responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح المعتمد في أصول الفقه المؤلف : محمد الحبش    الجزء : 1  صفحة : 96
/متن المنظومة/
فالحاكِمُ الفَصْلُ هُوَ التَّشْرِيْعُ ... وذاكَ بعدَ أَنْ أتَى الشَّفيعُ
واختَلفوا قبلَ مجيءِ المُصطَفى ... فقيلَ لا حاكِمَ مُطلقاً وَفَىْ
أمَّا الذينَ اعتَزَلوا فأكَّدُوا ... بأنَّهُ العقلُ كما قَدْ فندُوا
وسَبَبُ الخلافِ أمرُ الحُسْنِ ... والقبحِ في العقلِ فَدعْكَ مِنِّيْ
-560- ولا خلاف بين الأصوليين فيما قدمناه، من أن الحاكم الحق هو الشارع العظيم سبحانه وتعالى، فيجب على العباد اتباع أمره وإرادته كما بينها المصطفى (بعد بعثته.
-561-562- وقع الخلاف بين الأصوليين في معرفة الحاكم الذي يلزم اتباعه شرعاً قبل بعثة النبي (على قولين:
الأول: إنه لا يوجد تكليف بدون مجيء الأنبياء، لتعذر معرفة حكم الله سبحانه بدون هدى من الأنبياء، وقوله: (لا حاكم مطلقاً وفى) أي وافى بمعنى جاء. وهذا هو قول أهل السنة والجماعة.
الثاني: الحاكم الحق هو الله عز وجل، وإرادته إما أن يبديها الكتاب بعد النبوة، أو العقل قبل مجيء الأنبياء. إذ العقل أهل لفهم مراد الله وأمره. وهذا هو قول المعتزلة.
وقوله: (كما قد فندوا) إشارة إلى أن دعوى المعتزلة هنا تفنيد وادعاء لا دليل عليها.
-563- أشار إلى أن الخلاف المتقدم سببه اختلافهم في مسألة: هل الحسن والقبح أمر عقلي أم شرعي
وقوله: (فدعك مني) أشار إلى أن هذه المنظومة في أصول الفقه ليست محلاً للاختلاف في هذه المسألة، بل يجب إحالتها إلى كتب العقائد.

/متن المنظومة/
وهَل يحاسبُ أهالي الفَتْرةِ ... فيهِ خلافٌ هائِلٌ فأثْبِتِ
فالأشعريونَ نفوا تكليْفَهُمْ ... فَهُمْ سواءٌ محسنٌ مسيئُهُمْ
والحُسْنُ والقبحُ مِنَ الشَّرْع عُرِفْ ... وليس بالعقلِ كما بِذَا وُصِفْ
وخالَفَ الجماعة المُعتزلَةْ ... ونُقِلَتْ مِنْهُمْ إِلينا المَسْأَلَةْ
فأوجَبوا تكليفَ كُلِّ عاقِلِ ... حتماً ولَوْ لَمْ يأتهِمْ مِنْ مُرْسَلِ
والحُسن والقبحُ مِنَ العَقْلِ عُرِفْ ... فالشَّرعُ تابعٌ لَهُ ومكتَشِفْ
-564-565-566- وقع الخلاف بين المسلمين في حكم أهل الفترة، هل يحاسبون أم لا، وهم الذين لم يرسل إليهم نبي يبين لهم مراد الله، وأجمل الناظم الخلاف على ثلاثة أقوال:
الأول: قول الأشعريين نسبة إلى الإمام أبي الحسن الأشعري، وهو الذي بَيَّن عقائد أهل السنة والجماعة، وميزها من عقائد المخالفين.
واختار الأشعريون (الذين هم أكثر أهل السنة والجماعة) أن أهل الفترة غير محاسبين ولا مكلفين، ويستوي في ذلك محسنهم ومسيئهم، إذ لا سبيل للعقل إلى معرفة الحسن والقبح، إذ إن معرفة ذلك لا تتم إلا عن طريق الشرع وحده دون سواه.
-567-568-569- القول الثاني: هو قول المعتزلة حيث نقل عنهم أن الناس مكلفين بالعقل وحده، ولو لم يأتهم رسول، إذ العقل وحده قادر على اكتشاف إرادة الحاكم سبحانه وتعالى وتمييز الحسن من القبيح. وتأولوا قول الله عز وجل: {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً} الإسراء (15) بأن الرسول هنا هو العقل.

/متن المنظومة/
والماتريديونَ جَاؤوا في الوَسَطْ ... فأوجَبُوا معرفَةَ اللهِ فَقَطْ
وما سوى ذاكَ مِنَ التكليفِ ... نَفَوْهُ عَنْهُمْ.. رحمةَ اللَّطيفِ
وليسَ حُسْنُ الفِعْلِ مارآهُ ... عَقْلٌ.. ولَكِنْ ما أرادَ اللهُ
وهكذَا فكُلُّهمْ قَدْ أَجْمَعُوا ... تكليفَ مَنْ تبلُغُهُ ويَسْمَعُ
واختلفوا في كُلِّ مَنْ لم تَتَّصِلْ ... بهم، نجاةً أَوْ هلاكاً مُتَّصِلْ
-570-571-572- القول الثالث: وهو قول الماتريدي، وهم بعض الحنفية والحنابلة من أهل السنة والجماعة خالفوا الأشاعرة في مسائل طفيفة كانت هذه واحدة منها.
فقال الماتريديون: إن الإنسان مكلف بالإيمان بالله، فإن كفر أو أشرك فإنه محاسب مسؤول، سواء جاءه نذير أو لم يأته نذير، إذ الإيمان لا يختلف في حسنه عقل ولا شرع.
أما ما سوى ذلك من التكاليف الشرعية فقد وافقوا الأشاعرة في أن العباد غير مكلفين بها إلا عن طريق الأنبياء، وبذلك فإنهم يوافقون الأشاعرة في أن الحسن والقبح شرعيان لا عقليان ويستثنون مسألة الإيمان فقط من هذه القاعدة.
-573-574- وهكذا فإنهم أجمعوا على أن من بلغتهم الدعوة مكلفون بها محاسبون عليها، واختلفوا في من لم تصلهم هل يحكم بهم للنجاة أم للهلاك على التفصيل الذي قدمناه.

/متن المنظومة/
والحاكِمُ الحقُّ هُوَ الإِلَهُ ... فاحكُمْ بِهِمْ كما أرادَ اللهُ
وربَّما يَظْهَرُ في القرآنِ ... أو في كلامِ السَّيِّدِ العَدْنَانِ
أو في اجتهادِ العُلماء بَعْدَهُ ... فكلُّهم يبيِّنونَ قَصْدَهُ
وجاءَ في قُرآنِنَا مُفصَّلاً ... أجْمَلَهُ الرَّحمنُ ثُمَّ فَصَّلاْ
وجائِزُ إطلاقُهُ أيضاً على ... مَنْ أظهرَ الأَحكامَ أو مَنْ فَصَّلاْ
-555- الحاكم بمعنى واضع الأحكام ومنشئها وهو الله عز وجل، لا يخالف أحد من أهل الملة في ذلك، وقد أُمر النبي (صراحاً بذلك في قول الله عز وجل: {وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم} المائدة (49)
-556- وإن مظهر إرادة الحاكم سبحانه وتعالى يُعرف في صريح القرآن الكريم الذي هو كلام الله عز وجل، ويعرف كذلك من خلال سنَّة النبي (التي هي بيان لوحي إلهي غير متلو أنزله الله عز وجل على قلب نبيه (.
-557- كذلك فإن اجتهاد العلماء سواء كان إجماعاً أم قياساً ما هو إلا جهد يبذلونه في سبيل الكشف والبيان عن إرادة الله سبحانه وتعالى الذي هو في النهاية الحاكم الحقيقي في الإسلام.
-558- أراد أن البيان الإلهي للأحكام جاء مفصلاً في القرآن الكريم، أو مجملاً في القرآن مفصلاً في السنَّة.
-559- ويطلق الحاكم ويراد به أيضاً من أدرك الأحكام وفصلها وكشف عنها.

/متن المنظومة/
كذاكَ إِنَّ العقلَ هَلْ يعتَبَرُ ... مِنْ أُسُسِ التَّشْريعِ أَصْلاً؟.. نظروا
جعلَهُ كذلِكَ المُعْتَزِلَةْ ... رَفضَهُ أهلُ النُّهى والمَسْأَلَةْ
-575-576- ووقع الخلاف كذلك في مسألة اعتبار العقل وحده مصدراً من مصادر الشريعة؟
قال المعتزلة وعليه الشيعة أيضاً: بأن العقل يعتبر مصدراً من مصادر التشريع.
بينما اختار أهل السنة والجماعة أن العقل لا ينهض مستقلاً كمصدر من مصادر التشريع.
ونشير هنا إلى أن هذه المباحث جاءت مختصرة في النظم لكونها من مباحث العقيدة أصلاً لا من مباحث علم الأصول.

اسم الکتاب : شرح المعتمد في أصول الفقه المؤلف : محمد الحبش    الجزء : 1  صفحة : 96
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست