responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح التلويح على التوضيح المؤلف : التفتازاني    الجزء : 1  صفحة : 297
كُنْ فَاعِلًا لِلصَّلَاةِ: وَزَكِّ، أَيْ كُنْ فَاعِلًا لِلزَّكَاةِ فَثَبَتَ أَنَّ كُلَّ أَمْرٍ أَمْرٌ بِالْكَوْنِ فَيَجِبُ أَنْ يَتَكَوَّنَ ذَلِكَ الْفِعْلُ (إلَّا أَنَّ هَذَا) أَيْ كَوْنَ الْوُجُودِ مُرَادًا مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (يُعْدِمُ الِاخْتِيَارَ فَلَمْ يَثْبُتْ الْوُجُودُ، وَيَثْبُتْ الْوُجُوبُ؛ لِأَنَّهُ مُفْضٍ إلَى الْوُجُودِ وَغَيْرِهَا مِنْ النُّصُوصِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQثُمَّ لَا بُدَّ هَاهُنَا مِنْ بَيَانٍ الْأَمْرَيْنِ: أَحَدِهِمَا أَنَّ الْقَضَاءَ هَاهُنَا بِمَعْنَى الْحُكْمِ، وَتَحْقِيقُهُ أَنَّهُ إتْمَامُ الشَّيْءِ قَوْلًا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ} [الإسراء: 23] ، أَيْ حَكَمَ أَوْ فِعْلًا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} [فصلت: 12] ، أَيْ خَلَقَهُنَّ وَأَتْقَنَ أَمْرَهُنَّ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْإِسْنَادَ إلَى الرَّسُولِ يَأْبَى عَنْ هَذَا الْمَعْنَى فَتَعَيَّنَ الْأَوَّلُ، وَأَمَّا إطْلَاقُهُ عَلَى تَعَلُّقِ الْإِرَادَةِ الْإِلَهِيَّةِ بِوُجُودِ الشَّيْءِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُوجِبُهُ فَمَجَازٌ، وَثَانِيهمَا: أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْأَمْرِ هُوَ الْقَوْلُ دُونَ الْفِعْلِ أَوْ الشَّيْءِ عَلَى مَا ذَكَرُوا فِي قَوْله تَعَالَى {إِذَا قَضَى أَمْرًا} [آل عمران: 47] ، أَيْ إذَا أَرَادَ شَيْئًا، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أُرِيدَ فَعَلَ فِعْلًا فَلَا مَعْنَى لِنَفْيِ خِيَرَةِ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَوْ أُرِيدَ حَكَمَ بِفِعْلٍ أَوْ شَيْءٍ اُحْتِيجَ إلَى تَقْدِيرِ الْبَاءِ، وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ، وَعَلَى تَقْدِيرِ ارْتِكَابِهِ لَا يَصِحُّ نَفْيُ الْخِيَرَةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ بِنَدْبِ فِعْلِ شَيْءٍ أَوْ إبَاحَتِهِ، وَحِينَئِذٍ تَثْبُتُ الْخِيَرَةُ، وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ بِفِعْلٍ مُوجِبًا لِنَفْيِ الْخِيَرَةِ يُثْبِتُ الْمُدَّعَى، وَهُوَ أَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ يَقْتَضِي نَفْيَ الْخِيَرَةِ لِلْعِبَادِ وَلُزُومَ الْمُتَابَعَةِ وَالِانْقِيَادِ فَظَهَرَ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْأَمْرِ فِي قَوْلِهِ، مِنْ أَمْرِهِمْ هُوَ الْقَوْلُ الْمَخْصُوصُ إمَّا بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ أَوْ نَفْسِ الصِّيغَةِ سَوَاءٌ جُعِلَ أَمْرًا نَصْبًا عَلَى الْمَصْدَرِ أَوْ التَّمْيِيزِ لِمَا فِي الْحُكْمِ مِنْ الْإِبْهَامِ أَوْ الْحَالِ عَلَى أَنَّ الْمَصْدَرَ بِمَعْنَى اسْمِ الْفَاعِلِ كَمَا تَقُولُ جَاءَنِي زَيْدٌ رُكُوبًا فَأَعْجَبَنِي رُكُوبُهُ، وَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى {مَا مَنَعَكَ أَلا تَسْجُدَ} [الأعراف: 12] أَيْ مَا مَنَعَكَ مِنْ السُّجُودِ عَلَى زِيَادَةِ لَا أَوْ مَا دَعَاك إلَى تَرْكِ السُّجُودِ مَجَازًا؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الشَّيْءِ دَاعٍ إلَى نَقِيضِهِ، وَالِاسْتِفْهَامُ لِلتَّوْبِيخِ وَالْإِنْكَارِ وَالِاعْتِرَاضِ وَهُوَ إنَّمَا يَتَوَجَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِ الْأَمْرِ لِلْإِيجَابِ لِيَسْتَحِقَّ تَارِكُهُ الذَّمَّ، وَإِلَّا فَلَهُ أَنْ يَقُولَ: إنَّك مَا أَلْزَمْتَنِي السُّجُودَ فَعَلَامَ اللَّوْمُ وَالْإِنْكَارُ وَالتَّوْبِيخُ فَإِنْ قُلْت هَذَا لَا يَدُلُّ إلَّا عَلَى كَوْنِ الْأَمْرِ بِالسُّجُودِ لِلْوُجُوبِ، وَلَا نِزَاعَ لِأَحَدٍ فِي اسْتِعْمَالِ الْأَمْرِ لِذَلِكَ، وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي كَوْنِهِ حَقِيقَةً لَهُ، وَخَاصًّا بِهِ. قُلْت إطْلَاقُ قَوْلِهِ {اسْجُدُوا لآدَمَ} [البقرة: 34] مِنْ غَيْرِ قَرِينَةٍ مَعَ قَوْلِهِ {إِذْ أَمَرْتُكَ} [الأعراف: 12] دُونَ أَنْ يَقُولَ: إذْ أَمَرْتُك أَمْرًا يُجَابُ وَإِلْزَامُ دَلِيلٍ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ الْمُطْلَقَ لِلْوُجُوبِ، وَهُوَ الْمُدَّعِي (إذْ) لَا نِزَاعَ فِي أَنَّ الْمُقَيَّدَ بِالْقَرِينَةِ يُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِ الْإِيجَابِ مَجَازًا، وَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [النحل: 40] ذَهَبَ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ: إلَى أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ مَجَازٌ عَنْ سُرْعَةِ الْإِيجَادِ وَسُهُولَتِهِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَكَمَالِ قُدْرَتِهِ، تَمْثِيلًا لِلْغَائِبِ أَعْنِي تَأْثِيرَ قُدْرَتِهِ فِي الْمُرَادِ بِالشَّاهِدِ أَعْنِي أَمْرَ الْمُطَاعِ لِلْمُطِيعِ فِي حُصُولِ الْمَأْمُورِ بِهِ مِنْ غَيْرِ

اسم الکتاب : شرح التلويح على التوضيح المؤلف : التفتازاني    الجزء : 1  صفحة : 297
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست