responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح التلويح على التوضيح المؤلف : التفتازاني    الجزء : 1  صفحة : 7
مُنْقَعِرٍ (مِنْ مَحَامِدَ لِأُصُولِهَا مِنْ شَارِعِ الشَّرْعِ مَاءً وَلِفُرُوعِهَا مِنْ قَبُولِ الْقَبُولِ نَمَاءً) الْقَبُولُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQاُسْتُعِيرَ لِلتَّوَجُّهِ إلَى الْعَالِي قَدْرًا وَمَرْتَبَةً وَالْكَلِمُ مِنْ الْكَلِمَةِ بِمَنْزِلَةِ التَّمْرِ مِنْ التَّمْرَةِ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْجِنْسِيِّ وَوَاحِدِهِ بِالتَّاءِ، وَاللَّفْظُ مُفْرَدٌ إلَّا أَنَّهُ كَثِيرًا مَا يُسَمَّى جَمْعًا نَظَرًا إلَى الْمَعْنَى الْجِنْسِيِّ وَلِاعْتِبَارِ جَانِبَيْ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى يَجُوزُ فِي وَصْفِهِ التَّذْكِيرُ وَالتَّأْنِيثُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ} [القمر: 20] أَيْ مُنْقَطِعٍ عَنْ مَغَارِسِهِ سَاقِطٍ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَقَالَ {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} [الحاقة: 7] أَيْ مُتَآكِلَةِ الْأَجْوَافِ، ثُمَّ الْكَلِمُ غُلِّبَ عَلَى الْكَثِيرِ لَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْوَاحِدِ أَلْبَتَّةَ حَتَّى تَوَهَّمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهَا جَمْعُ كَلِمَةٍ وَلَيْسَ عَلَى حَدِّ تَمْرٍ وَتَمْرَةٍ إلَّا أَنَّ الْكَلِمَ الطَّيِّبَ بِتَذْكِيرِ الْوَصْفِ يَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مَعَ أَنَّ " فَعِلًا " لَيْسَ مِنْ أَبْنِيَةِ الْجَمْعِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُشَكَّ فِي أَنَّهُ اسْمُ جَمْعٍ كَتَمْرٍ وَرَكْبٍ وَأَنَّهُ لَيْسَ بِجَمْعٍ كَنِسَبٍ وَرُتَبٍ فَفِي قَوْلِهِ وَالْكَلِمُ إنْ كَانَ جَمْعًا حَرَازَةٌ لَا تَخْفَى وَالصَّوَابُ، وَإِنْ كَانَ بِالْوَاوِ.
قَوْلُهُ (مِنْ مَحَامِدَ) حَالٌ مِنْ الْكَلِمِ بَيَانًا لَهُ عَلَى مَا قَالَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - هُوَ «سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ، إذَا قَالَهَا الْعَبْدُ عَرَجَ بِهَا الْمَلَكُ إلَى السَّمَاءِ فَحَيَّا بِهَا وَجْهَ الرَّحْمَنِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ لَمْ يُقْبَلْ» ، وَإِنَّمَا صَلُحَ الْجَمْعُ الْمُنَكَّرُ بَيَانًا لِلْمُعَرَّفِ الْمُسْتَغْرَقِ لِمَا سَيَجِيءُ مِنْ أَنَّ النَّكِرَةَ تَعُمُّ بِالْوَصْفِ كَامْرَأَةٍ كُوفِيَّةٍ، وَلِأَنَّ التَّنْكِيرَ هَاهُنَا لِلتَّكْثِيرِ، وَهُوَ يُنَاسِبُ التَّعْمِيمَ.
