responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح التلويح على التوضيح المؤلف : التفتازاني    الجزء : 1  صفحة : 399
إلَى آخِرِهِ فَاسْتَقَرَّتْ السَّبَبِيَّةُ عَلَيْهِ فِي حَقِّ الْقَضَاءِ حَتَّى يَجِبَ الْقَضَاءُ نَاقِصًا فِي الْعَصْرِ فَيَجُوزُ الْقَضَاءُ فِي وَقْتِ الْغُرُوبِ بَلْ نَقُولُ الْكُلُّ سَبَبٌ لِلْقَضَاءِ فَيَجِبُ كَامِلًا.
(ثُمَّ وُجُوبُ الْأَدَاءِ يَثْبُتُ آخِرَ الْوَقْتِ إذْ هُنَا تَوَجَّهَ الْخِطَابُ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّهُ الْآنَ يَأْثَمُ بِالتَّرْكِ لَا قَبْلَهُ حَتَّى إذَا مَاتَ فِي الْوَقْتِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَمِنْ حُكْمِ هَذَا الْقِسْمِ أَنَّ الْوَقْتَ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مُتَعَيَّنًا شَرْعًا، وَالِاخْتِيَارُ فِي الْأَدَاءِ إلَى الْعَبْدِ لَمْ يَتَعَيَّنْ بِتَعْيِينِهِ نَصًّا إذْ لَيْسَ لَهُ، وَضْعُ الشَّرَائِعِ، وَإِنَّمَا لَهُ الِارْتِفَاقُ فِعْلًا فَيَتَعَيَّنُ فِعْلًا كَالْخِيَارِ فِي الْكَفَّارَاتِ، وَمِنْهُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْوَقْتُ مُتَّسِعًا شُرِعَ فِيهِ غَيْرُ هَذَا الْوَاجِبِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ النِّيَّةِ، وَلَا يَسْقُطُ التَّعْيِينُ إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ بِحَيْثُ لَا يَسَعُ إلَّا لِهَذَا الْوَاجِبِ) هَذَا جَوَابُ إشْكَالٍ، وَهُوَ أَنَّ التَّعْيِينَ إنَّمَا وَجَبَ لِاتِّسَاعِ الْوَقْتِ فَإِذَا ضَاقَ الْوَقْتُ يَنْبَغِي أَنْ يَسْقُطَ التَّعْيِينُ فَقَالَ.
(لِأَنَّ مَا ثَبَتَ حُكْمًا أَصْلِيًّا) وَهُوَ وُجُوبُ التَّعْيِينِ بِالنِّيَّةِ، وَقَوْلُهُ حُكْمًا مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ (بِنَاءً عَلَى سَعَةِ الْوَقْتِ لَا يَسْقُطُ بِالْعِوَاضِ وَتَقْصِيرِ الْعِبَادِ) .

(وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي) وَهُوَ أَنْ يَكُونَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْكَمَالِ؛ لِأَنَّ نُقْصَانَ الْوَقْتِ لَيْسَ بِاعْتِبَارِ ذَاتِهِ بَلْ بِاعْتِبَارِ كَوْنِ الْعِبَادَةِ فِيهِ تَشَبُّهًا بِالْكَفَرَةِ، فَإِذَا مَضَى خَالِيًا عَنْ الْفِعْلِ زَالَتْ مُخْلِيَتُهُ، وَبَقِيَتْ سَبَبِيَّتُهُ فَكَانَ الْوُجُوبُ ثَابِتًا بِسَبَبٍ كَامِلٍ، وَلِهَذَا يَجِبُ الْقَضَاءُ كَامِلًا عَلَى مَنْ صَارَ أَهْلًا فِي آخِرِ الْعَصْرِ كَذَا ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْأَجْزَاءَ الصَّحِيحَةَ أَكْثَرُ فَيَجِبُ الْقَضَاءُ كَامِلًا تَرْجِيحًا لِلْأَكْثَرِ الصَّحِيحِ عَلَى الْأَقَلِّ الْفَاسِدِ.
(قَوْلُهُ ثُمَّ وُجُوبُ الْأَدَاءِ يَثْبُتُ آخِرَ الْوَقْتِ) ، وَهُوَ مَا إذَا تَضَيَّقَ عَلَيْهِ الْوَاجِبُ بِحَيْثُ لَا يَفْضُلُ عَنْهُ جُزْءٌ مِنْ الْوَقْتِ إذْ يَأْثَمُ بِالتَّأْخِيرِ عَنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ لَا يُقَالُ فَالْمُؤَدَّى فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ لَا يَكُونُ إتْيَانًا بِالْأَدَاءِ الْوَاجِبِ وَبِالْمَأْمُورِ بِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ بَعْدَ الشُّرُوعِ يَجِبُ الْأَدَاءُ، وَيُتَوَجَّهُ الْخِطَابُ عَلَى مَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ وَمِنْ حُكْمِ هَذَا الْقِسْمِ) وَهُوَ مَا يَكُونُ الْوَقْتُ فَاضِلًا عَنْ الْوَاجِبِ، وَيُسَمَّى الْوَاجِبَ، الْمُوَسَّعَ أَنْ لَا يَتَعَيَّنَ بَعْضُ أَجْزَاءِ الْوَقْتِ بِتَعْيِينِ الْعَبْدِ نَصًّا بِأَنْ يَقُولَ عَيَّنْت هَذَا الْجُزْءَ لِلسَّبَبِيَّةِ وَلَا قَصْدًا بِأَنْ يَنْوِيَ ذَلِكَ، وَهَذَا يُعْلَمُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَذَلِكَ لِأَنَّ تَعْيِينَ الْأَسْبَابِ وَالشُّرُوطِ مِنْ وَضْعِ الشَّرَائِعِ، وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا لِلْعَبْدِ الِارْتِفَاقُ فِعْلًا أَيْ اخْتِيَارُ فِعْلٍ فِيهِ رِفْقٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِتَعْيِينِ جُزْءٍ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا لَا يَتَيَسَّرُ فِيهِ الْأَدَاءُ بَلْ لَهُ الِاخْتِيَارُ فِي تَعْيِينِهِ فِعْلًا بِأَنْ يُؤَدِّيَ الصَّلَاةَ فِي أَيِّ جُزْءٍ يُرِيدُ فَيَتَعَيَّنُ بِذَلِكَ الْفِعْلِ ذَلِكَ الْجُزْءُ وَقْتًا لِفِعْلِهِ كَمَا فِي خِصَالِ الْكَفَّارَةِ فَإِنَّ الْوَاجِبَ أَحَدُ الْأُمُورِ مِنْ الْإِعْتَاقِ وَالْكِسْوَةِ وَالْإِطْعَامِ، وَلَا يَتَعَيَّنُ شَيْءٌ مِنْهَا بِتَعْيِينِ الْمُكَلَّفِ قَصْدًا وَلَا نَصًّا بَلْ يَخْتَارُ أَيَّهَا شَاءَ فَيَفْعَلُهُ فَيَصِيرُ هُوَ الْوَاجِبُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ، وَفِي هَذَا إشَارَةٌ إلَى مَا هُوَ الْمُخْتَارُ مِنْ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْمُوَسَّعِ هُوَ الْأَدَاءُ فِي جُزْءٍ مِنْ الْوَقْتِ، وَيَتَعَيَّنُ بِفِعْلِهِ وَفِي الْمُخَيَّرِ هُوَ أَحَدُ الْأُمُورِ

اسم الکتاب : شرح التلويح على التوضيح المؤلف : التفتازاني    الجزء : 1  صفحة : 399
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست