اسم الکتاب : غاية الوصول في شرح لب الأصول المؤلف : الأنصاري، زكريا الجزء : 1 صفحة : 110
ولخبر الصحيحين «خير أمتي قرني» وقيل هم كغيرهم فيبحث عن عدالتهم في ذلك إلا من كان ظاهر العدالة أو مقطوعها كالشيخين رضي الله عنهما، وقيل هم عدول إلى حين قتل عثمان رضي الله عنه فيبحث عن عدالتهم بعده لوقوع الفتن بينهم من حينئذ مع إمساك بعضهم عن خوضها. وقيل هم عدول إلا من قاتل عليا رضي الله عنه فهم فسقة لخروجهم على الإمام الحق وردّ بأنهم مجتهدون في قتالهم له فلا يأثمون وإن أخطأوا بل يؤجرون كما سيأتي على كل قول من طرأ له منهم قادح كسرقة أو زنا عمل بمقتضاه، لأنهم وإن كانوا عدولاً غير معصومين.
(مسألة المرسل) المشهور عند الأصوليين والفقهاء وبعض المحدثين. (مرفوع غير صحابي) تابعيا كان أو من بعده (إلى النبي) صلى الله عليه وسلّم مسقطا لواسطة بينه وبين النبي، وعند أكثر المحدّثين مرفوع تابعي إلى النبي، وعندهم المعضل ما سقط منه راويان فأكثر، والمنقطع ما سقط منه من غير الصحابة راوٍ وقيل ما سقط منه راوٍ فأكثر. (والأصح أنه لا يقبل) أي لا يحتج به للجهل بعدالة الساقط وإن كان صحابيا لاحتمال أن يكون ممن طرأ له قادح. (إلا إن كان مرسله من كبار التابعين) كقيس بن أبي حازم وأبي عثمان النهدي (وعضده كون مرسله لا يروي إلا عن عدل) كأن عرف ذلك من عادته كأبي سلمة بن عبد الرحمن يروي عن أبي هريرة (وهو) حينئذ (مسند) حكما لأن إسقاط العدل كذكره. (أو عضده قول صحابي أو فعله أو قول الأكثر) من العلماء لأصحابي فيهم. (أو مسند) سواء أسنده المرسل أم غيره (أو مرسل) أن يرسله آخر يروي عن غير شوخ الأوّل. (أو انتشار) له من غير نكير (أو قياس أو عمل) أهل (العصر) على وفقه (أو نحوها) ككون مرسله إذا شارك الحفاظ في أحاديث وافقهم فيها ولم يخالفهم إلا بنقص لفظ من ألفاظهم بحيث لا يختل به المعنى، فإن المرسل حينئذ يقبل لانتقاء المحذور، وقيل يقبل مطلقا لأن العدل لا يسقط الواسطة إلا وهو عدل عنده، وإلا كان ذلك تلبيسا قادحا فيه، وقيل لا مطلقا لما مر، وقيل يقبل إن كان المرسل من أئمة النقل كسعيد بن المسيب والشعبي، بخلاف من لم يكن منهم فقد يظن من ليس بعدل عدلاً فيسقطه لظنه.
(والمجموع) من المرسل وعاضده (حجة) لا مجرد المرسل ولا مجرد عاضده لضعف كل منهما منفردا، ولا يلزم من ذلك ضعف المجموع، لأنه يحصل من اجتماع الضعيفين قوة مفيدة للظن هذا (إن لم يحتجّ بالعاضد) وحده، (وإلا) بأن كان يحتج به كمسند صحيح (فـ) ـهما (دليلان) ، إذ العاضد حينئذ دليل برأسه والمرسل لما اعتضد به صار دليلاً آخر فيرجح بهما عند معارضة حديث واحد لهما والتقييد بكبار التابعين من زيادتي. (و) الأصح (أنه) أي المرسل بقيد زدته بقولي (باعتضاده) أي مع اعتضاده (بضعيف أضعف من المسند) المحتج به، وقيل أقوى منه لأن العدل لا يسقط إلا من يجزم بعدالته، بخلاف من يذكره فيحيل الأمر فيه على غيره. قلنا لا نسلم ذلك أما إذا اعتضد بصحيح، فلا يكون أضعف من مسند يعارضه بل هو أقوى منه، كما علم مما مر أما مرسل صغار التابعين كالزهري فباق على عدم قبوله مع عاضده لشدة ضعفه، وقيد القبول بكبار التابعين، لأن غالب رواياتهم عن الصحابة فيغلب على الظن أن الساقط صحابي، فإذا انضم إليه عاضد كان أقرب إلى القبول وعليه ينبغي ضبط الكبير بمن أكثر رواياته عن الصحابة والصغير بمن أكثر رواياته عن التابعين على أن ابن الصلاح والنووي لم يقيدا بالكبار وهو قوي، وهذا كله في مرسل غير صحابي كما عرفت، أما مرسله فمحكوم بصحته على المذهب لأن أكثر رواية الصحابة عن الصحابة وكلهم عدول كما مرّ. (فإن تجرد) هذا المرسل عن عاضد (ولا دليل) في الباب (سواه) ومدلوله المنع من شيء، (فالأصح) أنه يجب (الانكفاف) عن ذلك الشيء (لأجله) أي المرسل
اسم الکتاب : غاية الوصول في شرح لب الأصول المؤلف : الأنصاري، زكريا الجزء : 1 صفحة : 110