اسم الکتاب : غاية الوصول في شرح لب الأصول المؤلف : الأنصاري، زكريا الجزء : 1 صفحة : 84
عن دليل. قلنا في ظن المخالف لا في نفس الأمر وليس لغيره اتباعه لأن المجتهد لا يقلد مجتهدا وذلك كخبر البخاري من رواية ابن عباس «من بدل دينه فاقتلوه» مع قوله إن صح عنه أن المرتدة لا تقتل، أما مذهب غير الراوي للعام بخلافه فلا يخصصه أيضا كما فهم بالأولى، وقيل يخصصه إن كان صحابيا. (و) الأصح أن (ذكر بعض أفراد العام) بحكم العام (لا يخصص) العام. وقيل يخصصه بمفهومه، إذ لا فائدة لذكره إلا ذلك. قلنا مفهوم اللقب ليس بحجة، وفائدة ذكر البعض نفي احتمال تخصيصه من العام مثاله خبر الترمذي «أيما إهاب دبغ فقد طهر» مع خبر مسلم أنه صلى الله عليه وسلّم مر بشاة ميتة فقال «هلا أخذتم إهابها فدبتغموه فانتفعتم به» فقالوا إنها ميتة. فقال «إنما حرم أكلها» .
(و) الأصح (أن العام لا يقصر على المعتاد) السابق ورود العام. (ولا على ما وراءه) أي المعتاد بل يجري العام على عمومه فيهما، وقيل يقصر على ذلك فالأول كأن كانت عادتهم تناول البر، ثم نهي عن لبيع الطعام بجنسه متفاضلاً فقيل يقصر الطعام على البر المعتاد، والثاني كأن كانت عادتهم بيع البر بالبر متفاضلاً، ثم نهى عن بيع الطعام بجنسه متفاضلاً فقيل يقصر الطعام على غير البر المعتاد والأصح لا فيهما. (و) الأصح (أن نحو) قول الصحابي إنه صلى الله عليه وسلّم (نهى عن بيع الغرر) كما رواه مسلم من رواية أبي هريرة. (لا يعم) كل غرر وقيل يعمه لأن قائله عدل عارف باللغة والمعنى، فلولا ظهور عموم الحكم مما قاله النبي صلى الله عليه وسلّم لم يأت هو في الحكاية له بلفظ عام كالغرر. قلنا ظهور عموم الحكم بحسب ظنه ولا يلزمنا اتباعه في ذلك، إذ يحتمل أن يكون النهي عن بيع الغرر بصفة يختص بها فتوهمه الراوي عاما وعدلت إلى نهي عن بيع الغرر عن قوله قضى بالشفعة للجار لقوله كغيره من المحدّثين هو لفظ لا يعرف.
(مسألة جواب السؤال غير المستقل دونه) أي دون السؤال كنعم وبلى وغيرهما مما لو ابتدىء به لم يفد (تابع له) أي للسؤال (في عمومه) وخصوصه، لأن السؤال معاد في الجواب، فالأول كخبر الترمذي وغيره أنهصلى الله عليه وسلّم سئل عن بيع الرطب بالتمر؟ فقال «أينقص الرطب إذا يبس» قالوا نعم. قال «فلا إذا» . فيعم كل بيع للرطب بالتمر صدر من السائل أو من غيره، والثاني كقوله تعالى {فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم} (والمستقل) دون السؤال ثلاثة أقسام أخص من السؤال ومساوٍ له وأعم. فـ (ـالأخص) منه (جائز إن أمكنت معرفة) الحكم (المسكوت عنه) منه كأن يقول النبي صلى الله عليه وسلّم «من جامع في نهار رمضان فعليه كفارة» . كالمظاهر في جواب من أفطر في نهار رمضان ماذا عليه فيفهم من قوله جامع أن الإفطار بغير جماع لا كفارة فيه، فإن لم يمكن معرفة المسكوت عنه من الجواب لم يجز لتأخير البيان عن وقت الحاجة. (والمساوي) له في العموم والخصوص (واضح) كأن يقال لمن قال ما على من جامع في نهار رمضان؟ من جامع في نهار رمضان فعليه كفارة كالظهار، وكأن يقال لمن قال جامعت في نهار رمضان ماذا عليّ؟ عليك إن جامعت في نهار رمضان كفارة كالظهار. والأعم منه مذكور في قولي (والأصح أن العام) الوارد (على سبب خاص) في سؤال أو غيره (معتبر عمومه) نظرا لظاهر اللفظ، وقيل مقصور على السبب لوروده فيه سواء أوجدت قرينة التعميم أم لا. فالأول كقوله تعالى {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} ، إذ سبب نزوله على ما قيل أن رجلاً سرق رداء صفوان بن أمية، فذكر السارقة قرينة على أنه لم يرد بالسارق ذلك الرجل فقط، والثاني كخبر الترمذي وغيره عن أبي سعيد الخدريّ قيل يا رسول الله أنتوضأ من بئر بضاعة وهي بئر يلقى فيها الحيض ولحوم الكلاب والنتن؟ فقال «إن الماء طهور لا ينجسه شيء» . أي مما ذكر وغيره، وقيل مما ذكر وهو ساكت عن غيره وقد تقوم قرينة على الاختصاص بالسبب
كالنهي عن قتل النساء، فإن سببه أنه عليه الصلاة والسلام رأى امرأة حربية في بعض مغازيه مقتولة، وذلك يدل على اختصاصه
اسم الکتاب : غاية الوصول في شرح لب الأصول المؤلف : الأنصاري، زكريا الجزء : 1 صفحة : 84