وَالْمَحَامِدُ جَمْعُ مَحْمَدَةٍ بِمَعْنَى الْحَمْدِ، وَهُوَ مُقَابَلَةُ الْجَمِيلِ مِنْ نِعْمَةٍ أَوْ غَيْرِهَا بِالثَّنَاءِ وَالتَّعْظِيمِ بِاللِّسَانِ. وَالشُّكْرُ مُقَابَلَةُ النِّعْمَةِ بِالْإِظْهَارِ وَتَعْظِيمُ الْمُنْعِمِ قَوْلًا أَوْ عَمَلًا أَوْ اعْتِقَادًا فَلِاخْتِصَاصِ الْحَمْدِ بِاللِّسَانِ كَانَ بَيَانُ الْكَلِمِ بِهَا أَنْسَبَ وَالْمَشَارِعُ جَمْعُ مَشْرَعَةِ الْمَاءِ وَهِيَ مَوْرِدُ الشَّارِبَةِ وَالشَّرْعُ وَالشَّرِيعَةُ مَا شَرَعَ اللَّهُ تَعَالَى لِعِبَادِهِ مِنْ الدِّينِ أَيْ أَظْهَرَ وَبَيَّنَ وَحَاصِلُهُ الطَّرِيقَةُ الْمَعْهُودَةُ الثَّابِتَةُ مِنْ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - جَعَلَهَا عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِعَارَةِ الْمَكْنِيَّةِ بِمَنْزِلَةِ رَوْضَاتٍ وَجَنَّاتٍ فَأَثْبَتَ لَهَا مَشَارِعَ يَرِدُهَا الْمُتَعَطِّشُونَ إلَى زُلَالِ الرَّحْمَةِ وَالرِّضْوَانِ وَبِهَذَا الطَّرِيقِ أَثْبَتَ لِقَبُولِ الْعِبَادَةِ الَّذِي هُوَ مَهَبُّ أَلْطَافِ الرَّحْمَنِ وَمَطْلَعُ أَنْوَارِ الْغُفْرَانِ رِيحَ الصَّبَا الَّتِي بِهَا رُوحُ الْأَبْدَانِ وَنَمَاءُ الْأَغْصَانِ فَإِنَّ الْقَبُولَ الْأَوَّلَ رِيحُ الصَّبَا وَمَهَبُّهَا الْمُسْتَوِي مَطْلَعُ الشَّمْسِ إذَا اسْتَوَى اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَيُقَابِلُهَا الدَّبُورُ وَالْعَرَبُ تَزْعُمُ أَنَّ الدَّبُورَ تُزْعِجُ السَّحَابَ وَتُشَخِّصُهُ فِي الْهَوَاءِ، ثُمَّ تَسُوقُهُ فَإِذَا عَلَا كُشِفَ عَنْهُ وَاسْتَقْبَلَتْهُ الصَّبَا فَوَزَّعَتْ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ حَتَّى يَصِيرَ كِسَفًا وَاحِدًا، ثُمَّ يَنْزِلُ مَطَرًا تَنْمِي بِهِ الْأَشْجَارُ وَالْقَبُولُ الثَّانِي مِنْ الْمَصَادِرِ الشَّاذَّةِ لَمْ يُسْمَعْ لَهُ ثَانٍ وَالنَّمَاءُ الزِّيَادَةُ وَالِارْتِفَاعُ نَمَا يَنْمِي نَمَاءً وَنَمَا يَنْمُو نُمُوًّا وَحَقِيقَةُ النُّمُوِّ الزِّيَادَةُ فِي أَقْطَارِ الْجِسْمِ عَلَى تَنَاسُبٍ طَبِيعِيٍّ، ثُمَّ فِي وَصْفِ الْمَحَامِدِ بِمَا ذَكَرَ تَلْمِيحٌ إلَى قَوْله تَعَالَى {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ} [إبراهيم: 24] فَإِنَّ الْمَحَامِدَ لَمَّا كَانَتْ هِيَ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ فَالْمَحْمَدَةُ

اسم الکتاب : شرح التلويح على التوضيح المؤلف : التفتازاني    الجزء : 1  صفحة : 7
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست