اسم الکتاب : شرح المعتمد في أصول الفقه المؤلف : محمد الحبش الجزء : 1 صفحة : 52
/متن المنظومة/
وعرَّفوا القياسَ اصْطلاحاً ... فاحفظْهُ عني تبلغِ النَّجَاحَاْ
فرعٌ يساوِي أصلَهُ في العِلَّة ... أي حكمهِ، فالحكمُ فيهِ مِثْلَهْ
أركانُهُ أربعَةُ في العَقْلِ ... أصلٌ وفرعٌ ثم حكمُ الأصلِ
رابعُها العِلَّةُ في الإطارِ ... مثالُهُ النَبيذُ في الإسكارِ
-233 و 234- أشار الناظم إلى تعريف القياس لدى ابن الحاجب في مختصره ونصه: (مساواة فرع لأصل في علة حكمه) . وهو في تعريف آخر (إلحاق فرع بأصله في الحكم لجامع العلة بينهما)
فالشارع الكريم بين عدداً من الأحكام بالنص صراحة، ولكن النصوص متناهية، والحوادث غير متناهية، وما يتناهى لا يضبط ما لا يتناهى، فلا بد من الاجتهاد، والقياس أظهر أبواب الاجتهاد، فيبحث الفقيه عن العلة التي حرم من أجلها الشارع الحرام، ويقيس الأمور عليها.
مثال ذلك: نص الشارع صراحة على تحريم الخمر، وعلة التحريم بلا ريب الإسكار، فكل ما تحقق فيه الإسكار كان حراماً.
-235 و 236- شرع الناظم يعدد أركان القياس فقال: هي أربعة: الأصلُ الذي نقيس عليه، والفرعُ الذي نقيسُ لأجله، وحكم الأصل: إذ لا بد أن يكون الأصل الذي نقيس عليه قد بين الشارع حكمه صراحة، والرابع هو وجود علة مشتركة بين الأصل والفرع ليكون حكم المسألتين واحداً في الإطار ذاته. ثم أورد الناظم مثالا لذلك: النبيذ، فرع عن الخمر بعلة الإسكار فيهما، فحكمهما واحد، وقد سبق بيانه.
/متن المنظومة/
دليلُه من الكتاب قولُهُ ... فاعتبروا.. عن شافعيٍ نقلُهُ
وخُذْ مِنَ السُّنَّةِ قولَ ابنِ جَبَلْ ... كذا النبيُّ حيَن قاسَ في القُبَلْ
-237- أخبر بأن الإمام الشافعي استدل على القياس بقول الله عز وجل: فاعتبروا يا أولي الأبصار. فقال: الاعتبار قياس الشيء بالشيء لجامع العلة بينهما.
-238- واستدل من السنة بحديث معاذ بن جبل رضي الله عنه، لما بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن، (فقال له: كيف تقضي إن عرض لك قضاء؟ قال بكتاب الله، قال: فإن لم تجد؟ قال: فبسنة رسول الله، قال: فإن لم تجد؟ قال: أجتهد رأيي ولا آلو) . وفي رواية قال: (أقيس الأمر بالأمر، فما كان أقرب إلى الحق عملت به، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أصبت) - أخرجه أحمد وأبو داوود والترمذي.
وكذلك استدل الناظم بخبر عمر رضي الله عنه كما رواه أبو داوود، وهو أن عمر سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن القبلة هل تفطر الصائم؟ قال أرأيت إن تمضمضت، أكنت تفطر؟ قال: لا. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: فمه؟) يريد ما الفارق؟..
واستدل كذلك بتداول الصحابة الكرام في مسألة عقوبة الشارب، فقد قضى علي بن أبي طالب كرم الله وجهه بثمانين جلده على شارب الخمر، قياساً على عقوبة القذف، وقال: إن شارب الخمر إذا سكر هذى، وإذا هذى افترى، وعقوبة المفتري ثمانون جلدة
/متن المنظومة/
وغيرها عَنْ مائَةٍ تَزيدُ ... مثالُ ذاكَ الأسودُ الوَليدُ
وثبتَ القِياسُ بالإجماعِ ... فعَلَهُ الصِّديقُ للأتباعِ
وحكمه يفيد ظنَّ الحكْمِ ... فاحكُمْ بِهِ ولا تَخُضْ بالوهمِ
-239- وهناك أخبار كثيرة تزيد عن مائة يمكن أن تجد فيها تعامل النبي - صلى الله عليه وسلم - والصحابة من بعده، على أساس القياس.
وأورد من الأمثلة على ذلك حديث أبي هريرة الذي أخرجه البخاري، ونصه: أن رجلا من فزارة أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن امرأتي ولدت غلاماً أسود، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: هل لك من إبل؟ قال نعم. قال: ما ألوانها؟ قال: حمر، قال فهل فيها من أورق؟ قال: إن فيها لورقاً، قال: فأنَّى أتاها ذلك؟ قال: عسى أن يكون نزعه عرق، قال: وهذا عسى أن يكون نزعه عرق.
-240- ولا خلاف أن الصحب الكرام أخذوا بالقياس في المسائل ولم ينكر بعضهم على بعض ذلك، حتى قال ابن عقيل الحنبلي: (وقد نقل التواتر المعنوي عن الصحابة في استعمال القياس)
وأورد حديث الصديق رضي الله عنه حين أفتى في الكلالة وقال: أقول فيه برأيي، فإن يكن صواباً فمن الله، وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان، الكلالة ما عدا الوالد والولد.
-241 أشار إلى أن القياس دليل ظني، وقال: إن الظن حجة يعمل بها طالما لم يتوفر اليقين
اسم الکتاب : شرح المعتمد في أصول الفقه المؤلف : محمد الحبش الجزء : 1 صفحة : 52