responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح التلويح على التوضيح المؤلف : التفتازاني    الجزء : 1  صفحة : 369
الشُّكْرَ الْمُضَافَ إلَى الْمُنْعِمِ حَسَنٌ لَا أَنَّ ذَاتَ الشُّكْرِ مِنْ غَيْرِ إضَافَةٍ حَسَنٌ.
(أَمَّا الْأَوَّلُ فَإِمَّا أَنْ لَا يَقْبَلَ سُقُوطَ التَّكْلِيفِ كَالتَّصْدِيقِ، وَإِمَّا أَنْ يَقْبَلَ كَالْإِقْرَارِ بِاللِّسَانِ يَسْقُطُ حَالَ الْإِكْرَاهِ، وَالتَّصْدِيقُ هُوَ الْأَصْلُ، وَالْإِقْرَارُ مُلْحَقٌ بِهِ؛ لِأَنَّهُ دَالٌّ عَلَيْهِ، فَإِنَّ الْإِنْسَانَ مُرَكَّبٌ مِنْ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ فَلَا تَتِمُّ صِفَةٌ إلَّا بِأَنْ تَظْهَرَ مِنْ الْبَاطِنِ إلَى الظَّاهِرِ بِالْكَلَامِ الَّذِي هُوَ أَدَلُّ عَلَى الْبَاطِنِ وَلَا كَذَلِكَ سَائِرُ الْأَفْعَالِ) إنَّمَا قَالَ هَذَا لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْإِقْرَارِ وَعَمَلِ الْأَرْكَانِ، فَإِنَّ الْإِقْرَارَ نَجْعَلُهُ دَاخِلًا فِي الْإِيمَانِ، وَلَا نَجْعَلُ عَمَلَ الْأَرْكَانِ دَاخِلًا فِيهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَنْقُولَ مِنْ عُلَمَائِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ الْإِيمَانَ هُوَ التَّصْدِيقُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَاللَّازِمُ بَاطِلٌ لِأَنَّ شُكْرَ الْمُنْعِمِ حَسَنٌ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَالْكَذِبُ قَبِيحٌ ثُمَّ يَحْسُنُ إذَا كَانَ فِيهِ عِصْمَةُ نَبِيٍّ مِنْ ظَالِمٍ، فَأَشَارَ إلَى جَوَابِهِ بِأَنَّ الْحَسَنَ أَوْ الْقَبِيحَ لِذَاتِهِ فِيمَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْإِضَافَاتِ هُوَ الْمَجْمُوعُ الْمُرَكَّبُ مِنْ الْفِعْلِ وَالْإِضَافَةِ فَالْفِعْلُ جِنْسٌ، وَالْإِضَافَاتُ فُصُولٌ مُقَوَّمَةٌ لِأَنْوَاعِهِ، وَالْحَسَنُ أَوْ الْقَبِيحُ لِذَاتِهِ هُوَ الْأَنْوَاعُ لَا الْجِنْسُ نَفْسُهُ.
(قَوْلُهُ: أَمَّا الْأَوَّلُ) أَيْ الْمَأْمُورُ بِهِ الْحَسَنُ لِمَعْنًى فِي نَفْسِهِ ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ: لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ شَبِيهًا بِالْحَسَنِ لِمَعْنًى فِي غَيْرِهِ أَوْ لَا، وَالثَّانِي إمَّا أَنْ يَقْبَلَ سُقُوطَ التَّكْلِيفِ بِهِ أَوْ لَا، وَإِنَّمَا جُعِلَ الشَّبِيهُ بِالْحَسَنِ بِمَعْنًى فِي غَيْرِهِ مُقَابِلًا لِهَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ لَا يَنْقَسِمُ إلَى مَا يَحْتَمِلُ السُّقُوطَ وَمَا لَا يَحْتَمِلُهُ بَلْ كُلُّهُ يَحْتَمِلُ السُّقُوطَ، وَقَدْ يُقَالُ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا يَكُونُ حُسْنُهُ لِكَوْنِهِ إتْيَانًا لِلْمَأْمُورِ بِهِ لَا لِذَاتِهِ وَلَا لِجُزْئِهِ، بِخِلَافِ الْأَوَّلَيْنِ وَلَيْسَ بِمُسْتَقِيمٍ لِأَنَّ الْإِتْيَانَ بِالْمَأْمُورِ بِهِ حَسَنٌ لِذَاتِهِ، وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ يَصِحُّ جَعْلُهُ مِنْ أَقْسَامِ الْحَسَنِ بِمَعْنًى فِي نَفْسِهِ، ثُمَّ عِبَارَةُ فَخْرِ الْإِسْلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَقْبَلَ سُقُوطَ هَذَا الْوَصْفِ أَوْ لَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْوَصْفَ إشَارَةٌ إلَى كَوْنِهِ حَسَنًا لِمَعْنًى فِي نَفْسِهِ، وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ السَّاقِطَ فِي حَالِ الْإِكْرَاهِ هُوَ وُجُوبُ الْإِقْرَارِ لَا حُسْنُهُ حَتَّى لَوْ صَبَرَ عَلَيْهِ حَتَّى قُتِلَ كَانَ مَأْجُورًا، فَلِذَا غَيَّرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَى سُقُوطِ التَّكْلِيفِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قِيلَ: إنَّ هَذَا الْوَصْفَ إشَارَةٌ إلَى كَوْنِهِ مَأْمُورًا بِهِ بِمَعْنَى أَمْرِ الْوُجُوبِ لَا يُقَالُ حُسْنُهُ كَانَ بِالْأَمْرِ فَيَسْقُطُ بِسُقُوطِهِ لَا مَحَالَةَ وَهُوَ لَا يُنَافِي كَوْنَهُ حَسَنًا بِاعْتِبَارِ أَمْرِ النَّدْبِ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا مَذْهَبُ الْأَشْعَرِيِّ، وَسَيُصَرِّحُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِنَفْيِهِ، وَعِنْدَنَا لَيْسَ الْحُسْنُ بِالْأَمْرِ بَلْ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ الْأَمْرُ بِالْفِعْلِ لِكَوْنِهِ حَسَنًا لِذَاتِهِ أَوْ لِجُزْئِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ: وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَنْقُولَ) يَعْنِي ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّ الْإِقْرَارَ بِاللِّسَانِ لَيْسَ جُزْءًا مِنْ الْإِيمَانِ، وَلَا شَرْطَ لَهُ بَلْ هُوَ شَرْطٌ لِإِجْرَاءِ أَحْكَامِ الدُّنْيَا حَتَّى إنَّ مَنْ صَدَّقَ بِقَلْبِهِ وَلَمْ يُقِرَّ بِلِسَانِهِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ ذَلِكَ كَانَ مُؤْمِنًا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى غَيْرَ مُؤْمِنٍ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا، كَمَا أَنَّ الْمُنَافِقَ لَمَّا وُجِدَ مِنْهُ

اسم الکتاب : شرح التلويح على التوضيح المؤلف : التفتازاني    الجزء : 1  صفحة : 369
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست