اسم الکتاب : علم أصول الفقه وخلاصة تاريخ التشريع - ط المدني المؤلف : عبد الوهاب خلاف الجزء : 1 صفحة : 108
يكون النهي عن الفعل مقترنا بما يدل على أنه حتم مثل: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً} . أو يكون الأمر بالاجتناب مقترنا بذلك نحو {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} أو أن يترتب على الفعل عقوبة مثل {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} . فقد يستفاد التحريم من صيغة خبرية تدل عليه، أو من صيغة طلبية هي نهي، أو من صيغة طلبية هي أمر بالاجتناب، فالقرينة تعين أن الطلب للتحريم.
أقسامه:
المحرم قسمان: محرم أصالة لذاته: أي أنه فعل حكمه الشرعي التحريم من الابتداء، كالزنا والسرقة والصلاة بغير طهارة، وزواج إحدى المحارم مع العلم بالحرمة، وبيع الميتة. وغير ذلك مما حرم تحريمًا ذاتيًّا لما فيه من مفاسد ومضار، فالتحريم وارد ابتداء على ذات الفعل؛ ومحرم لعارض، أي أنه فعل حكمه الشعري ابتداء الوجوب أو الندب أو الإباحة ولكن اقترن به عارض جعله محرما كالصلاة في ثوب مغصوب، والبيع الذي فيه غش، والزواج المقصود به مجرد تحليل الزوجة لمطلقها ثلاثا، وصوم الوصال، والطلاق البدعي وغير ذلك لما عرض له التحريم لعارض، فليس التحريم لذات الفعل، ولكن لأمر خارجي، أي ذات الفعل لا مفسدة فيه ولا مضرة، ولكن عرض له، واقترن به ما جعل فيه مفسدة أو مضرة.
ومما يبنى على هذا التقسيم أن المحرم أصالة غير مشروع أصلا، فلا يصلح سببا شرعيا ولا تترتب أحكام شرعية عليه بل يكون باطلا. ولهذا كانت الصلاة بغير طهارة باطلة. وزواج إحدى المحارم مع العلم بالحرمة باطلا. وبيع الميتة باطلا. والباطل شرعا لا يترتب عليه حكم. وأما المحرم لعارض فهو في ذاته مشروع فيصلح سببا شرعيا وتترتب عليه آثاره؛ لأن التحريم عارض له وليس ذاتيا. ولهذا كانت الصلاة في ثوب مغصوب صحيحة مجزئة وهو آثم للغصب. والبيع الذي فيه غش صحيح. والطلاق البدعي واقع. والعلة في هذا أن التحريم لعارض لا يقع به خلل في أصل السبب، ولا في وصفه ما دامت أركانه وشروطه مستوفاة. وأما التحريم الذاتي فهو يجعل الخلل في أصل السبب ووصفه بفقد ركن أو شرط من أركانه، وشروطه فيخرج عن كونه مشروعا.
اسم الکتاب : علم أصول الفقه وخلاصة تاريخ التشريع - ط المدني المؤلف : عبد الوهاب خلاف الجزء : 1 صفحة : 108