responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح التلويح على التوضيح المؤلف : التفتازاني    الجزء : 1  صفحة : 360
اللَّهِ، وَاخْتِيَارِ الْعَبْدِ؛ فَلِهَذَا قَالَ (قُلْنَا تَوَقُّفُهُ عَلَى مُرَجِّحٍ لَا يُوجِبُ كَوْنَهُ اضْطِرَارِيًّا؛ لِأَنَّ لِاخْتِيَارِهِ تَأْثِيرًا فِي فِعْلِهِ أَيْضًا) .
وَإِنَّمَا قَالَ أَيْضًا لِيُعْلِمَ أَنَّ الِاخْتِيَارَ لَيْسَ بِمُؤَثِّرٍ تَامٍّ بَلْ هُوَ جُزْءُ الْمُؤَثِّرِ بِبُرْهَانٍ آخَرَ قَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ شَيْءٌ إلَّا، وَأَنْ يَجِبَ وُجُودُهُ بِالْغَيْرِ فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مُوجِبًا لِوُجُودٍ بِلَا وَاسِطَةِ أَمْرٍ فَلَا صُنْعَ لَهُ فِيهِ كَمَا لَا صُنْعَ لَهُ فِي وُجُودِهِ، وَفِي ذَاتِهِ، وَإِنْ كَانَ يُتَوَسَّطُ وُجُودَ أَمْرٍ فَذَلِكَ الْأَمْرُ يَجِبُ بِالْمَوْجُودَاتِ الْمُسْتَنِدَةِ إلَى الْوَاجِبِ فَيَخْرُجُ مِنْ صُنْعِ الْعَبْدِ، وَإِنْ كَانَ يَتَوَسَّطُ عَدَمَ أَمْرٍ لَا يَكُونُ ذَلِكَ الْعَدَمُ الْعَدَمَ السَّابِقَ عَلَى الْوُجُودِ إذْ لَا صُنْعَ لِلْعَبْدِ فِيهِ فَيَكُونُ الْعَدَمُ الَّذِي بَعْدَ الْوُجُودِ، وَهَذَا الْعَدَمُ لَا يُمْكِنُ إلَّا بِزَوَالِ الْعِلَّةِ التَّامَّةِ لِذَلِكَ الْأَمْرِ أَوْ لِبَقَائِهِ فَالْعِلَّةُ التَّامَّةُ إنْ كَانَتْ مَوْجُودَاتٍ مَحْضَةٍ تَكُونُ وَاجِبَةً بِالِاسْتِنَادِ إلَى الْوَاجِبِ تَعَالَى فَلَا يَقْدِرُ الْعَبْدُ عَلَى إعْدَامِهَا، وَإِنْ كَانَ لِلْعَدَمِ مَدْخَلٌ فِي تِلْكَ الْعِلَّةِ التَّامَّةِ فَزَوَالُ الْعَدَمِ هُوَ الْوُجُودُ فَيَكُونُ يَتَوَسَّطُ وُجُودَ أَمْرٍ، وَقَدْ مَرَّ امْتِنَاعُهُ، وَقَدْ ثَبَتَ بِالْوِجْدَانِ أَنَّ لِلْعَبْدِ صُنْعًا مَا فَلَا يَكُونُ إلَّا فِي أَمْرٍ لَا مَوْجُودٍ، وَلَا مَعْدُومٍ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ الْأَمْرُ، وَاجِبًا بِوَاسِطَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQكَانَ عَدَمًا سَابِقًا فَهُوَ قَدِيمٌ لَا صُنْعَ لَهُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ عَدَمًا لَاحِقًا تَوَقَّفَ عَلَى زَوَالِ جُزْءٍ مِنْ الْعِلَّةِ التَّامَّةِ لِلْوُجُودِ، وَذَلِكَ الْجُزْءُ إنْ كَانَ مَوْجُودًا كَانَ وَاجِبًا بِالِاسْتِنَادِ إلَى الْوَاجِبِ فَيَمْتَنِعُ الْعَبْدُ إزَالَتَهُ، وَإِنْ كَانَ لِزَوَالِ الْعَدَمِ مَدْخَلٌ فِي زَوَالِهِ عَادَ الْمَحْذُورُ؛ لِأَنَّ زَوَالَ الْعَدَمِ وُجُودٌ فَيَكُونُ بِوَاسِطَةِ وُجُودِ شَيْءٍ هُوَ وَاجِبٌ بِوَاسِطَةِ الْمَوْجُودَاتِ الْمُسْتَنِدَةِ إلَى الْوَاجِبِ فَيَخْرُجُ مِنْ صُنْعِ الْعَبْدِ فَتَعَيَّنَ أَنَّ صُنْعَ الْعَبْدِ لَا يَكُونُ إلَّا فِي أَمْرٍ لَا مَوْجُودٍ، وَلَا مَعْدُومٍ، وَذَلِكَ الْأَمْرُ لَا يَجِبُ بِوَاسِطَةِ الْمَوْجُودَاتِ الْمُسْتَنِدَةِ إلَى الْوَاجِبِ، وَإِلَّا لَخَرَجَ عَنْ صُنْعِ الْعَبْدِ فَلَمْ يَبْقَ لِصُنْعِ الْعَبْدِ أَثَرٌ فِي فِعْلِ أَمْرٍ مَا، وَيَلْزَمُ مِنْهُ بُطْلَانُ مَا ثَبَتَ بِالْوِجْدَانِ.
ثُمَّ ذَلِكَ الْأَمْرُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْإِيقَاعُ، وَالْإِيجَادُ الَّذِي يَجِبُ عِنْدَهُ الْفِعْلُ أَلْبَتَّةَ حَتَّى يَكُونَ الْعَبْدُ مُوجِدًا لِذَلِكَ الشَّيْءِ الْمَوْجُودِ خَالِقًا لَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الشَّيْءَ يَتَوَقَّفُ عَلَى أُمُورٍ لَا أَثَرَ لِلْعَبْدِ فِي وُجُودِهَا كَوُجُودِ الْعَبْدِ، وَقُدْرَتِهِ، وَسَلَامَةِ الْآلَةِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ فَتَعَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ الْأَمْرَ اللَّامَوْجُودَ، وَاللَّامَعْدُومَ الصَّادِرَ عَنْ الْعَبْدِ أَمْرٌ لَا يَجِبُ عِنْدَهُ وُجُودُ الْأَثَرِ، وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْكَسْبِ، وَالْفِعْلُ حَاصِلٌ بِهِ، وَيَخْلُقُ اللَّهُ تَعَالَى، وَكُلٌّ مِنْهُمَا مَقْدُورَهُ إلَّا أَنَّهُ فِي الْخَلْقِ يَصِحُّ انْفِرَادُ الْقَادِرِ بِالْإِيقَاعِ الْمَقْدُورِ، وَفِي الْكَسْبِ لَا يَصِحُّ، وَأَيْضًا فِي الْخَلْقِ يَقَعُ الْفِعْلُ الْمَقْدُورُ لَا فِي مَحَلِّ الْقُدْرَةِ فِي الْكَسْبِ يَقَعُ الْمَقْدُورُ فِي مَحَلِّ الْقُدْرَةِ مَثَلًا: حَرَكَةُ زَيْدٍ وَقَعَتْ بِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى فِي غَيْرِ مَنْ قَامَتْ بِهِ الْقُدْرَةُ، وَهُوَ زَيْدٌ، وَوَقَعَتْ بِكَسْبِ زَيْدٍ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي قَامَتْ بِهِ قُدْرَةُ زَيْدٍ، وَهُوَ نَفْسُ زَيْدٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَثَرَ الْخَالِقِ إيجَادُ الْفِعْلِ فِي أَمْرٍ خَارِجٍ مِنْ ذَاتِهِ، وَأَثَرُ الْكَاسِبِ صُنْعُهُ فِي مَحَلٍّ قَائِمٍ بِهِ

اسم الکتاب : شرح التلويح على التوضيح المؤلف : التفتازاني    الجزء : 1  صفحة : 360
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست