responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فتح القدير المؤلف : الكمال بن الهمام    الجزء : 1  صفحة : 167
(وَلَيْسَ لِلْحَائِضِ وَالْجُنُبِ وَالنُّفَسَاءِ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا تَقْرَأُ الْحَائِضُ وَلَا الْجُنُبُ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ» وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْحَائِضِ، وَهُوَ بِإِطْلَاقِهِ يَتَنَاوَلُ مَا دُونَ الْآيَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQشَيْءٍ إلَّا النِّكَاحَ. وَفِي رِوَايَةٍ إلَّا الْجِمَاعَ» وَلِلْجَمَاعَةِ مَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ «سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمَّا يَحِلُّ لِي مِنْ امْرَأَتِي وَهِيَ حَائِضٌ؟ فَقَالَ: لَكَ مَا فَوْقَ الْإِزَارِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَسَكَتَ عَلَيْهِ فَهُوَ حُجَّةٌ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حَسَنًا أَوْ صَحِيحًا، فَمِنْهُمْ مَنْ حَسَّنَهُ لَكِنَّ شَارِحَهُ أَبُو زُرْعَةَ الْعِرَاقِيُّ صَرَّحَ بِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا، وَهُوَ فَرْعُ مَعْرِفَةِ رِجَالِ سَنَدِهِ فَثَبَتَ كَوْنُهُ صَحِيحًا، وَحِينَئِذٍ يُعَارِضُ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ خُصُوصًا وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ مُسْلِمًا يُخْرِجُ عَمَّنْ لَمْ يَسْلَمْ مِنْ غَوَائِلِ الْجُرْحِ، وَإِذَنْ فَالتَّرْجِيحُ لَهُ لِأَنَّهُ مَانِعٌ وَذَاكَ مُبِيحٌ، وَأَمَّا تَرْجِيحُ السُّرُوجِيِّ قَوْلَ مُحَمَّدٍ بِأَنَّ أَحَادِيثَنَا مَفْهُومٌ لَا يُعَارِضُ مَنْطُوقَهُمْ فَغَلَطٌ، لِأَنَّ كَوْنَهَا مَنْطُوقًا فِي الْمُدَّعِي أَوْ مَفْهُومًا بِنَاءً عَلَى اعْتِبَارِ الْمُدَّعِي كَيْفَ هُوَ، فَإِنْ جَعَلَتْ الدَّعْوَى قَوْلَنَا جَمِيعَ مَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ مِنْ امْرَأَتِهِ الْحَائِضِ مَا فَوْقَ الْإِزَارِ كَانَتْ أَحَادِيثُنَا مَنْطُوقًا: أَعْنِي قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَكَ مَا فَوْقَ الْإِزَارِ» جَوَابًا عَنْ قَوْلِ السَّائِلِ: مَا يَحِلُّ لِي مِنْ امْرَأَتِي الْحَائِضِ؟ ، فَإِنَّ مَعْنَاهُ: جَمِيعَ مَا يَحِلُّ لَك مَا فَوْقَ الْإِزَارِ، لِأَنَّ مَعْنَى السُّؤَالِ جَمِيعُ مَا يَحِلُّ لِي مَا هُوَ فَيُطَابِقُ الْجَوَابُ السُّؤَالَ، وَإِنْ جُعِلَتْ الدَّعْوَى لَا يَحِلُّ مَا تَحْتَ الْإِزَارِ وَقَالُوا يَحِلُّ إلَّا مَحَلَّ الدَّمِ كَانَتْ مَفْهُومًا، وَلَا شَكَّ أَنَّ كُلًّا مِنْ الِاعْتِبَارَيْنِ فِي الدَّعْوَى صَحِيحٌ، فَعُلِمَ أَنَّ الْمَفْهُومِيَّةَ غَيْرُ لَازِمَةٍ فِي أَحَادِيثِنَا وَلَا الْمَنْطُوقِيَّةَ،
ثُمَّ لَوْ سَلَّمَ كَانَ هَذَا الْمَفْهُومُ أَقْوَى مِنْ الْمَنْطُوقِ لِأَنَّ زِيَادَةَ قُوَّةِ الْمَنْطُوقِ عَلَى الْمَفْهُومِ لَيْسَ إلَّا لِزِيَادَةِ دَلَالَتِهِ عَلَى الْمَعْنَى لِلُزُومِهِ لَهُ وَهَذَا الْمَفْهُومُ وَهُوَ انْتِفَاءُ حِلِّ مَا تَحْتَ الْإِزَارِ مُطْلَقًا، لِمَا كَانَ ثَابِتًا لِوُجُوبِ مُطَابَقَةِ الْجَوَابِ السُّؤَالَ لِدَلَالَةِ خِلَافِهَا عَلَى نُقْصَانٍ فِي الْغَرِيزَةِ أَوْ الْعَجْزِ أَوْ الْخَيْطِ كَانَ ثُبُوتُهُ وَاجِبًا مِنْ اللَّفْظِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَقْبَلُ تَخْصِيصًا وَلَا تَبْدِيلًا لِهَذَا الْعَارِضِ، وَالْمَنْطُوقُ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَنْطُوقٌ يَقْبَلُ ذَلِكَ فَلَمْ يَصِحَّ التَّرْجِيحُ فِي خُصُوصِ الْمَادَّةِ بِالْمَنْطُوقِيَّة وَلَا الْمَرْجُوحِيَّةِ بِالْمَفْهُومِيَّةِ، وَقَدْ «كَانَ فِعْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ذَلِكَ فَكَانَ لَا يُبَاشِرُ إحْدَاهُنَّ وَهِيَ حَائِضٌ حَتَّى يَأْمُرَهَا أَنْ تَأْتَزِرَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222] فَإِنْ كَانَ نَهْيًا عَنْ الْجِمَاعِ عَيْنًا فَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ تَثْبُتَ حُرْمَةٌ أُخْرَى فِي مَحَلٍّ آخَرَ بِالسُّنَّةِ، وَإِيَّاكَ أَنْ تَظُنَّ أَنَّ هَذِهِ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى النَّصِّ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ لِأَنَّ ذَاكَ تَقْيِيدُ مُطْلَقِهِ فَيَقَعُ مَوْقِعُ الْمُعَارِضِ فِي بَعْضِ مُتَنَاوِلَاتِهِ لَا شَرْعَ مَا لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ، وَلَوْ حُمِلَ عَلَى أَعَمَّ مِنْ ذَلِكَ كَانَ الْجِمَاعُ مِنْ أَفْرَادِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ لِتَنَاوُلِهِ حُرْمَةُ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا أَعْنِي الْجِمَاعَ وَغَيْرِهِ مِنْ الِاسْتِمْتَاعَاتِ، ثُمَّ يَظْهَرُ تَخْصِيصُ بَعْضِهَا بِالْحَدِيثِ الْمُفِيدِ لِحِلِّ مَا سِوَى مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فَيُبْقِي مَا بَيْنَهُمَا دَاخِلًا فِي عُمُومِ النَّهْيِ عَنْ قُرْبَانِهِ وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى هَذَا الِاعْتِبَارِ فِي ثُبُوتِ الْمَطْلُوبِ لِمَا بَيَّنَّا

(قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَقْرَأُ الْحَائِضُ وَلَا الْجُنُبُ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ» )

اسم الکتاب : فتح القدير المؤلف : الكمال بن الهمام    الجزء : 1  صفحة : 167
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست