responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح التلويح على التوضيح المؤلف : التفتازاني    الجزء : 1  صفحة : 303
وَهُوَ جَوَازُ الْفِعْلِ فَقَطْ لَا أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى كِلَا جُزْأَيْهِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ لَا دَلَالَةَ لَهُ عَلَى جَوَازِ التَّرْكِ أَصْلًا بَلْ إنَّمَا يَثْبُتُ جَوَازُ التَّرْكِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَا يَدُلُّ عَلَى حُرْمَةِ التَّرْكِ الَّتِي هِيَ جُزْءٌ آخَرُ لِلْوُجُوبِ فَيَثْبُتُ جَوَازُ التَّرْكِ بِنَاءً عَلَى هَذَا الْأَصْلِ لَا بِلَفْظِ الْأَمْرِ فَجَوَازُ الْفِعْلِ الَّذِي يَثْبُتُ بِالْأَمْرِ جُزْءٌ لِلْوُجُوبِ فَيَكُونُ إطْلَاقُ لَفْظِ الْكُلِّ عَلَى الْجُزْءِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ دَالٌّ عَلَى جَوَازِ (الْفِعْلِ الَّذِي هُوَ جُزْؤُهُمَا) أَيْ الْإِبَاحَةِ، وَالْوُجُوبِ (لَا عَلَى جَوَازِ التَّرْكِ الَّذِي بِهِ الْمُبَايَنَةُ لَكِنْ يَثْبُتُ ذَا لِعَدَمِ الدَّلِيلِ عَلَى حُرْمَةِ التَّرْكِ الَّتِي هِيَ جُزْءٌ آخَرُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلْوُجُوبِ فِي مُجَرَّدِ جَوَازِ الْفِعْلِ مِنْ قَبِيلِ اسْتِعْمَالِ الْكُلِّ فِي الْجُزْءِ، وَيَكُونُ مَعْنَى اسْتِعْمَالِهَا فِي الْإِبَاحَةِ أَوْ النَّدْبِ اسْتِعْمَالَهَا فِي جُزْأَيْهِمَا الَّذِي هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْجِنْسِ لَهُمَا فَيَثْبُتُ الْفَصْلُ الَّذِي هُوَ جَوَازُ التَّرْكِ بِحُكْمِ الْأَصْلِ لَا بِدَلَالَةِ اللَّفْظِ، وَيَثْبُتُ رُجْحَانُ الْفِعْلِ فِي النَّدْبِ بِوَاسِطَةِ الْقَرِينَةِ.
فَإِنْ قُلْت: الْوُجُوبُ هُوَ الْخِطَابُ الدَّالُّ عَلَى طَلَبِ الْفِعْلِ، وَمَنْعِ النَّقِيضِ أَوْ الْأَثَرِ الثَّابِتِ بِهِ أَعْنِي كَوْنَ الْفِعْلِ مَطْلُوبًا مَمْنُوعُ التَّرْكِ أَوْ كَوْنُهُ بِحَيْثُ يُحْمَدُ فَاعِلُهُ، وَيُذَمُّ تَارِكُهُ شَرْعًا أَوْ كَوْنُهُ بِحَيْثُ يُثَابُ فَاعِلُهُ، وَيُعَاقَبُ أَوْ يَسْتَحِقُّ الْعِقَابَ تَارِكُهُ فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ جَوَازَ الْفِعْلِ جُزْءٌ مِنْ مَفْهُومِهِ، وَمَا نُقِلَ عَنْ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ أَنَّ عَدَمَ الْمُعَاقَبَةِ جُزْءٌ لَهُ، وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ جَوَازِ الْفِعْلِ فَمَمْنُوعٌ بِمُقَدَّمَتَيْهِ. قُلْت: هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْوُجُوبَ هُوَ عَدَمُ الْحَرَجِ فِي الْفِعْلِ مَعَ الْحَرَجِ فِي التَّرْكِ، وَالْإِبَاحَةُ هُوَ عَدَمُ الْحَرَجِ لَا فِي الْفِعْلِ، وَلَا فِي التَّرْكِ، وَأَنَّ الْمَأْذُونَ فِيهِ جِنْسٌ لِلْوَاجِبِ، وَالْمُبَاحِ، وَالْمَنْدُوبِ، وَالْمُرَادُ بِجَوَازِ الْفِعْلِ هُوَ عَدَمُ الْحَرَجِ فِيهِ، وَهُوَ كَوْنُهُ مَأْذُونًا فِيهِ، وَالْمُنَاقَشَةُ فِي أَمْثَالِ ذَلِكَ مِمَّا لَا تَلِيقُ بِهَذِهِ الصِّنَاعَةِ. أَلَا يُرَى أَنَّ قَوْلَهُمْ الْأَمْرُ حَقِيقَةٌ فِي الْوُجُوبِ لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ وُجُوبَ الْقِيَامِ مَثَلًا هُوَ الْمَدْلُولُ الْمُطَابِقُ لِلَفْظِ قُمْ بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لِطَلَبِ الْقِيَامِ عَلَى سَبِيلِ اللُّزُومِ، وَالْمَنْعِ عَنْ التَّرْكِ.
فَإِنْ قُلْت قَدْ صَرَّحُوا بِاسْتِعْمَالِ الْأَمْرِ فِي النَّدْبِ، وَالْإِبَاحَةِ، وَإِرَادَتِهِمَا مِنْهُ، وَلَا ضَرُورَةَ فِي حَمْلِ كَلَامِهِمْ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ فِي جِنْسِ النَّدْبِ، وَالْإِبَاحَةِ عُدُولًا عَنْ الظَّاهِرِ، وَمَا ذُكِرَ أَنَّ الْأَمْرَ لَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ التَّرْكِ أَصْلًا إنْ أَرَادَ بِحَسَبِ الْحَقِيقَةِ فَغَيْرُ مُفِيدٍ، وَإِنْ أَرَادَ بِحَسَبِ الْمَجَازِ فَمَمْنُوعٌ لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُسْتَعْمَلَ اللَّفْظُ الْمَوْضُوعُ لِطَلَبِ الْفِعْلِ جَزْمًا فِي طَلَبِ الْفِعْلِ مَعَ إجَازَةِ التَّرْكِ. وَالْإِذْنُ فِيهِ مَرْجُوحًا أَوْ مُسَاوِيًا بِجَامِعِ اشْتِرَاكِهِمَا فِي جَوَازِ الْفِعْلِ وَالْإِذْنِ فِيهِ قُلْت كَمَا صَرَّحُوا بِاسْتِعْمَالِ الْأَسَدِ فِي الْإِنْسَانِ الشُّجَاعِ، وَإِرَادَتِهِ مِنْهُ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مِنْ أَفْرَادِ الشُّجَاعِ لَا مِنْ حَيْثُ إنَّ لَفْظَ الْأَسَدِ يَدُلُّ عَلَى ذَاتِيَّاتِ الْإِنْسَانِ كَالنَّاطِقِ مَثَلًا فَإِذَا كَانَ الْجَامِعُ هَاهُنَا هُوَ جَوَازَ الْفِعْلِ، وَالْإِذْنَ فِيهِ، وَيُثْبِتُ خُصُوصِيَّةَ كَوْنِهِ مَعَ جَوَازِ التَّرْكِ أَوْ بِدُونِهِ بِالْقَرِينَةِ كَمَا أَنَّ الْأَسَدَ يُسْتَعْمَلُ فِي الشُّجَاعِ

اسم الکتاب : شرح التلويح على التوضيح المؤلف : التفتازاني    الجزء : 1  صفحة : 303
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست