responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح القدير المؤلف : الكمال بن الهمام    الجزء : 1  صفحة : 23
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQرَأَيْتَنِي عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ إلَخْ» وَلِيُنْظَرْ فِي التَّوْفِيقِ بَيْنَ هَذِهِ وَكَيْفَ كَانَ فَهِيَ مُتَظَافِرَةٌ عَلَى عَدَمِ ذِكْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ، وَمُقْتَضَاهُ انْتِفَاؤُهُ فِي أَوَّلِ الْوُضُوءِ الْكَائِنِ عَنْ حَدَثٍ، وَمَا أُعِلَّ بِهِ غَيْرُ قَادِحٍ لِلْمُتَأَمِّلِ فَهِيَ مُعَارِضَةٌ لِخَبَرِ التَّسْمِيَةِ بَعْدَ الْقَوْلِ بِحُسْنِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ كَثْرَةَ طُرُقِ الضَّعِيفِ تُرَقِّيهِ إلَى ذَلِكَ وَهُوَ أَوْجُهُ الْقَوْلَيْنِ عَلَى مَا سَنُبَيِّنُهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، بَلْ بَعْضُهَا بِخُصُوصِهِ حَسَنٌ لِمَنْ تَأَمَّلَ كَلَامَ أَهْلِ الشَّأْنِ عَلَيْهَا فَيُخْرِجُهُ مِنْ السُّنَّةِ كَمَا أَخْرَجَهُ عَنْ الْإِيجَابِ الَّذِي هُوَ ظَاهِرُهُ، وَكَذَا عَدَمُ نَقْلِهَا فِي حِكَايَةِ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَا.
وَالْجَوَابُ أَنَّ الضَّعْفَ مُنْتَفٍ لِمَا قُلْنَا، وَالْمُعَارَضَةُ غَيْرُ مُتَحَقِّقَةٍ؛ لِأَنَّ كَرَاهَةَ ذِكْرِ اللَّهِ لَا يَكُونُ مِنْ مُتَمِّمَاتِ الْوُضُوءِ لَا يَسْتَلْزِمُ كَرَاهَةَ مَا جُعِلَ شَرْعًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى تَكْمِيلًا لَهُ بَعْدَ ثُبُوتِ جَعْلِهِ كَذَلِكَ بِالْحَدِيثِ الْحَسَنِ، فَذَلِكَ الذِّكْرُ ضَرُورِيٌّ لِلْوُضُوءِ الْكَامِلِ شَرْعًا فَلَا تَعَارُضَ لِلِاخْتِلَافِ، وَعَدَمُ نَقْلِهَا فِي حِكَايَتَيْهِمَا إمَّا؛ لِأَنَّهُمَا إنَّمَا حَكَيَا الْأَفْعَالَ الَّتِي هِيَ الْوُضُوءُ وَالتَّسْمِيَةُ لَيْسَتْ مِنْ نَفْسِهِ بَلْ ذِكْرٌ يَفْتَتِحُ هُوَ بِهَا، وَصِدْقُ هَذَا التَّرْكِيبِ يُفِيدُ خُرُوجَهَا عَنْ مُسَمَّاهُ، وَإِمَّا لِعَدَمِ نَقْلِ الرُّوَاةِ عَنْهُمَا، وَإِنْ قَالَاهَا؛ إذْ قَدْ يَنْقُلُ الرَّاوِي بَعْضَ الْحَدِيثِ اشْتِغَالًا بِالْمُهِمِّ بِنَاءً عَلَى اشْتِهَارِ الِافْتِتَاحِ بِالتَّسْمِيَةِ بَيْنَ السَّلَفِ فِي كُلِّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ، كَمَا رَوَى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ «كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَمْ يُبْدَأْ فِيهِ بِالْحَمْدُ لِلَّهِ فَهُوَ أَقْطَعُ» وَفِي رِوَايَةٍ «أَجْذَمُ» وَفِي رِوَايَةٍ «لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِبَسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» رَوَاهَا ابْنُ حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِينَ وَحَسَّنَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ قُرَّةٌ.
وَبِالْجُمْلَةِ عَدَمُ النَّقْلِ لَا يَنْفِي الْوُجُودَ فَكَيْفَ بَعْدَ الثُّبُوتِ بِوَجْهٍ آخَرَ، أَلَا يَرَى أَنَّهُمْ لَمْ يَنْقُلُوا مِنْ حِكَايَتِهِمَا التَّخْلِيلَ، وَلَا شُبْهَةَ فِي اعْتِقَادِي أَنَّهُ مِنْ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَذَا لَمْ يَنْقُلُوا السِّوَاكَ وَهُوَ عِنْدَ أَصْحَابِنَا مِنْ سُنَنِ الْوُضُوءِ، وَبَعْضُ مَنْ حَكَى لَمْ يَحْكِ غَسْلَ الْيَدَيْنِ أَوَّلًا وَلَمْ يَقْدَحْ ذَلِكَ فِي ثُبُوتِهَا إذَا ثَبَتَ بِطُرُقٍ.
بَقِيَ أَنْ يُقَالَ فَإِذَا سَلِمَ خَبَرُ التَّسْمِيَةِ عَنْ الْمُعَارِضِ مَعَ حُجِّيَّتِهِ فَمَا مُوجِبُ الْعُدُولِ بِهِ إلَى نَفْيِ الْكَمَالِ وَتَرْكِ ظَاهِرِهِ مِنْ الْوُجُوبِ؟ فَإِنْ قُلْنَا: إنَّهُ حَدِيثُ «إذَا تَطَهَّرَ أَحَدُكُمْ فَذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَطْهُرُ جَسَدُهُ كُلُّهُ فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى طَهُورِهِ لَمْ يَطْهُرْ إلَّا مَا مَرَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ» فَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ، إنَّمَا يَرْوِيهِ عَنْ الْأَعْمَشِ يَحْيَى بْنِ هَاشِمٍ وَهُوَ مَتْرُوكٌ.
وَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ حَدِيثُ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ فَإِنَّ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ «إذَا قُمْتَ إلَى الصَّلَاةِ فَتَوَضَّأْ كَمَا أَمَرَكَ اللَّهُ» وَفِي لَفْظٍ «إنَّهَا لَا تَتِمُّ صَلَاةُ أَحَدِكُمْ حَتَّى يُسْبِغَ الْوُضُوءَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَيَغْسِلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ، وَيَمْسَحَ رَأْسَهُ وَرِجْلَيْهِ إلَى الْكَعْبَيْنِ، ثُمَّ يُكَبِّرَ اللَّهَ تَعَالَى وَيَحْمَدَهُ» الْحَدِيثُ حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ تَسْمِيَةً فِي مَقَامِ التَّعْلِيمِ، فَقَدْ أَعَلَّهُ ابْنُ الْقَطَّانِ بِأَنَّ يَحْيَى بْنَ عَلِيِّ بْنِ خَلَّادٍ لَا يُعْرَفُ لَهُ حَالٌ وَهُوَ مِنْ رُوَاتِهِ، فَأَدَّى النَّظَرُ إلَى وُجُوبِ التَّسْمِيَةِ فِي الْوُضُوءِ، غَيْرَ أَنَّ صِحَّتَهُ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الرُّكْنَ إنَّمَا يَثْبُتُ بِالْقَاطِعِ، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا قِيلَ الْمُرَادُ بِهِ نَفْيُ الْفَضِيلَةِ، وَإِلَّا يَلْزَمُ نَسْخُ آيَةِ الْوُضُوءِ بِهِ: يَعْنِي الزِّيَادَةَ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُ بِتَقْدِيرِ الِافْتِرَاضِ لَا الْوُجُوبِ.
وَمَا قِيلَ إنَّهُ لَا مَدْخَلَ لِلْوُجُوبِ فِي الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ تَابِعٌ، فَلَوْ قُلْنَا بِالْوُجُوبِ فِيهِ الْمُسَاوِي التَّبَعِ الْأَصْلِ غَيْرُ لَازِمٍ إذْ اشْتِرَاكُهُمَا بِثُبُوتِ الْوَاجِبِ فِيهِمَا لَا يَقْتَضِيهِ لِثُبُوتِ عَدَمِ الْمُسَاوَاةِ بِوَجْهٍ آخَرَ نَحْوَ إنَّهُ لَا يَلْزَمُ بِالنَّذْرِ، بِخِلَافِ الصَّلَاةِ مَعَ أَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ الْحُكْمِ بِأَنَّ وَاجِبَهُ أَحَطُّ رُتْبَةً مِنْ وَاجِبِ الصَّلَاةِ كَفَرْضِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى فَرْضِهَا.
فَإِنْ قِيلَ: يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّ الْأَدِلَّةَ السَّمْعِيَّةَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ.
الرَّابِعُ مِنْهَا مَا هُوَ ظَنِّيُّ الثُّبُوتِ وَالدَّلَالَةِ وَأَعْطَوْا حُكْمَهُ إفَادَةَ السُّنِّيَّةِ وَالِاسْتِحْبَابِ وَجَعَلُوا مِنْهُ خَبَرَ التَّسْمِيَةِ، وَصَرَّحَ

اسم الکتاب : فتح القدير المؤلف : الكمال بن الهمام    الجزء : 1  صفحة : 23
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست