشْهَدُ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ، وَصَرَّحُوا بِكَرَاهَةِ أَذَانِ الْفَاسِقِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِكَوْنِهِ عَالِمًا أَوْ غَيْرَهُ.
وَرُوِيَ مِثْلُهُ فِي الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ أَيْضًا، لَكِنْ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ فِي الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْعَاقِلِ، ثُمَّ فِي النُّسَخِ وَيُؤَذِّنُ بِالْوَاوِ، وَاَلَّذِي فِي أَبِي دَاوُد عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لِيُؤَذِّنْ لَكُمْ خِيَارُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ قُرَّاؤُكُمْ» وَفِي إسْنَادِهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عِيسَى نَسَبَ إلَيْهِ أَبُو زُرْعَةَ وَأَبُو حَاتِمٍ النَّكَارَةَ فِي حَدِيثِهِ، ثُمَّ يَدْخُلُ فِي كَوْنِهِ خِيَارًا أَنْ لَا يَأْخُذَ أَجْرًا فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلْمُؤَذِّنِ وَلَا لِلْإِمَامِ. وَلِأَبِي دَاوُد عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ قَالَ «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ اجْعَلْنِي إمَامَ قَوْمِي، قَالَ أَنْتَ إمَامُهُمْ، وَاقْتَدِ بِضَعِيفِهِمْ وَاِتَّخِذْ مُؤَذِّنًا لَا يَأْخُذُ عَلَى الْأَذَانِ أَجْرًا» قَالُوا: فَإِنْ لَمْ يُشَارِطْهُمْ عَلَى شَيْءٍ لَكِنْ عَرَفُوا حَاجَتَهُ فَجَمَعُوا لَهُ فِي كُلِّ وَقْتٍ شَيْئًا كَانَ حَسَنًا وَيَطِيبُ لَهُ، وَعَلَى هَذَا الْمُفْتِي لَا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ عَلَى ذَلِكَ، لَكِنْ يَنْبَغِي لِلْقَوْمِ أَنْ يَهْدُوا إلَيْهِ. وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ الْمُؤَذِّنُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِأَوْقَاتِ الصَّلَاةِ لَا يَسْتَحِقُّ ثَوَابَ الْمُؤَذِّنِينَ انْتَهَى.
فَفِي أَخْذِ الْأَجْرِ أَوْلَى، وَلْنَسُقْ بَعْضَ مَا رُوِيَ فِي الْمُؤَذِّنِينَ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ لَتَضَارَبُوا عَلَيْهِ بِالسُّيُوفِ» وَلَهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «يُغْفَرُ لِلْمُؤَذِّنِ مُنْتَهَى أَذَانِهِ، وَيَسْتَغْفِرُ لَهُ كُلُّ رَطْبٍ وَيَابِسٍ سَمِعَهُ» وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ إلَّا أَنَّهُ قَالَ «وَيُجِيبُهُ كُلُّ رَطْبٍ وَيَابِسٍ» وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ وَعِنْدَهُمَا يَشْهَدُ لَهُ، وَالنَّسَائِيُّ وَزَادَ «وَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ صَلَّى مَعَهُ» وَلِلطَّبَرَانِيِّ مِثْلُ هَذِهِ، وَلَهُ فِي الْأَوْسَطِ «يَدُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَوْقَ رَأْسِ الْمُؤَذِّنِ، وَإِنَّهُ لَيُغْفَرُ لَهُ مَدَى صَوْتِهِ أَيْنَ بَلَغَ» وَلَهُ فِيهِ «إنَّ الْمُؤَذِّنِينَ وَالْمُلَبِّينَ يَخْرُجُونَ مِنْ قُبُورِهِمْ يُؤَذِّنُ الْمُؤَذِّنُ وَيُلَبِّي الْمُلَبِّي» وَلِمُسْلِمٍ «الْمُؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ أَعْنَاقًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَلِلْإِمَامِ أَحْمَدَ وَالتِّرْمِذِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ يَرْفَعُهُ «ثَلَاثَةٌ عَلَى كُثْبَانِ الْمِسْكِ أُرَاهُ قَالَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» زَادَ فِي رِوَايَةٍ «يَغْبِطُهُمْ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ عَبْدٌ أَدَّى حَقَّ اللَّهِ وَحَقَّ مَوَالِيهِ وَرَجُلٌ أَمَّ قَوْمًا وَهُمْ بِهِ رَاضُونَ، وَرَجُلٌ يُنَادِي

اسم الکتاب : فتح القدير المؤلف : الكمال بن الهمام    الجزء : 1  صفحة : 247
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست