اسم الکتاب : علم أصول الفقه وخلاصة تاريخ التشريع - ط المدني المؤلف : عبد الوهاب خلاف الجزء : 1 صفحة : 193
العقد به من شروط وما لا يصح، وغير ذلك مما يقصد به أن تكون المعاملات فيها سد حاجة الناس من غير أن تثير الخصومات والأحقاد.
وفي التحسينيات لما شرط الطهارة ندب فيها عدة أشياء تكملها. ولما ندب إلى التطوع جعل الشروع فيه موجبا له، حتى لا يعتاد المكلف إبطال عمله الذي شرع فيه قبل أن يتمه. ولما ندب الإنفاق ندب أن يكون الإنفاق من طيب الكسب. فمن حقق النظر في أحكام الشريعة الإسلامية، يتبين أن المقصود من كل حكم شرع فيها حفظ ضروري للناس، أو حاجي لهم، أو تحسيني، أو مكمل لما حفظ واحدًا منها.
ترتيب الأحكام الشرعية بحسب المقصود منها:
مما قدمنا في بيان المراد من الضروري والحاجي، والتحسيني يتبين أن الضروريات أهم هذه المقاصد؛ لأنها يترتب على فقدها اختلال نظام الحياة، وشيوع الفوضى بين الناس وضياع مصالحهم، وتليها الحاجيات؛ لأنه يترتب على فقدها وقوع الناس في الحرج والعسر، واحتمال المشقات التي قد تنوء بهم؛ وتليها التحسينيات؛ لأنه لا يترتب على فقدها اختلال نظام الحياة ولا وقوع الناس في الحرج. ولكن يترتب على فقدها خروج الناس عن مقتضى الكمال الإنساني والمروءة، وما تستحسنه العقول السليمة.
فالأحكام الشرعية لحفظ الضروريات أهم الأحكام وأحقها بالمراعاة. وتليها الأحكام التي شرعت لتوفير الحاجيات. ثم الأحكام التي شرعت للتحسين والتجميل، وتعتبر الأحكام التي شرعت للتحسينيات كالمكملة التي شرعت للحاجيات. وتعتبر الأحكام التي شرعت للحاجيات كالمكلمة التي شرعت لحفظ الضروريات.
فلا يراعى حكم تحسيني إذا كان في مراعاته إخلال بحكم ضروري أو حاجي؛ لأن المكمل لا يراعى إذا كان في مراعاته إخلال بما هو مكمل له. ولذا أبيح كشف العورة إذا قتضى هذا علاج أو عملية جراحية؛ لأن ستر العورة تحسيني، والعلاج ضروري. وأبيح تناول النجس إذا كان دواء أو اضطر إليه؛ لأن الاحتراز عن النجاسات تحسيني؛ والمداواة، ودفع الضروريات ضروري. وكذلك
اسم الکتاب : علم أصول الفقه وخلاصة تاريخ التشريع - ط المدني المؤلف : عبد الوهاب خلاف الجزء : 1 صفحة : 193