responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح التلويح على التوضيح المؤلف : التفتازاني    الجزء : 1  صفحة : 382
لِإِمْكَانِ الْبِرِّ فِي الْجُمْلَةِ كَمَا كَانَ لِلنَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَإِمْكَانُ الْأَصْلِ، وَهُوَ الْبِرُّ كَافٍ لِوُجُوبِ الْخَلَفِ، وَهُوَ الْكَفَّارَةُ عَلَى أَنَّ الْقُدْرَةَ الَّتِي شَرَطْنَاهَا مُتَقَدِّمَةً هِيَ سَلَامَةُ الْآلَاتِ وَالْأَسْبَابِ فَقَطْ، وَقَدْ وُجِدَتْ هُنَا، (فَأَمَّا الْقُدْرَةُ الْحَقِيقِيَّةُ، فَإِنَّهَا مُقَارِنَةٌ لِلْفِعْلِ) أَيْ: وَلَئِنْ سَلَّمْنَا أَنَّ إمْكَانَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْأَدَاءِ غَيْرُ كَافٍ لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ بَلْ يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ وُجُودُ الْقُدْرَةِ عَلَى الْأَدَاءِ فَوُجُودُ الْقُدْرَةِ عَلَى الْأَدَاءِ حَاصِلٌ هُنَا؛ لِأَنَّ الْقُدْرَةَ الَّتِي تُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْعِبَادَاتِ مُتَقَدِّمَةٌ هِيَ سَلَامَةُ الْآلَاتِ وَالْأَسْبَابِ فَقَطْ، وَهِيَ حَاصِلَةٌ هُنَا، وَلَا تُشْتَرَطُ الْقُدْرَةُ التَّامَّةُ الْحَقِيقِيَّةُ؛ لِأَنَّهَا مُقَارِنَةٌ لِلْفِعْلِ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ التَّامَّةَ تَكُونُ مُقَارِنَةً لِلْمَعْلُولِ إذْ لَوْ كَانَتْ سَابِقَةً زَمَانًا يَلْزَمُ تَخَلُّفُ الْمَعْلُولِ عَنْ الْعِلَّةِ التَّامَّةِ.
(أَوْ نَقُولُ الْقَضَاءُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَاضِي، وَلَوْ سُلِّمَ فَصِدْقُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ مُحَالٌ إذْ بِإِعَادَةِ الزَّمَانِ الْمَاضِي لَا يَصِيرُ الْفِعْلُ الَّذِي لَمْ يُوجَدْ مِنْ الْحَالِفِ مَوْجُودًا فِيهِ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ وُجُودُ الْفِعْلِ مِنْ الشَّخْصِ بِدُونِ أَنْ يَفْعَلَ.
(قَوْلُهُ: فَأَمَّا الْقُدْرَةُ الْحَقِيقِيَّةُ) قَدْ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الْقُدْرَةَ مَعَ الْفِعْلِ أَوْ قَبْلَهُ، وَالْمُحَقِّقُونَ عَلَى أَنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِالْقُدْرَةِ الْقُوَّةُ الَّتِي تَصِيرُ مُؤَثِّرَةً عِنْدَ انْضِمَامِ الْإِرَادَةِ إلَيْهَا فَهِيَ تُوجَدُ قَبْلَ الْفِعْلِ وَمَعَهُ وَبَعْدَهُ، وَإِنْ أُرِيدَ الْقُوَّةُ الْمُؤَثِّرَةُ الْمُسْتَجْمِعَةُ لِجَمِيعِ الشَّرَائِطِ فَهِيَ مَعَ الْفِعْلِ بِالزَّمَانِ، وَإِنْ كَانَتْ مُتَقَدِّمَةً بِالذَّاتِ بِمَعْنَى احْتِيَاجِ الْفِعْلِ إلَيْهَا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ قَبْلَ الْفِعْلِ لِامْتِنَاعِ تَخَلُّفِ الْمَعْلُولِ عَنْ عِلَّتِهِ التَّامَّةِ أَعْنِي جُمْلَةَ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ لِمَا مَرَّ فِي فَصْلِ الْحُسْنِ وَالْقُبْحِ فَلِهَذَا قَالَ: إنَّ الْقُدْرَةَ الَّتِي شُرِطَ تَقَدُّمُهَا عَلَى وُجُوبِ أَدَاءِ الْعِبَادَاتِ هِيَ سَلَامَةُ الْآلَاتِ وَالْأَسْبَابِ لَا الْقُدْرَةُ الْمُؤَثِّرَةُ الْمُسْتَجْمِعَةُ لِجَمِيعِ شَرَائِطِ التَّأْثِيرِ، فَإِنْ قِيلَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ التَّكْلِيفُ مَشْرُوطًا بِالْقُدْرَةِ بِمَعْنَى الْقُوَّةِ الْمُؤَثِّرَةِ الْمُسْتَجْمِعَةِ لِجَمِيعِ الشَّرَائِطِ ضَرُورَةَ أَنَّ الْفِعْلَ بِدُونِهَا مُمْتَنِعٌ، وَلَا تَكْلِيفَ بِالْمُمْتَنِعِ قُلْنَا: مُعَارَضٌ بِأَنَّ الْفِعْلَ عِنْدَ جَمِيعِ شَرَائِطِ التَّأْثِيرِ وَاجِبٌ لِامْتِنَاعِ التَّخَلُّفِ، وَلَا تَكْلِيفَ بِالْوَاجِبِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْدُورٍ لِعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْ التَّرْكِ وَبِأَنَّهُ لَوْ كَانَ التَّكْلِيفُ مَشْرُوطًا بِمَا ذَكَرْتُمْ لَمَا تَوَجَّهَ التَّكْلِيفُ إلَّا حَالَ الْمُبَاشَرَةِ، وَيَلْزَمُ أَنْ لَا يَعْصِيَ بِتَرْكِ الْمَأْمُورِ بِهِ لِعَدَمِ التَّكْلِيفِ بِدُونِ الْمُبَاشَرَةِ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ قَبْلَ الْمُبَاشَرَةِ مُكَلَّفٌ بِإِيقَاعِ الْفِعْلِ فِي الزَّمَانِ الْمُسْتَقْبَلِ، وَامْتِنَاعُ الْفِعْلِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ عِلَّتِهِ التَّامَّةِ لَا يُنَافِي كَوْنَ الْفِعْلِ مَقْدُورًا مُخْتَارًا لَهُ بِمَعْنَى صِحَّةِ تَعَلُّقِ قُدْرَتِهِ وَإِرَادَتِهِ وَقَصْدِهِ إلَى إيقَاعِهِ، وَإِنَّمَا الْمُمْتَنِعُ تَكْلِيفُ مَا لَا يُطَاقُ بِمَعْنَى أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ مِمَّا لَا يَصِحُّ تَعَلُّقُ قُدْرَةِ الْعَبْدِ بِهِ وَقَصْدِهِ إلَى إيجَادِهِ، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا يُقَالُ إنَّ الْفِعْلَ بِدُونِ عِلَّتِهِ التَّامَّةِ مُمْتَنِعٌ وَمَعَهَا وَاجِبٌ فَلَا تَكْلِيفَ إلَّا بِالْمُحَالِ؛ لِأَنَّ فِي الْأَوَّلِ تَكْلِيفًا بِالْمَشْرُوطِ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ، وَفِي الثَّانِي تَكْلِيفًا بِتَحْصِيلِ الْحَاصِلِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ نَقُولُ) جَوَابٌ ثَالِثٌ عَنْ دَلِيلِ زُفَرَ حَاصِلُهُ مَنْعُ الْمُقَدِّمَةِ الْمَطْوِيَّةِ الْقَائِلَةِ بِأَنَّ مَا لَا يَجِبُ أَدَاؤُهُ

اسم الکتاب : شرح التلويح على التوضيح المؤلف : التفتازاني    الجزء : 1  صفحة : 382
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست