responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح التلويح على التوضيح المؤلف : التفتازاني    الجزء : 1  صفحة : 44
وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّ الشَّيْءَ الْوَاحِدَ يَكُونُ لَهُ أَعْرَاضٌ مُتَنَوِّعَةٌ فَإِنَّ الْوَاحِدَ الْحَقِيقِيَّ يُوصَفُ بِصِفَاتٍ كَثِيرَةٍ، وَلَا يَضُرُّ أَنْ يَكُونَ بَعْضُهَا حَقِيقَةً وَبَعْضُهَا إضَافِيَّةً وَبَعْضُهَا سَلْبِيَّةً، وَلَا شَيْءَ مِنْهَا يَلْحَقُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ حَيْثُ الطَّبِيعِيَّةُ وَالْحَيْثِيَّةُ فِيهِمَا بَيَانُ الْأَعْرَاضِ الذَّاتِيَّةِ الْمَبْحُوثِ عَنْهَا لِأَجْزَاءِ الْمَوْضُوعِ وَإِلَّا لَمَا وَقَعَ الْبَحْثُ عَنْهَا فِي الْعِلْمَيْنِ فَمَوْضُوعُ كُلٍّ مِنْهُمَا أَجْسَامُ الْعَالَمِ عَلَى الْإِطْلَاقِ إلَّا أَنَّ الْبَحْثَ فِي الْهَيْئَةِ عَنْ أَشْكَالِهَا، وَفِي السَّمَاءِ وَالْعَالَمِ عَنْ طَبَائِعِهَا فَهُمَا عِلْمَانِ مُخْتَلِفَانِ بِاخْتِلَافِ مَحْمُولَاتِ الْمَسَائِلِ مَعَ اتِّحَادِ الْمَوْضُوعِ وَعِلْمُ السَّمَاءِ وَالْعَالَمِ عِلْمٌ تُعْرَفُ فِيهِ أَحْوَالُ الْأَجْسَامِ الَّتِي هِيَ أَرْكَانُ الْعَالَمِ وَهِيَ السَّمَاوَاتُ وَمَا فِيهَا وَالْعَنَاصِرُ الْأَرْبَعَةُ وَطَبَائِعُهَا وَحَرَكَاتُهَا وَمَوَاضِعُهَا وَتَعْرِيفُ الْحِكْمَةِ فِي صُنْعِهَا وَتَنْضِيدِهَا، وَهُوَ مِنْ أَقْسَامِ الْعِلْمِ الطَّبِيعِيِّ الْبَاحِثِ عَنْ أَحْوَالِ الْأَجْسَامِ مِنْ حَيْثُ التَّغَيُّرُ وَمَوْضُوعُهُ الْجِسْمُ الْمَحْسُوسُ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَعْرُوضٌ لِلتَّغَيُّرِ فِي الْأَحْوَالِ وَالثَّبَاتِ فِيهَا وَيَبْحَثُ فِيهِ عَمَّا يَعْرِضُ لَهُ مِنْ حَيْثُ هُوَ كَذَلِكَ كَذَا ذَكَرَهُ أَبُو عَلِيٍّ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْحَيْثِيَّةَ فِي الطَّبِيعِيِّ مَبْحُوثٌ عَنْهَا وَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّهَا قَيْدٌ لِلْعُرُوضِ وَهَاهُنَا نَظَرٌ، أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا ذَكَرَ مِنْ كَوْنِ الْحَيْثِيَّةِ تَارَةً جُزْءًا مِنْ الْمَوْضُوعِ وَأُخْرَى بَيَانًا لِلْمَبْحُوثِ عَنْهَا وَقَدْ عَرَفْت مَا فِيهِ، أَمَّا ثَانِيًا فَإِنَّهُمْ لَمَّا حَاوَلُوا مَعْرِفَةَ أَحْوَالِ الْأَعْيَانِ الْمَوْجُودَاتِ وَضَعُوا الْحَقَائِقَ أَنْوَاعًا وَأَجْنَاسًا وَبَحَثُوا عَمَّا أَحَاطُوا بِهِ مِنْ أَعْرَاضِهِ الذَّاتِيَّةِ فَحَصَلَتْ لَهُمْ مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ مُتَّحِدَةٌ فِي كَوْنِهَا بَحْثًا عَنْ أَحْوَالِ ذَلِكَ الْمَوْضُوعِ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مَحْمُولَاتُهَا فَجَعَلُوهَا بِهَذَا الِاعْتِبَارِ عِلْمًا وَاحِدَا يُفْرَدُ بِالتَّدْوِينِ وَالتَّسْمِيَةِ وَجَوَّزُوا لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يُضِيفَ إلَيْهِ مَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ مِنْ أَحْوَالِ ذَلِكَ الْمَوْضُوعِ فَإِنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْعِلْمِ هُوَ الْبَحْثُ عَنْ جَمِيعِ مَا تُحِيطُ بِهِ الطَّاقَةُ الْإِنْسَانِيَّةُ مِنْ الْأَعْرَاضِ الذَّاتِيَّةِ لِلْمَوْضُوعِ فَلَا مَعْنَى لِلْعِلْمِ الْوَاحِدِ إلَّا أَنْ يُوضَعَ شَيْءٌ أَوْ أَشْيَاءُ مُتَنَاسِبَةٌ فَنَبْحَثَ عَنْ جَمِيعِ عَوَارِضِهِ الذَّاتِيَّةِ وَنَطْلُبَهَا وَلَا مَعْنَى لِتَمَايُزِ الْعُلُومِ إلَّا أَنَّ هَذَا يَنْظُرُ فِي أَحْوَالِ شَيْءٍ وَذَاكَ فِي أَحْوَالِ شَيْءٍ آخَرَ مُغَايِرٍ لَهُ بِالذَّاتِ أَوْ بِالِاعْتِبَارِ بِأَنْ يُؤْخَذَ فِي أَحَدِ الْعِلْمَيْنِ مُطْلَقًا، وَفِي الْآخَرِ بِالْبُرْهَانِ مُقَيَّدًا أَوْ يُؤْخَذَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مُقَيَّدًا بِقَيْدٍ آخَرَ وَتِلْكَ الْأَحْوَالُ مَجْهُولَةٌ مَطْلُوبَةٌ وَالْمَوْضُوعُ مَعْلُومٌ بَيْنَ الْوُجُودِ فَهُوَ الصَّالِحُ سَبَبًا لِلتَّمَايُزِ.
وَأَمَّا ثَالِثًا فَلِأَنَّهُ مَا مِنْ عِلْمٍ إلَّا وَيَشْتَمِلُ مَوْضُوعُهُ عَلَى أَعْرَاضٍ ذَاتِيَّةٍ مُتَنَوِّعَةٍ فَلِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَجْعَلَهُ عُلُومًا مُتَعَدِّدَةً بِهَذَا الِاعْتِبَارِ مَثَلًا يَجْعَلُ الْبَحْثَ عَنْ فِعْلِ الْمُكَلَّفِ مِنْ حَيْثُ الْوُجُوبُ عِلْمًا وَمِنْ حَيْثُ الْحُرْمَةُ عِلْمًا آخَرَ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَيَكُونُ الْفِقْهُ عُلُومًا مُتَعَدِّدَةً مَوْضُوعُهَا فِعْلُ الْمُكَلَّفِ فَلَا يَنْضَبِطُ الِاتِّحَادُ وَالِاخْتِلَافُ وَتَحْقِيقُ هَذِهِ الْمَبَاحِثِ فِي كِتَابِ الْبُرْهَانِ مِنْ مَنْطِقِ الشِّفَاءِ.
قَوْلُهُ، (وَإِنَّمَا قُلْنَا) اسْتَدَلَّ عَلَى

اسم الکتاب : شرح التلويح على التوضيح المؤلف : التفتازاني    الجزء : 1  صفحة : 44
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست