responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح التلويح على التوضيح المؤلف : التفتازاني    الجزء : 1  صفحة : 394
الْوُجُوبِ وَوُجُوبِ الْأَدَاءِ، وَيَقُولُونَ إنَّ الْوُجُوبَ لَا يَنْصَرِفُ إلَّا إلَى الْفِعْلِ، وَهُوَ الْأَدَاءُ فَبِالضَّرُورَةِ يَكُونُ نَفْسُ الْوُجُوبِ هِيَ نَفْسُ وُجُوبِ الْأَدَاءِ فَلَا يَبْقَى فَرْقٌ بَيْنَهُمَا، وَلِلَّهِ دَرُّ مَنْ أَبْدَعَ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَمَا أَدَقَّ نَظَرَهُ، وَمَا أَمْتَنَ حِكْمَتَهُ، وَتَحْقِيقُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْوَقْتُ سَبَبًا لِوُجُوبِ الصَّلَاةِ كَانَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَ وَقْتٌ شَرِيفٌ كَانَ لَازِمًا أَنْ يُوجَدَ فِيهِ هَيْئَةٌ مَخْصُوصَةٌ وُضِعَتْ لِعِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَهِيَ الصَّلَاةُ فَلُزُومُ وُجُودِ تِلْكَ الْهَيْئَةِ عَقِيبَ السَّبَبِ هُوَ نَفْسُ الْوُجُوبِ، ثُمَّ الْأَدَاءُ هُوَ إيقَاعُ تِلْكَ الْهَيْئَةِ فَوُجُوبُ الْأَدَاءِ هُوَ لُزُومُ إيقَاعِ تِلْكَ الْهَيْئَةِ، وَذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ أَوْجَبَ وُجُودَ تِلْكَ الْهَيْئَةِ لِمُنَاسَبَةٍ بَيْنَهُمَا، فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالسَّبَبِ الدَّاعِي، ثُمَّ بِوَاسِطَةِ هَذَا الْوُجُوبِ يَجِبُ إيقَاعُ تِلْكَ الْهَيْئَةِ فَالْوُجُوبُ الْأَوَّلُ يَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ، وَهِيَ الْهَيْئَةُ، وَالثَّانِي بِأَدَائِهَا حَتَّى لَوْ كَانَ السَّبَبُ بِذَاتِهِ دَاعِيًا إلَى نَفْسِ الْإِيقَاعِ لَا إلَى الْهَيْئَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQيَلْزَمَ وُقُوعُ الْفِعْلِ مِنْ شَخْصٍ بِإِيقَاعِهِ إيَّاهُ فَلَمْ يَثْبُتْ وُجُوبٌ بِدُونِ وُجُوبِ الْأَدَاءِ، وَكَأَنَّ بَيْنَهُمَا فَرْقًا يَتَعَسَّرُ التَّعْبِيرُ عَنْهُ فَإِنَّ الْمَعْذُورَ يَلْزَمُهُ فِي حَالِ قِيَامِ الْعُذْرِ أَنْ يُوقِعَ الْفِعْلَ بَعْدَ زَوَالِ الْعُذْرِ لَوْ أَدْرَكَهُ، وَالْمُشْتَرِي يَلْزَمُهُ قَبْلَ الْمُطَالَبَةِ أَنْ يُؤَدِّيَ الثَّمَنَ عِنْدَ الْمُطَالَبَةِ، وَلَا يَلْزَمُهُمَا الْإِيقَاعُ وَالْأَدَاءُ فِي الْحَالِ فَلَوْ قُلْنَا إنَّ الْوُجُوبَ هُوَ لُزُومُ إيقَاعِ الْفِعْلِ أَوْ أَدَاءِ الْمَالِ فِي زَمَانِ مَا بَعْدَ تَقَرُّرِ السَّبَبِ، وَوُجُوبُ الْأَدَاءِ لُزُومُهُ فِي زَمَانٍ مَخْصُوصٍ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا.
(قَوْلُهُ وَلَا أَدَاءَ عَلَيْهِمْ لِعَدَمِ الْخِطَابِ) فَإِنْ قِيلَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ صَوْمُ الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ أَدَاءً لِلْوَاجِبِ وَإِتْيَانًا بِالْمَأْمُورِ بِهِ قُلْنَا بَعْدَ الشُّرُوعِ بِتَوَجُّهِ الْخِطَابِ، وَيَلْزَمُ أَدَاءٌ كَمَا فِي الْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ عَلَى الرَّأْيِ الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ الْوَاجِبِ وَاحِدٌ لَا عَلَى التَّعْيِينِ.
(قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ لِلْقَضَاءِ مِنْ وُجُوبِ الْأَصْلِ) ؛ لِأَنَّهُ إتْيَانٌ بِمِثْلِ الْمَأْمُورِ بِهِ إلَّا أَنَّهُ يَكْفِي نَفْسُ الْوُجُوبِ عَلَى مَا مَرَّ، وَبَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّ الْقَضَاءَ مَبْنِيٌّ عَلَى وُجُوبِ الْأَدَاءِ إلَّا أَنَّ الْمَطْلُوبَ قَدْ يَكُونُ نَفْسَ الْفِعْلِ فَيَأْثَمُ بِتَرْكِهِ وَيَفْتَقِرُ إلَى الْقُدْرَةِ بِمَعْنَى سَلَامَةِ الْأَسْبَابِ وَالْآلَاتِ، وَقَدْ يَكُونُ ثُبُوتُ خَلْفِهِ، وَيَكْفِي فِيهِ تَوَهُّمُ ثُبُوتِ الْقُدْرَةِ فَفِي مِثْلِ النَّائِمِ يَتَحَقَّقُ وُجُوبُ الْأَدَاءِ عَلَى وَجْهٍ يَكُونُ وَسِيلَةً إلَى وُجُوبِ الْقَضَاءِ بِتَوَهُّمِ حُدُوثِ الِانْتِبَاهِ، صَرَّحَ بِذَلِكَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ.
(قَوْلُهُ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ عَدَمِ الْخِطَابِ) تَعْلِيلٌ لِكَوْنِ السَّبَبِ غَيْرَ الْخِطَابِ، وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا شَيْءَ غَيْرُ الْوَقْتِ، وَالْخِطَابُ تَعْلِيلٌ لِكَوْنِهِ هُوَ الْوَقْتُ يَعْنِي أَنَّ السَّبَبِيَّةَ مُنْحَصِرَةٌ فِي الْوَقْتِ وَالْخِطَابِ إمَّا لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ سَبَبٍ وَلَا شَيْءَ غَيْرُهُمَا يَصْلُحُ لِلسَّبَبِيَّةِ، وَإِمَّا لِانْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ السَّبَبَ هُوَ الْوَقْتُ أَوْ الْخِطَابُ فَإِذَا انْتَفَى الْخِطَابُ تَعَيَّنَ الْوَقْتُ لِلسَّبَبِيَّةِ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ، وَلِقَائِلٍ أَنْ يَمْنَعَ عَدَمَ الْخِطَابِ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُ اللَّغْوُ لَوْ كَانَ مُخَاطَبًا بِأَنْ يَفْعَلَ فِي حَالَةِ النَّوْمِ مَثَلًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ مُخَاطَبٌ

اسم الکتاب : شرح التلويح على التوضيح المؤلف : التفتازاني    الجزء : 1  صفحة : 394
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست