responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح التلويح على التوضيح المؤلف : التفتازاني    الجزء : 1  صفحة : 378
هَذَا الْيَوْمِ الْجُمُعَةُ عِنْدَهُ، وَالظُّهْرُ عِنْدَنَا، وَدَلِيلُنَا فِي الْمَتْنِ مَذْكُورٌ، وَثَانِيهِمَا أَنَّ الْمَعْذُورَ إذَا أَدَّى الظُّهْرَ هَلْ يَنْتَقِضُ إذَا حَضَرَ الْجُمُعَةَ أَمْ لَا فَعِنْدَهُ لَا، وَعِنْدَنَا يَنْتَقِضُ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالسَّعْيِ يَعُمُّ الْمَعْذُورَ وَغَيْرَ الْمَعْذُورِ فَالْعَزِيمَةُ فِي هَذَا الْيَوْمِ إقَامَةُ الْجُمُعَةِ مَقَامَ الظُّهْرِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ لَكِنَّ هَذَا سَاقِطٌ مِنْ الْمَعْذُورِ بِطَرِيقِ الرُّخْصَةِ فَإِذَا حَضَرَ الْجُمُعَةَ صَارَ كَغَيْرِ الْمَعْذُورِ فَانْتَقَضَ الظُّهْرُ

(فَصْلٌ التَّكْلِيفُ بِمَا لَا يُطَاقُ غَيْرُ جَائِزٍ خِلَافًا لِلْأَشْعَرِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلِيقُ مِنْ الْحَكِيمِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة: 286] إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْآيَاتِ، وَهُوَ غَيْرُ وَاقِعٍ فِي الْمُمْتَنِعِ لِذَاتِهِ اتِّفَاقًا وَاقِعٌ عِنْدَهُ فِي غَيْرِهِ) أَيْ وَاقِعٌ عِنْدَ الْأَشْعَرِيِّ فِي غَيْرِ الْمُمْتَنِعِ لِذَاتِهِ.
(كَإِيمَانِ أَبِي جَهْلٍ، وَعِنْدَنَا لَيْسَ هَذَا تَكْلِيفًا بِمَا لَا يُطَاقُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ لِقُدْرَةِ الْعَبْدِ تَأْثِيرًا فِي أَفْعَالِهِ تَوَسُّطًا
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقُدْرَةُ الَّتِي بِهَا يَتَمَكَّنُ الْعَبْدُ مِنْ أَدَاءِ مَا لَزِمَهُ، وَحَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّ وُجُوبَ أَدَاءِ الْعِبَادَةِ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقُدْرَةِ تَوَقُّفَ وُجُوبِ السَّعْيِ عَلَى وُجُوبِ الْجُمُعَةِ فَصَارَ حَسَنًا لِغَيْرِهِ مَعَ كَوْنِهِ حَسَنًا لِذَاتِهِ، ثُمَّ أَوْرَدَ مَبَاحِثَ الْقُدْرَةِ وَتَفَارِيعَهَا، وَلَا يَخْفَى أَنَّ فِيهِ نَوْعَ تَكَلُّفٍ، وَأَنَّ جَعْلَهُ مِنْ أَقْسَامِ الْحَسَنِ لِغَيْرِهِ لَيْسَ أَوْلَى مِنْ جَعْلِهِ مِنْ أَقْسَامِ الْحَسَنِ لِذَاتِهِ، فَلِذَا أَفْرَدَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِتِلْكَ الْمَبَاحِثِ فَصْلًا عَلَى حِدَةٍ، وَذَكَرَ أَنَّ التَّكْلِيفَ بِمَا لَا يُطَاقُ أَيْ: لَا يُقْدَرُ عَلَيْهِ غَيْرُ جَائِزٍ لِوَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنَّ التَّكْلِيفَ بِالشَّيْءِ اسْتِدْعَاءُ حُصُولِهِ، وَاسْتِدْعَاءُ مَا لَا يُمْكِنُ حُصُولُهُ سَفَهٌ فَلَا يَلِيقُ بِالْحَكِيمِ بِنَاءً عَلَى الْحُسْنِ وَالْقُبْحِ الْعَقْلِيَّيْنِ، وَالثَّانِي أَنَّهُ مِمَّا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِعَدَمِ وُقُوعِهِ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة: 286] وَ {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] وَكُلُّ مَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِعَدَمِ وُقُوعِهِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَقَعَ، وَإِلَّا لَزِمَ إمْكَانُ كَذِبِهِ، وَهُوَ مُحَالٌ، وَإِمْكَانُ الْمُحَالِ مُحَالٌ فَبِهَذَا الطَّرِيقِ يُمْكِنُ الِاسْتِدْلَال بِالْآيَةِ عَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ، وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ مِنْهَا الدَّلَالَةُ عَلَى عَدَمِ الْوُقُوعِ دُونَ عَدَمِ الْجَوَازِ، وَلَمْ يَثْبُتْ تَصْرِيحُ الْأَشْعَرِيِّ بِتَكْلِيفِ الْمُحَالِ إلَّا أَنَّهُ نَسَبَ إلَيْهِ الْأَصْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَا تَأْثِيرَ لِقُدْرَةِ الْعَبْدِ فِي أَفْعَالِهِ بَلْ هِيَ مَخْلُوقَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى ابْتِدَاءً، وَثَانِيهِمَا أَنَّ الْقُدْرَةَ مَعَ الْفِعْلِ لَا قَبْلَهُ عَلَى مَا سَيَجِيءُ، وَالتَّكْلِيفُ قَبْلَ الْفِعْلِ لَا مَعَهُ لِأَنَّ اسْتِدْعَاءَ الْفِعْلِ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَهُوَ حَالَ التَّكْلِيفِ مُسْتَطِيعٌ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ غَيْرُ وَاقِعٍ) مَا لَا يُطْلَقُ إمَّا أَنْ يَكُونَ مُمْتَنِعًا لِذَاتِهِ كَإِعْدَامِ الْقَدِيمِ وَقَلْبِ الْحَقَائِقِ، فَالْإِجْمَاعُ مُنْعَقِدٌ عَلَى عَدَمِ وُقُوعِ التَّكْلِيفِ بِهِ، وَالِاسْتِقْرَاءُ أَيْضًا شَاهِدٌ عَلَى ذَلِكَ، وَالْآيَاتُ نَاطِقَةٌ بِهِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُمْتَنِعًا لِغَيْرِهِ بِأَنْ يَكُونَ مُمْكِنًا فِي نَفْسِهِ لَكِنْ لَا يَجُوزُ وُقُوعُهُ عَنْ الْمُكَلَّفِ لِانْتِفَاءِ شَرْطٍ أَوْ وُجُودِ مَانِعٍ، فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ التَّكْلِيفَ بِهِ غَيْرُ وَاقِعٍ خِلَافًا لِلْأَشْعَرِيِّ، وَلَا نِزَاعَ فِي وُقُوعِ التَّكْلِيفِ بِمَا عَلِمَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَا يَقَعَ أَوْ أَخْبَرَ بِذَلِكَ كَبَعْضِ تَكَالِيفِ

اسم الکتاب : شرح التلويح على التوضيح المؤلف : التفتازاني    الجزء : 1  صفحة : 378
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست